ما ورائيات أناشيد الأطفال

00:04 صباحا
قراءة دقيقتين

هل ستنطلق المناهج المطوّرة بين عشيّة وضحاها؟ إذاً للرأي مجال، فالانطلاق الأقرب في سبتمبر. أعان الله المشرفين على التعليم، فليس يسيراً التخطيط لاثنتين وعشرين سنة. ألمْ تعدنا إعادة هيكلة قطاع التعليم برعاية الطفل من يوم مولده؟ بلى. طريف أن تكون للرضيع في عامه الأول عطلة صيفية.
هذا موضوع مهمّ، زمانه المناسب التعليم المبكّر في الحضانة، إن لم يتيسّر ما قبلها. العنوان: الكلام الموزون في الأناشيد وغيرها. لقد حدث خلط في الأدب والنقد في أذهان الحداثويين الذين توهموا أن إيقاع البحور تجاوزه الزمن. الانخداع الأول أنهم قاسوه على الحواسيب اللوحية التي تجاوزت الخط على الجلود والألواح الخشبية. رأوه كعصر اختراع العجلة إذا قورن بالسيارات اليوم. 
الانخداع الأخطر مأساة ناجمة عن عدم الإلمام بما بين الموسيقى والعلوم من صلات: الرياضيات، الفيزياء، الكيمياء، العلوم العصبية وعلوم أخرى. نعم. لهذه العلوم كلها أدوار بطولية على مسرح الدماغ، حين يردد الطفل الأناشيد أو يستمع الموسيقى. كذلك الكبار طبعاً. أمّا ممارسة الموسيقى فآثارها أكبر.
يقيناً، لا وجود لأيّ نشاط بشريّ يُفعّل في آنٍ مناطق دماغية بقدر ما تفعل الموسيقى. يغيب عن الأذهان أن الموسيقى وسيلة تواصل وأمان، وإلاّ فما معنى الهدهدات والأهازيج والترانيم التي تهدّئ بها الأم روع وليدها؟ كيميائياً، تؤدي الموسيقى إلى إفراز الدوبامين؛ هورمون الطمأنينة والسعادة. تلعب الموسيقى دوراً في المرونة الدماغية، توسيع القشرة المخيّة. الطفل الذي يسمع الموسيقى ويمارسها، يتعلم اللغات أسرع وأفضل من غيره، وحتى حين يكون في الثلاثين فصاعداً، يتعلم اللغات الأجنبية بأقل عناء ممّن سواه. للموسيقى تأثير كبير في أداء الذاكرة، فالموسيقى أرشيف مشاعر. في الكبر تقي من الزهايمر، أو تؤخّره. أثبتت الاختبارات أن الموسيقى تعزز قدرات الطفل في تعلم الرياضيات. الإيقاع أصلاً رياضيات، فتعريفه: تقسيم الزمن إلى وحدات.
من المعيب علمياً أن يتوهم مثقف أن تنشئة الطفل، منذ الولادة، على الأناشيد والكلام الموزون، ووقفات القوافي، أسلوب بالٍ قديم. في بريطانيا يطبّقون هذا في الحضانة. يقول الفيلسوف التربوي الفرنسي آلن: «أسمعوه موسيقى بيتهوفن وشعر بودلير في المهد». ونقول: «أسمعوه كل موسيقى رفيعة جادّة، وحلاوة القرآن في المهد». كيف أوصى كونفوشيوس بتعليم الطفل: الخط والرسم والموسيقى والشطرنج في الرابعة؟ كلها ترسّخ التركيز.
لزوم ما يلزم: النتيجة الصيدلانية: الموسيقى توصل مزيداً من الكالسيوم إلى الدماغ، فينتج مزيداً من الدوبامين: سعادة أكثر وضغط دم أقل!
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"