اقتصاد أمريكا وريادة الأعمال

21:59 مساء
قراءة 3 دقائق

د. عبدالعظيم حنفي *
تركز دراسات اقتصادية معمقة مهتمة بالنمو الاقتصادي الذكي على أن فشل النظم المنتخبة ديمقراطياً في أنحاء مختلفة من العالم في دفع النمو الاقتصادي إلى الأمام، ينبغي أن يدعو صناع القرار في الولايات المتحدة الذين سعوا إلى جعل تعزيز الديمقراطية الهدف الأهم للسياسة الخارجية الأمريكية، كما تدعو صناع القرار الأمريكيين إلى فترة من التفكير المتأمل فلم يعد واضحاً فقط، أن الانتخابات الحرة وحدها غير كافية لإنتاج حكم ديمقراطي حقاً، من حيث قائمة الأرباح والخسائر بمختلف فروعها، فقد أتت الانتخابات إلى السلطة بأفراد ذوى التزام ضعيف، أو غير ملتزمين على الإطلاق بتشجيع الحرية الاقتصادية والاستقلال، ما يدعو بالتأكيد إلى مراجعة أهداف السياسة الخارجية، باتجاه سياسة تتمسك برؤية أوسع للديمقراطية تتجاوز مجرد إجراء الانتخابات العادلة، وتتضمن إيضاح تعزيز قطاع الأعمال الريادية، لأن ريادية الأعمال ليست أساسية فحسب لتحقيق النمو في الاقتصادات الأخرى ولفائدة السكان المحليين، فهي على الأرجح أيضاً تولد الاتجاهات العامة الصديقة – أو كحد أدنى الأقل عداوة – للاقتصادات الأغنى، كما أن رواد الأعمال والمستخدمين لديهم الذين يحتاجون إلى الاستفادة من المعدات الرأسمالية والتكنولوجيا والمعرفة الفنية الحديثة التي توفرها الشركات الأمريكية وغيرها من شركات البلدان المتقدمة، عبر التجارة والاستثمار الأجنبي، ومن المرجح أن ينظروا إلى مورديهم والمستثمرين والشركاء التجاريين نظرة أفضل وبدرجة كبيرة من نظرة المديرين في الشركات المملوكة للدولة، والمدينين بمناصبهم للقادة الذين يشغلون المعارضة القومية للشركات الأجنبية وحكومتها للشركات الأجنبية وحكومتها كطريقة لصرف أنظار الناخبين عن أوضاعهم الاقتصادية السيئة.
ولاحظت تلك الدراسات الأمريكية أن الدليل الإرشادي للسياسة الخارجية التقليدية يحتوي على عصا العقوبات أكثر من الجزرات، ومن الثابت تماماً أن العقوبات لا تكون فعالة من دون تأييد واسع وهو ما لا يتوافر في غالب الحالات.
وهناك عصا أخرى في السياسة الخارجية أقصر من عصا العقوبات وهي «الشروط» التي يفرضها صندوق النقد الدولي في العادة على القروض التي يمنحها للبلدان المقترضة منه أي تلك الاشتراطات التي يجب أن يفي بها المقترضون قبل الحصول على القرض وبالتأكيد فإن الكثير من الاقتصادات الاوليجاركية قد اقترضت، ولا تزال تحصل على قروض من الصندوق، ومن ثم من المتصور - من حيث المبدأ  أنه بإمكان صندوق النقد الدولي أن يشترط في قروضه المستقبلية اتخاذ نوع من التدابير من أجل تعزيز ريادية الأعمال ولكن سجل الصندوق في فرض الشروط في الماضي يعتبر مختلطاً في أحسن الأحوال وفوق هذا، حدث فيما يظهر في أعقاب النقد القوى الذي تعرض له صندوق النقد الدولي أثناء وبعد الأزمة المالية الآسيوية، بسبب الشروط التفصيلية الكثيرة التي يفرضها على القروض، أن عاد الصندوق إلى تركيزه التقليدي على الشروط المتعلقة بسياسات الاقتصاد الكلي، أي السياسات المتعلقة بالمجالين المالي والنقدي، وليس من المرجح أن يفرض المديرون القوميون للصندوق مثل تلك الشروط المفصلة في أي وقت قريب، بيد أنهم سيتخذون الموقف الدفاعي باعتباره طريقة لتشجيع النمو طويل الأجل، ويرون أن هناك طريقاً واحداً يمكن للولايات المتحدة  بشكل خاص - انتهاجه من أجل تعزيز ريادية الأعمال ولتوليد التأييد الشعبي له في الدول الأخرى بمرور الوقت، وهو رعاية ما يماثل منح (فولبرايت ) الدراسية والتدريبية لطلاب الجامعات والخريجين حديثاً، كي يأتوا إلى الولايات المتحدة، ويحصلوا على تدريب عملي في ريادية الأعمال بجامعة أمريكية مرموقة، ثم يخدمون كمتدربين في شركات ذات طابع ريادي ومن الممكن إتاحة البرنامج للأجانب من البلدان النامية المقيمين بالولايات المتحدة، من خلال جهود خاصة وتوسيع البرنامج لتشمل بلدان أمريكا اللاتينية وإفريقيا والشرق الأوسط العربي، وترى تلك الدراسات أن تعرف أعداداً متزايدة من رواد الأعمال المحتملين والمتسمين بالحساسية على طرق القيام بالأعمال، خاصة بدء وتنمية عمل ما، لن يؤدى إلى نقل معرفة مفيدة فحسب، وإنما سیزرع أيضاً تقديراً للجهود الريادية، والشروط القانونية والمؤسسية وغيرها من الشروط التي توفر بيئة مواتية لازدهار ريادية الأعمال.
* أكاديمي مصري

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

​كاتب مصري - أستاذ للعلوم السياسية والاقتصادية

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"