هذا أوان حسم التبسيط

00:04 صباحا
قراءة دقيقتين

هل تستطيع أن تحدس ما هو نصيب العربية من التحوّل التاريخي في نظام التعليم الإماراتي؟ الكل مشتاق إلى مفاجآت الحلول المبتكرة، ولكن وزارة التربية لا يذاع لها سرّ. لم ينبلج فجر تبسيط القواعد قط منذ ألف سنة، والفرصة سانحة في الإمارات بدلائل عدّة. الأمر الحاسم هو قرار إعادة هيكلة قطاع التعليم، وقوة التأسيس على التعليم المبكّر، الذي صيغ بشعريّة: «منذ يوم ميلاد الطفل»، ينتهي التعليم المبكّر في الثامنة، لتبدأ المراحل التي ختامها سوق العمل. العربية لن تكون مستثناة من جدول التطوير. لن يكون التأجيل مبرّراً.

شأن آخر ذو أهمية، فرصة الإمارات فيه ذهبيّة. صحيح أن العربية لسان اثنين وعشرين بلداً، ولكن اتحاد مجامع اللغة العربية هو السلطة التشريعية اللغوية، التي تمثّل كل العرب وتنوب عنهم في كل ما يتعلّق بحاضر «الضاد» ومستقبلها. التجربة التاريخية أمامنا. لقد ظل مشروع المعجم التاريخي للغة العربية يتعثر، منذ دعوة المستشرق الألماني أوجست فيشر سنة 1907 إلى إنشائه، وكانت العقبات ألواناً: مالية، إدارية، غياب إرادة.. إلى سنة 2016 حين قرّر صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، تأسيس مجمع اللغة العربية في الشارقة، وتحقيق حلم العربية بإطلاق مشروع «المعجم التاريخي للغة العربية».

الإرادة والإدارة جعلتا اتحاد مجامع اللغة يعمل صفاً واحداً بلا هوادة. 

عجباً، من 1932 تأسيس المجمع بالقاهرة، والمعجم التاريخي نائم، لكن من 2016 إلى اليوم، صدر 17 مجلداً! الآن المسؤولية أمانة. سبق للقلم اقتراح مدّ جسر بين وزارة التربية والتعليم، وبين اتحاد مجامع العربية، عبر مجمع الشارقة، لحسم معضلة التبسيط التي نادى بها الجاحظ، وشنّ لأجلها ابن مضاء حرباً على النحاة، ودعا ابن رشد إلى «الضروري في صناعة النحو»، إلى شوقي ضيف وغيره من المعاصرين.

علماء لغتنا في أيديهم مقاليد التشريع اللغوي، وهم يقيناً محيطون بمواطن التبسيط شعرة شعرة، فالمتوقع من الأفاضل ألا يؤجلوا عمل القرون الخالية إلى القرون التالية. نحن نخشى على قواعد العربية الجمود والركود، فلغتنا الجميلة همومها الحضارية حاضراً كثيرة، فهي لا حاضرة ولا ناظرة في مئات التخصصات العلمية والتقانية، لغياب تعريب العلوم وإنتاجها، لتخلف التنمية في جلّ العالم العربي. فأضعف الإيمان أن يسهل على ذويها تعلّمها.

لزوم ما يلزم: النتيجة العجبيّة: الجاحظ وابن مضاء وابن رشد ليسوا أحوج منّا إلى ضرورة التبسيط. الإمارات لها.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"