عادي

حرب أوكرانيا.. هل تتوسع شرقاً؟

23:13 مساء
قراءة 4 دقائق
آثار القصف الصاروخي الروسي تظهر على مصنع ازوفستال للصلب في مدينة ماريبول (أ ف ب)

كتب - المحرر السياسي:

تتضاءل الآمال بالعودة إلى المسار الدبلوماسي في الأزمة الأوكرانية نتيجة تعدد الأصابع التي تلعب في المشهد، بينما تتعمق خطوط المحاور التي تفصل بين المعسكرين وتتسارع جهود تثبيت مواقف الدول التي تتخذ مواقف رمادية نسبياً، وكأن العالم مقبل على مواجهة شاملة قد تشمل الصين أيضاً على الرغم من تهديدات أزمة الغذاء وتشريد الملايين.

الأسبوع الماضي كان حافلاً بالتطورات؛ حيث أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي من فوق منصة دافوس عن أن الحل العسكري غير ممكن وأنه لا بد من التفاوض مع روسيا، ما يشير إلى حالة الإحباط التي تولدت لديه بعد مئة يوم من القتال المرير.

وقال زيلينسكي عبر رابط فيديو في المنتدى الاقتصادي العالمي بدافوس، «من المهم الضغط سياسياً على أي مستوى من خلال إغلاق الشركات، والحظر النفطي وأي شكل آخر؛ بحيث تستجيب موسكو للتفاوض وتبادل الجنود الأسرى».

وبينما استكملت القوات الروسية السيطرة على كامل إقليم دونباس تقريباً، تستمر المعارك المحتدمة على أكثر من جبهة تتخللها عمليات دمار كبير للمدن وخسائر بشرية؛ حيث أعلنت روسيا أن الجيش الأوكراني خسر أكثر من 25 ألف جندي خلال الحرب.

القرار أمريكي

لكن مجريات الأحداث تؤكد أن زيلينسكي لا يملك من الأمر شيئاً وأن الولايات المتحدة هي التي تضع الخطط وتنفذها وتستمر في تحشيد الدول الصديقة لغاية حددها وزير دفاعها صراحة عندما قال إن الهدف إضعاف روسيا؛ بحيث لا تفكر مستقبلاً في تكرار التجربة الأوكرانية.

على هذا الصعيد تدفع واشنطن باتجاه تسريع انضمام فنلندا والسويد إلى عضوية حلف شمال الأطلسي؛ حيث تقدمت كل منهما رسمياً بطلب الانضمام وسط أنباء عن حضور وزيري خارجيتي البلدين قمة الناتو المقررة نهاية يونيو/حزيران المقبل في مدريد. وبينما صرح وزير فرنسي أن عملية ضم أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي قد تستغرق 20 عاماً، لا يبدو أن عضوية فنلندا والسويد في الناتو سوف تستغرق أكثر من عشرين أسبوعاً.

فقد أكد أمين عام الحلف ينس ستولتنبرغ أن هناك «دعماً على نطاق واسع» من جانب الدول الأعضاء في الناتو لانضمام فنلندا والسويد كعضوين جديدين في التحالف العسكري.

تحرك بايدن

إلا أن قرارات الناتو التي تتطلب الإجماع تصطدم بمعارضة تركيا بسبب ما تصفه بدعم الدولتين لجماعات تصنفها أنقرة إرهابية، وقد أرسلت كل منهما وفداً إلى أنقرة لمناقشة مسألة الانضمام.

وفي سياق التحشيد قام الرئيس بايدن بجولة في آسيا أجرى خلالها محادثات مع زعماء الدول الأعضاء في «اللجنة الرباعية الأمنية» (كواد) في طوكيو، بينما لا تزال الخلافات مع نيودلهي قائمة حول كيفية الرد على الحرب في أوكرانيا.

وتكتسب الشراكة، التي تضم الدول الأربع، أهمية متزايدة، نظراً إلى تحرك بايدن لتعديل السياسة الخارجية للولايات المتحدة للتركيز بشكل أكبر على المنطقة ولمواجهة صعود الصين كقوة اقتصادية وأمنية، وضمان تحييدها في المواجهات الحالية أو على الأقل عدم تقديم الدعم العسكري والاقتصادي لموسكو.

وقد تعمد الرئيس بايدن الإشارة إلى أن الولايات المتحدة ستتدخل عسكرياً إذا قامت الصين بغزو تايوان، موضحاً أن عبء حماية تايوان صار ملزماً بعد الحرب الروسية على أوكرانيا.

وقد أثار بايدن غضب بكين التي اعتبرت الاجتماع محاولة لتشكيل «ناتو آسيوي» خاصة بعد أن أعربت كوريا الجنوبية عن اهتمامها بالانضمام إلى المجموعة الرباعية، على الرغم من أن المسؤولين الأمريكيين لا يفكرون في تعديل عضوية المجموعة.

وأعلن بايدن، والرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول، عزمهما توسيع التدريبات العسكرية المشتركة لردع «التهديد النووي» من كوريا الشمالية، في وقت لا يوجد فيه أمل كبير في دبلوماسية حقيقية بشأن هذه المسألة.

وتزامناً مع زيارة بايدن، وفي خطوة لها دلالاتها السياسية في الإطار ذاته، أطلقت بيونغ يانغ ثلاثة صواريخ باليستية أحدها عابر للقارات، في سلسلة تجارب أجرتها صباح الأربعاء.

وفي خطوة لافتة أكدت تنسيق المواقف بين الصين وروسيا، سيّر البلدان دوريات مشتركة قامت بها طائرات من سلاح الجو الصيني والروسي فوق المياه الإقليمية لبحر اليابان ما اعتبره المحللون رسالة واضحة إلى مجموعة «كواد».

وأياً كانت نتائج التحالفات ودرجة قوة كل طرف فإن المحللين يجمعون على أن الكل خاسر في الحرب الحالية وأن الرابح الوحيد هم تجار الأسلحة. وإذا كان الهدف الاستراتيجي من تمتين الأحلاف العسكرية هو تحقيق مكاسب اقتصادية، فمن الواضح أن ما يترتب على هذه المواجهة من خسائر يفوق كل المكاسب المتوقعة، خاصة بعد أن شلت حركة التجارة العالمية وتعطلت سلاسل التوريد وبات التهديد بأزمة جوع عالمية أمراً قائماً.

وإذا أضيف إلى ذلك نفقات استمرار تمويل آلة الحرب التي تتطلب عشرات المليارات من الدولارات؛ حيث يشير تقرير لمركز الانتعاش الاقتصادي الذي يضم مجموعة من المستشارين والخبراء الاقتصاديين في كييف إلى أن أول 23 يوماً من الحرب كلفت روسيا ما لا يقل عن 19.9 مليار دولار من الإنفاق العسكري المباشر، فإن العالم يسير باتجاه كارثة محتومة لا تنفع معها الصداقات ولا التحالفات بعد أن يصبح الجميع عاجزين عن توفير أساسيات الحياة لشعوبهم.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"