تفرد تكنولوجي

00:09 صباحا
قراءة دقيقتين

في زمن لم نعد فيه نملك رفاهية الانتظار، هل نحن قادرون على مواصلة المواكبة المجنونة للتغييرات المدعومة بالتقنيات المتطورة، التي تعدنا بالكثير، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بقدراتنا المعرفية والحركية لتحولنا إلى «كائنات هجينة»، تحقيقاً لضرورات كثيرة من بينها التواصل والقوة والأمن، ورغم إمكانات الدماغ البشري «الحوسبية» الهائلة والثابتة نسبياً في آن، إلّا أنه قد لا يتمكن من القفز على الزمن الطبيعي للتطور البشري إلى «الزمن القياسي» الذي يفرضه عالم اليوم علينا.
إن التكنولوجيا المتقدمة في هذا العصر الجديد والتي تبدو في شكلها الأوّلي شبيهة بأدمغتنا، أصبحت قادرة ومن خلال تطورها المتسارع من تعزيز البشر بشكل سبق سلّمنا التطوري بمراحل، مما سيساهم في حل الكثير من المشكلات التي يعانيها الإنسان مثل مشاكل البصر، التي يتم العمل حالياً على تطوير تلسكوب مصغر يتم زرعه في العين المصابة لمعالجة أمراضها مثل «التنكس البقعي»، الأمر ذاته قد يثير الكثير من القضايا الأخلاقية والمعنوية عندما ندرك أن هناك مساعي أخرى، لاستخدام تقنيات مشابهة لمساعدة الإنسان على اكتشاف «الطيف الكهرومغناطيسي» الذي لا يمكن اكتشافه بالعين المجردة، أو تصغير وتكبير مشهد معين باستخدام عدسة معينة مزروعة بشكل دائم في العين، في محاولة للحاق بالتفرد التكنولوجي للذكاء الاصطناعي.
تحقيق مستويات أداء عالية أو خلق حواس جديدة من خلال التكنولوجيا المزروعة في الجسد، بغرض تسريع تطورنا البشري لم يعد محض خيال، ومع وجود آلات وأجهزة قادرة على التعلم السريع، ستزيد قدرتنا على حل المشكلات المختلفة ومن بينها الطبية، وهي الحلبة التي يتم فيها اختبار الكثير مثل برامج استعادة الذاكرة من خلال تقنيات مزروعة في الدماغ التالف. ولكن في سباقنا مع الآلات الخارقة التي ستنتشر عام 2047، والذكاء الاصطناعي الذي سيتفوق علينا بنسبة 50% بحلول 2060، كيف يمكننا الإمساك بعصا الحل من المنتصف؟
عندما تتحقق هذه المعجزات التكنولوجية ويتحول بعض الأشخاص إلى بشر معززين بقدرات استثنائية، لا بد أن تطرح قضايا العدالة في توزيع هذه الإمكانات، إذ لا شك أن من ستتاح لهم هذه الفرص هم الأكثر ثراء ونفوذاً، مما يعمق الفجوة الاجتماعية والاقتصادية بين البشر والمجتمعات. 
أما مدى توفر فرص العمل والحقوق القانونية لمن لا يملكون مثل هذه التحسينات التكنولوجية، فهو يدفعنا للسؤال حول تشريعات وأخلاقيات التعامل مع هذه الخطوة، مما يمثل حيرة كبيرة بالنسبة للحكومات والمؤسسات المعنية، محاصرة بالخيارات الدينية والاجتماعية للأفراد، وقبل ذلك فكرة «الروح والمشاعر» جوهر بشريتنا، وهو الأمر الذي يجب أن يكون محور كل هذا التغيير وليس العكس.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"