من الولادة إلى العمل

00:04 صباحا
قراءة دقيقتين

هل ظل في ذهنك سؤال يختلج، منذ إعلان الإمارات أن الطفل سيرعاه نظام التعليم منذ الولادة إلى دخول سوق العمل؟ لقد طافت بخيالك مشاهد غرائبية: تتخيل صفوفاً للرضّع في شهورهم الأولى. حذار الوقوع في فخ الأسطوانة القديمة، لا تقل: ماذا يفهم الطفل قبل السادسة؟ مفاهيم العلوم التربوية وبحوثها طرأت عليها تحولات جذرية، فالأساليب التقليدية والاجتهادات الفردية تجاوزها الزمن، فدروبها مسدودة.لا مجال اليوم لتجاهل إنجازات العلوم العصبية.أساساً،أعظم تحوّل تمرّ به العلوم منذ مطلع هذا القرن، هو الآفاق الجديدة في منظومة العلوم المتعلقة بفهم الدماغ البشري. يتوقع علماء كبار أن تتجاوز النتائج مفاجآت الفيزياء في مطلع القرن العشرين. يقيناً إذاً،لا تعني رعاية الطفل منذ مولده تشييد مدارس لأهل المصّاصة والرضّاعة، وإنما مدّ جسور مباشرة بين الأسرة ومؤسسات التعليم المبكّر، لدمج الأمهات والآباء في صلب العملية التربوية الحديثة.
في هذا المجال، يمكن إطلاق العنان للخيال، بحثاً عن الممكنات التطبيقية، لأن تفاصيل تنفيذ مضامين هذه التحولات التاريخية لم تعلن بعد. قد تنشئ الجهات المعنية فضائية خاصة لهذا الغرض، مع إمكانات تفاعلية غير محدودة، مثلما هو الأمر في وسائط التواصل الاجتماعي. الحلول التنفيذية كثيرة، إذا أخذنا في الحسبان ما يتيحه الرقمي والذكاء الاصطناعي، وللتقانة غداً ما لا يصدّق اليوم.
أكثرية الأسر معها حق،لا تستطع تقبّل الأمر بأريحيّة، حين يقال لها: إن مصير الطفل أهمّ من أن تترك شؤونه كلها للأبوين. القضية تشبه مقولة الزعيم الفرنسي كليمنصو: «الحرب أكبر شأناً من أن يترك أمرها للعسكريين».
يجب التسليم باستحالة أن تكون الأسر قاطبة مواكبة باقتدار مسيرة العلوم والمعارف. مثلاً: الفيلسوف التربوي الفرنسي آلن، والعالمة التربوية ماري مونتيسوري، كلاهما ارتحل في منتصف القرن الماضي، يعني أمس، مع ذلك لو قيل لهما، إن القرن الحادي والعشرين سيطل ومعه كتب للأطفال في سنّ الخامسة، تعلمهم الفيزياء، نظرية النسبية والفيزياء الفلكية، والكيمياء والأحياء، وألعاب لتركيب روبوتات تتحرك وتؤدي وظائفها، لرميا القائل بالجنون.
ألا يعني هذا أن الطفل الذي سيقود سفينة المستقبل، يحتاج إلى تربية متكاملة تؤهل يوم المولد ليوم دخول سوق العمل؟
 لزوم ما يلزم: النتيجة الحيوية: ربط التعليم بالتنمية ضرورة، لأنه لا تعليم بلا تنمية، ولا تنمية بلا تعليم.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"