حوار الكوبيين المتعثر

00:34 صباحا
قراءة دقيقتين

على غرار ملفات التحديث الاقتصادي والإصلاح الاجتماعي والسياسي، فإن الحوار الوطني بين الحكومة والمعارضة في كوبا يواجه تحديات كبيرة ولا تظهر له مؤشرات نجاح في المستقبل المنظور، بينما تعيش الجزيرة أزمة ثقة متعددة الأشكال والمظاهر، وتعصف بها المشكلات.
 وتواجه كوبا صعوبات اقتصادية كبيرة بسبب تداعيات الجائحة من جهة، والحصار الأمريكي طويل الأمد من ناحية أخرى، كما تشهد وضعاً سياسياً آخذاً بالاهتزاز، وهوّة عميقة في الثقة بين السلطة الشيوعية العتيقة وتيارات المعارضة الشبابية الحديثة التي بدأت بالظهور على سطح الحياة السياسية والاجتماعية، ليس من المنافي التي يعيش فيها الكوبيون في البلاد الأخرى، ولكن في داخل أرض الجزيرة بالذات.
 وعبّرت هذه التيارات المعارضة عن نفسها في موجة تظاهرات احتجاج نادرة شهدتها العاصمة هافانا، وعدة مدن أخرى، رفع خلالها المتظاهرون شعارات تطالب بالحرية والتغيير. وعلى الرغم من أن حكومة الرئيس ميغيل دياز كانيل واجهت الاحتجاجات بالقوة، واستخدمت القاموس القديم لوصف المتظاهرين ب«المرتزقة» الذين تستأجرهم الولايات المتحدة، وطالبت من أسمتهم بالثوريين بالخروج إلى الشوارع والقتال، إلا أنها تبنت نهجاً واقعياً بعد ذلك. وقال الرئيس الكوبي إنه ينبغي «القيام بتحليل موضوعي»، وإن «الانتقادات لا بد منها».
 وبدأت السلطات الكوبية رعاية سلسلة اجتماعات مفتوحة بين قطاعات مختلفة، بينها طلاب ورجال دين وفنانين والرئيس كانيل، وذكرت السلطات أن الاجتماعات المفتوحة التي انطوت على قدر من الانتقادات للأداء الحكومي، تمهد لحوار وطني شامل. لكن هذه اللقاءات كانت عبارة عن «حوار طرشان»، لأن المشاركين فيها كانوا من مؤيدي السلطة، ولم تضم أي أصوات معارضة.
 ويقول مراقبون إن الرئيس الكوبي حاول اقتباس تجربة حليفه الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، الذي عقد مفاوضات مع المعارضة في مسعى لإنهاء الانقسام السياسي في بلاده.
 ويعتبر مراقبون أن ما تقوم به الحكومة الكوبية هو خطوة صغيرة في طريق طويل لإقامة حوار متكافئ. ومن بين هؤلاء رجل القانون والكاتب خوليو سيزار غوانتشه، الذي يؤكد وجود قنوات حوار فعلية في المحاولة الرسمية. لكنه يقول إنها يجب أن تشمل أيضاً قطاعات لديها خلافات حقيقية مع سياسة الدولة.
 إن التغيير في مسيرة الحكومات والشعوب قدر حتمي. وقد يجيء التغيير من خلال استفحال الأزمات ورؤية الآفاق الضيقة التي تتجه إليها الأمور وبوادر الكارثة. 
 والمثال على ذلك ما حدث في الاتحاد السوفييتي السابق. كما يمكن أن يحدث التغيير بسبب البيئة السياسية والاجتماعية المحيطة وتصادم التيارات الناشطة واختلاف الرؤى والفلسفات. ورجال الدولة الأذكياء هم القادرون على الإمساك باللحظة التاريخية والاعتراف بالحقائق، وقيادة مسيرة التغيير نحو غايات تخدم مصالح الدول وشعوبها.
 وفي العام الماضي، عبّر الكاتب الصحفي المعارض بابلو باتشيكو من منفاه في إسبانيا، عن اعتقاده بأن راؤول كاسترو يمكن أن يكون رجل التغيير، وأملاً في تحقيق ما يحلم به الشعب الكوبي. لكن راؤول تنازل عن السلطة وبقي الأمل معلقاً باستجابة الرئيس الحالي كانيل.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"