عادي

عذب الكلام

23:45 مساء
قراءة 3 دقائق

إعداد: فوّاز الشعّار

لُغتنا العربيةُ، يُسر لا عُسرَ فيها، تتميّز بجمالياتٍ لا حدودَ لها ومفرداتٍ عَذْبةٍ تُخاطب العقلَ والوجدانَ، لتُمتعَ القارئ والمستمعَ، تُحرّك الخيالَ لتحلّقَ بهِ في سَماءِ الفكر المفتوحة على فضاءات مُرصّعةٍ بِدُرَرِ الفِكر والمعرفة. وإيماناً من «الخليج» بدور اللغة العربية الرئيس، في بناء ذائقةٍ ثقافيةٍ رفيعةٍ، نَنْشرُ زاوية أسبوعية تضيءُ على بعضِ أسرارِ لغةِ الضّادِ السّاحِرةِ.

في رحاب أم اللغات

التفسير في البلاغة، أن تذكر جملةً، فلا تَزيد فيها ولا تُنْقص منها، ولا تُخالف بينها؛ كقولِ أسامةَ بنِ مُنقذ:

أبداً أُواصِلُه ويَهجْرُ عامِداً

ومِنَ العَنَاءِ وِدادُ مَنْ لَمْ يُنْصِفِ

يَسْتَعْذِبُ القَلْبُ العَليلُ عَذابَهُ

وَاهاً لَهُ لَوْ أنّهُ لَمْ يُسْرِفِ

وقولِ عُبَيْد بنِ أيّوب:

أَسِجْناً وَقَيْداً وَاغْتِراباً وَفُرقَةً

وَذِكْرى حَبيبٍ إِنّ ذا لَعظيمُ

وَإِنَّ اِمْرأً دامَتْ مَواثيقُ عَهْدِهِ

عَلى مِثْلِ ما لا قَيتُهُ لَكَريمُ

دُرر النّظم والنّثر

من «مجالس الأدباء»: «الْعَدْلُ حَارِسُ الْمُلْك، ومُدَبّرُ فَلَكِ الْفُلْك، وغَيْثُ الْبِلَاد، وَغَوْثُ الْعِبَاد، وخِصْبُ الزَّمَان، ومَظنَّةُ الْأَمَان، وكَبْتُ الْحَاسِد، وصَلَاحُ الْفَاسِد، ومَلْجَأ الْحَائِر ومُرْشِدُ السَّائِر، وَنَاصِرُ الْمَظْلُوم ومُجيبُ السَّائِل والْمَحْرُوم. بِهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوب، وَتَنْجَلِي غَيَاهِبُ الْكُرُوب، ويُرْغَمُ أَنْفُ الشَّيْطَانِ، وَتَرْتَفِع بقَوَاعِدُ السُّلْطَان. عَلَيْهِ مَدَارُ السِّياسَة، وَهُوَ مُغْنٍ عَنِ النّجْدَة والحَماسة:

عَنِ الْعَدْلِ لا تَعْدِلْ وكُنْ مُتَيَقّظاً

وحُكْمُكَ بَيْنَ النَّاسِ فليكُ بِالْقِسْطِ

وبالرفق عَامِلْهُمْ وَأَحْسِنْ إلَيْهِمُ

ولَا تُبْدلَنْ وَجْهَ الرِّضَا مِنْكَ بالسُّخْطِ

وإِيَّاك والظُّلْمَ فَإِنَّهُ ظُلْمَة، ودَاعٍ إلى تَغْيِيرِ النِّعْمَة وتَعْجِيل النِّقْمَة. يُقَرِّبُ الْمِحَنْ وَيُسَبِّب الإِحَنْ، وَيُخْلي الدِّيَار، ويَمْحَق الْأَعْمَار، ويُعْفِي الْآثَار، ويُوجِب الْمَثْوَى في النَّارِ، ويُنْقِصُ الْعَدَد، وَيُسَرِّعُ يُتْمَ الْوَلَد، ويُذْهِب الْمال، ويُتْعِب الْبَال، ويَجْلِب الْعِقَاب، ويَضْرِب الرِّقَاب، وَيَقُصُّ الْجَنَاح، ويَخُصُّ بِالْإِثْم والْجنَاح، والْمَظْلُوم أَنْفَاسُهُ مُتَعَلِّقَةٌ بالسَّحَاب، وَدَعْوَتُهُ لَيْسَ بَيْنَها وبَيْنَ اللَّهِ حِجَاب. وَأَيْقَظ عُيُونَ حَزْمِك وَشَيِّدْ مَبَانِي عَزْمِك، واحْتِمْ بِالاحْتِمَال، فَهُو أنْصَرُ لَكَ مِنَ الرِّجَالِ».

من أسرار العربية

بَنات في اللغة: بِنْتُ الشَّفَةِ: الكَلِمَةُ. بِنْتُ الْعَيْن: الدَّمْعَةُ. بِنْتُ الْعَقْل: الفِكْرَةُ. بِنْتُ الْيَمن: الْقَهْوةُ. بِنْتُ الأرْض: الْحَصاةُ. بِنْتُ الْيَمّ: السَّفينَةُ. بَناتُ الْفِكْرِ: الرَّأي، أو الشِّعْرُ. بَناتُ النّفْسِ: الْوَساوِسُ. بَناتُ البُطونِ: الأمْعاءُ. بَناتُ الْخُدور: الْعَذارى. بَناتُ الصُّدور: الْهُمومُ. بِنْتُ الدَّهْر: الشِّدّة والْمُصيبةُ، وترد أيضاً جمعاً: بَناتُ الدَّهْرِ: الشَّدائدُ. يقول أبو الطيّب، عندما دَهمته الحمّى:

أبِنْتَ الدّهْرِ عِندي كُلُّ بِنْتٍ

فكَيْفَ وَصَلْتِ أنتِ منَ الزّحامِ

أبْناء: ابْنُ اللّيْل: اللِّصُّ. ابْنُ السَّبيل: الْعابِرُ. ابْنُ الْغَبْراء: الْفَقيرُ. ابْنُ الطّودِ: الْجُلْمودُ. ابْنُ الْحَرْب: الشُّجاع. ابْنُ بَطْنِهِ: الشَّرِهُ. ابْنُ اللّيالي: الْقَمَرُ. ابْنُ الْغِمْدِ: السَّيْفُ.

آباء: أبو الفَضائل: الْعِلْمُ. أبو الرّذائل: الْجَهْلُ. أبو الفنون: الْمَسْرَحُ. أبو الأشْبال: الأسَدُ.

أمَّهاتُ: أمُّ الكِتابِ: الفَاتِحَة. أمّ القُرى: مَكّةُ. أمّ النّدامةِ: الْعَجَلةُ. أمُّ الطّعام: الْحِنْطَةُ. أمُّ قَشْعَم: الْمَنِيّة.

هفوة وتصويب

ترد كثيراً هذه العبارةُ «تَشْكو الأمُّ مِنْ عَناءِ العملِ وتربيةِ الأطفالِ»؛ وهي خَطأٌ، والصَّوابُ:«تشكو الأمُّ عناءَ العملِ وتربيةَ الأطفالِ» لأنّ «شَكا» يتعدّى بنفسه، ولا يليه أي حرف؛ يقولُ الفرزدقُ:

إلى اللّهِ أشْكو بِالمدينَةِ حاجةً

وبالشَّامِ أُخْرى كَيْفَ تَلْتَقيانِ

ويخاطب أحدُهُم صديقَه قائلاً «أنا مُتَلَهِّفٌ لرؤيتك».. وهي خطأ والصّوابُ: «أنا مُشتاقٌ إلى رؤيتِكَ». لأنَّ التّلَهُّفَ منَ اللَّهْفِ واللَّهَفِ، وهو الأَسى والحُزنُ والغَيْظُ؛ ويقولون: يا لَهْفَ فلان: كلمةٌ يتحسَّر بها على ما فات، قال مُتمِّم بنُ نُوَيْرةَ:

يا لَهْفَ مِنْ عَرْفاءَ ذاتِ فَلِيْلَةٍ

جاءتْ إلَيَّ على ثَلاثٍ تَخْمَعُ

من حكم العرب

إنَّ العُلَى حدَّثَتِْني وهي صادقةٌ

في ما تُحدِّثُ أنَّ العزَّ في النُقَلِ

لو أنَّ في شَرَفِ المأوى بلوغَ مُنَىً

لَمْ تَبْرحِ الشَّمْسُ يوماً دارةَ الحَمَلِ

البيتان للطّغرائي، يؤكدُ فيهما أنّ العِزّ في النّقل من مَكان إلى مَكان، وضرورة اغْتِراب الساكن من مكانهِ إلى مكانٍ آخر يلائمُه، وينالُ فيه المعالي. وحثّ على الحركة، ومعرفةِ أماكنَ أخرى، فلو أنّ المقام في المكان نفسهِ، يُبْلغ المُنى ما بَرَحت الشمس دارة الحمل؛ لأنّها في هذا البرج في غاية الشرف، وهذا تمثيلٌ بديع. 

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"