عادي
أولى تجارب «مارفل» في سينما الرعب

«دكتور سترينج 2».. فانتازيا جامحة بلا حدود ولا منطق

22:43 مساء
قراءة 5 دقائق

مارلين سلوم

عودة «دكتور سترينج» إلى السينما بعد ستة أعوام لا بد أن تكون مميزة وفيها إضافة تُرضي الجمهور الذي أحب ظهوره الأول في الفيلم الذي حمل اسمه عام 2016، وهو ما اعتمدته شركة «مارفل ستوديوز» التابعة ل«والت ديزني»، حيث قررت تقديم أول تجربة لها في أفلام الرعب، بفيلم «دكتور سترينج أند ذا مالتيفيرس أوف مادنس»، الذي يعرض في الصالات ويحقق إيرادات عالية عالمياً. وكأن التجديد في الأفلام لم يعد يعتمد على ابتكار القصص غير المستهلكة، بقدر ما أصبح التنافس بين شركات الإنتاج على من يستطيع خلط الأوراق أكثر، وها هي «مارفل» تضيف إلى السحر و«الأكشن» والخيال والفانتازيا والمغامرات، جرعة رعب لا بأس بها، فهل نجحت التجربة فعلياً وفنياً ومضموناً كما هو حال الإيرادات؟

أول ما يمكن قوله إنك لا تحتاج إلى مشاهدة الجزء الأول من «دكتور سترينج» كي تفهم ما يحصل في الجزء الثاني «الأكوان المتعددة من الجنون»، فالأحداث تبدو مرتبطة بمجموعة أفلام أخرى غير «دكتور سترينج» نفسه، فيه تشعر بأنك أمام تكملة لأفلام سبق أن رأيتها مثل «أفنجرز: أندجايم» و«سبايدرمان: نو واي هوم»، ومسلسلات تلفزيونية جديدة «واندافيجن» و«لوكي» (إنتاج مارفل طبعاً ويعرضان على «ديزني+»). أبطال وشخصيات خارقة، وهذه المرة تتخطى «مارفل» فكرة الانتقال عبر الزمن، مرة بالعودة إلى الماضي ومرة بالقفز إلى المستقبل، فتقدم شخصية جديدة أمريكا شافيز (زوتشيتل جوميز) الشابة التي تحمل قدرة خاصة على الانتقال عبر الأكوان المتعددة، و«الجنون» في القصة التي كتبها مايكل والدرون أن البطل دكتور ستيفن سترينج (بنديكت كومبرباتش) يجد نفسه في كل تلك الأكوان التي تنقله إليها أمريكا في رحلة إنقاذه لها، وفي كل كون يواجه ستيفن مصيراً مختلفاً، حتى إنه وجد جثته ميتاً ومشوهاً فدفن نفسه!

مزايدات إنتاجية

في هذه الأفلام عليك أن تتقبل أي خزعبلات وشعوذات وخرافات وسحر يمر أمامك، من أجل عيون «الأكشن» والفانتازيا والخيال الذي لم يعد له حدود ولا منطق، مجرد مزايدات بين شركات الإنتاج لتقديم الأقوى والأبطال الخارقين والمغامرات والضرب والقتل والمعارك، مغلفة ببهارات الأبعاد والتقنيات الحديثة والمؤثرات التي يجيد مخرج هذا الفيلم سام رايمي استخدامها ببراعة، وله تجارب سابقة ناجحة في ذلك (داركمان، سبايدرمان الجزأين الأول والثاني أرمي أوف داركنس وغيرها)، ما ساعد في إنجاح الفيلم؛ بل هو نقطة الارتكاز الأولى التي جعلت الفيلم مقبولاً سينمائياً وناجحاً بنظر هواة المغامرات وأبطال «مارفل» الخارقين.

إذن القصة باختصار تدور حول الطبيب جراح الأعصاب ستيفن سترينج الذي عرفنا من الجزء الأول أنه تحوّل من طبيب إلى رجل ذي قدرات خارقة، يحضر حفل زفاف حبيبته السابقة كريستين بالمر (راشيل ماك آدامز)، فإذا بأخطبوط يطارد فتاة ويريد اختطافها مُحدثاً فوضى مخيفة في الشوارع، فكان من الطبيعي أن يسرع ستيفن لإنقاذها. هذه الفتاة هي أمريكا التي مرت ب73 «كوناً»، وكل الأكوان فيها بشر مثلنا وشخصيات تتكرر بنفس الأسماء لكن بتصرفات ومشاعر مختلفة!، وهي تهرب الآن من أحدهم لم تعرف بعد من يكون، وإنما تعرف جيداً أنه يريد أن يسلبها قدراتها الخارقة في التنقل عبر الأكوان والأجيال. يقصد ستيفن صديقته واندا (إليزابيث أولسن) التي ما تزال تترنح من فقدان أطفالها (في نهاية مسلسل «واندافيجن» على «ديزني +»)، ويكتشف أنها متأثرة بتعويذة الشر وتملك كتاب راكهولد الذي لجأت إليه من أجل استعادة أطفالها. يفهم ستيفن أنها تلاحق أمريكا كي تتمكن من ترك هذا الواقع، وتنتقل عبر الأجيال والأكوان كي تكون مع أطفالها إلى الأبد، ولكي تحقق ذلك عليها أن تسلب كل طاقات الفتاة فتقضي عليها، والمشكلة أنها بذلك ستتمكن من «استعباد الأكوان المتعددة»، غريب كيف تلغي تلك الأفلام وجود خالق الكون، وتُفبرك قصصاً بعيدة كل البعد عن الله والوجود والإيمان.

طبعاً يقرر دكتور سترينج إنقاذ الفتاة والكون من الروح الشريرة التي تسيطر على واندا أو الساحرة القرمزية، كما يسمونها، ولن يتحقق ذلك بسهولة؛ إذ لطالما استولت على كتاب الشر والتعويذات داركهولد واستولى عليها، فلن يستطيع الانتصار عليها إلا بمساعدة زملائه وبالحصول على كتاب فيشانتي الموجود في الفضاء بين الأكوان، ووحده يتمكن سترينج من مقاتلة الساحرة القرمزية بقوة.

ظهور جديد

موردو (شيويتل إيجيوفور) الذي حاول قتل دكتور سترينج سابقاً يظهر مجدداً، ويظهر «المتنورون» كضيوف شرف: كابتن مارفل (لاشانا لينش) وكابتن كارتر (هايلي أتويل) وبروفيسور تشارلز كزافييه (باتريك ستيوارت)، وبلاك بولت (أنسون ماونت).. يريدون محاكمة دكتور سترينج على غدره بهم في السابق، فيدور بينهم جدل ينتهي بدخول الساحرة القرمزية، والقضاء عليهم باستثناء سترينج الذي تمكن من الهرب.

المخرج سام رايمي يبرع في المعارك بين القوى الخارقة، كما يبرع في لمسة الرعب الجديدة، حيث يقدم بنديكت كامبرباتش بأكثر من شكل وأغرب تلك الأشكال حين يقدّمه مشوّهاً من الموت ليحارب الساحرة ثم يعود جثة، وهذا الدكتور سترينج مات في زمن وكون آخر، ولن نحرق ما تبقى من الفيلم ونهايته. من هنا يمكن القول إن الإخراج هو البطل الرئيسي والأهم في الفيلم، القصة مبنية على رصّ أحداث غريبة لامنطقية ولاواقعية، بينما الأداء في هذه النوعية من الأفلام يعتمد على التصوير والمؤثرات والماكياج أكثر من اعتماده على قدرات الأبطال في التمثيل، لكن على الرغم من ذلك تألق بنديكت كومبرباتش كعادته في دور الدكتور غريب الأطوار، والشابة زوتشيل جوميز قريبة من القلب يتعاطف معها الجمهور ويصدّقها، وإليزابيث أولسن مؤثرة بدوري واندا الأم لطفلين والساحرة القرمزية، تجيد التقلب بين الشر والبراءة فتلعب على مشاعر من يصادفها والجمهور أيضاً.

مشهد متكرر

نتقبل خرافات وخزعبلات السينما، لأنها جزء من خيال صنّاع «الفن السابع»، لكننا لا نفهم ولا نستوعب سبب إقحام مشهد واحد على الأقل في كل الأفلام الأجنبية الجديدة أياً كانت نوعيتها، وبلا أي داعٍ درامي، إقحام مشهد لشخصيتين من الشواذ حتى ولو مرا مروراً سريعاً، لكنه لا بد أن يكون مؤثراً، كي يتعاطف معهما الجمهور ويتقبلهما.

وفي «دكتور سترينج أند ذا مالتيفيرس أوف مادنس» نفاجأ بظهور والدتين للفتاة أمريكا، في مشهد تبدو فيه الأسرة والحياة سعيدة وهانئة، لولا حصول شيء مفاجئ، يتسبب في مقتل الوالدتين. ما الفائدة من ذلك غير إرغام الملايين حول العالم على تقبّل هذا الشذوذ واعتباره مع كثرة تكراره أمراً طبيعياً، ويبدأ الشباب والأطفال بالسير على خطاه؟ ما الضرر لو كان لأمريكا أم وأب؟ ألن يكون مشهداً سليماً وصحياً ولا يؤذي المشاعر والأخلاق ولا يستفز الملايين من الأسوياء؟
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"