عادي
الوضع في الدولة مطمئن.. والوقاية ضرورية وأساسية

جدري القرود.. وباء جديد يربك العالم

00:47 صباحا
قراءة 7 دقائق

تحقيق: إيمان عبد الله آل علي
لم يكد العالم يطوِي صفحة «كورونا» كاملة، لينطلق من جديد، ويحيا حياة طبيعية، من دون كمامات، حتى أطل على وباء من نوع مختلف، هو مرض جدري القرود. ورغم إعلان وزارة الصحة ووقاية المجتمع عن رصد أول حالة في الدولة، إلا أن الوضع مطمئن. وأكد عدد من الأطباء ضرورة التوعية بالمرض، والتوجيه بالوقاية منه، واتباع الإجراءات الاحترازية، للتصدي للوباء.

وتنصح الجهات الصحية بتعزيز المراقبة خلال استزراع العيّنات المخبرية المطلوبة لجميع الحالات التي تظهر عليها الأعراض، لكشف المصادر المحتملة للعدوى. كما أوصت بالتبليغ الفوري عن الحالات المؤكدة مخبرياً لقسم الطب الوقائي، وعزلها في المنشآت الصحية، ومتابعة المخالطين من أفراد الأسرة وغيرهم من الشركاء المقربين، للكشف عن الحالات الثانوية في الوقت المناسب، ومنع المزيد من الانتشار.

وجهت وزارة الصحة ووقاية المجتمع، النصائح التي تقي من الإصابة، ومنها تجنب ممارسة الجنس غير الآمن؛ حيث أكدت التقارير الدولية أن الحالات المسجلة ارتبطت بالممارسات الجنسية الشاذة، وارتداء القفازات ومعدات الحماية عند الاعتناء بالمرضى، والاقتراب من الحيوانات المريضة، وغسل اليدين بانتظام، وطهي كل المنتجات الحيوانية قبل أكلها.

نطمئن المجتمع

وأكد د.عادل السجواني، أخصائي طب أسرة في «مستشفى فقيه الجامعي»، أن «جدري القرود» فيروس قديم اكتشف في السبعينات؛ حيث انتقل بداية من القردة إلى البشر. وعلى الرغم من صعوبة انتقاله بين البشر، ظهرت حالات جديدة في أوروبا، لأناسٍ لم يكونوا في إفريقيا، ولم يحتكوا بالقردة وهو أمر يدعو إلى القلق، واكتشف لأول مرة بين مجتمعات المثليين، لكن لا يوجد دليل حاسم على أن المرض جنسي، أو ينتقل عن طريق الاتصال الجنسي. فقد يكون ذلك من قبيل المصادفة، ويحتاج الموضوع إلى دراسات أوسع.

وقال: يوجد نوعان من الفيروس، الأول تصل نسبة الوفاة به إلى 10%، أما الثاني فلا تزيد على 1%. ولحسن الحظ، أن النوع المنتشر حالياً، هو الثاني، وإلى الآن لم يؤكد حصول أي وفيات ناتجة عن الفيروس، وأعراض المرض مشابهة لأعراض الإنفلونزا، بما في ذلك الحمى، ثم يتطور إلى طفح جلدي في كل أنحاء الجسم، بما في ذلك الوجه والأعضاء التناسلية، ويمكن علاجه ذاتياً. وقد عولجت معظم الحالات المصابة من دون أي تدخل طبي.

وأضاف: نطمئن المجتمع ونقول لهم: لا تخافوا. فبعد الجائحة العالمية، أصبحنا اليوم أكثر وعياً وحرصاً. والحمد لله لدينا نظام رعاية صحية قوي ومتمكن، سيساعدنا على محاربة المرض والقضاء عليه. ولحماية أنفسنا علينا الوقاية، والعزلة عن الحالات المؤكدة، وغسل اليدين والأسطح والتعقيم باستمرار، لتجنب الإصابة.

الصورة

تدريب الكوادر على تقصي المرض

أكد د.ريتشارد كينيدي، أستاذ الطب والمدير المشارك لمجموعة أبحاث اللقاحات في «مايو كلينيك» أن الفيروس ينتشر عن طريق لدغات أو خدوش أو حتى ملامسة جلد حيوان مصاب. ومن المعروف أيضاً أن تحضير أو أكل لحوم الطرائد ينقل الفيروس. يمكن أن يحدث الانتقال بين البشر بالاتصال المباشر بجلد مصاب أو قطرات تنفسية كبيرة، أو ملامسة الفراش أو الملابس أو المناشف أو أواني الأكل أو أشياء أخرى ملوثة. يتطلب النقل عادةً اتصالاً وثيقاً لمدة زمنية طويلة.

وأوضح أن الأكثر عرضة للخطر، الذين يسافرون إلى مناطق بها أمراض متوطنة ويقضون وقتاً في مناطق بها حيوانات برية، أو اتصالات وثيقة لمصاب، أو العاملين في الرعاية الصحية، بدون معدات الوقاية الشخصية المناسبة الذين يقدمون الرعاية الطبية لمرضى جدري القرود.

وعن العلاج، قال: إذا أصبت بالعدوى، فعادة ما يقتصر العلاج على الرعاية الداعمة. الأدوية المضادة للفيروسات مثل سيدوفوفير، وبرينكيدوفوفير، وتيكوفيريمات متوافرة ولكن لم تختبر مع عدوى جدري القرود البشرية. لطريقة عملها وفاعليتها ضد فيروس (الجدري) وفيروسات الأورثوبوكس الأخرى، فمن المحتمل أن تكون فاعلة ضد فيروس جدري القرود، خاصة إذا أعطيت بعد الإصابة بمدة وجيزة. والتطعيم بعد التعرض بلقاح الجدري في غضون 4 أيام من الإصابة قد يمنع المرض. قد يؤدي التطعيم بعد هذه النقطة الزمنية إلى تقليل شدة المرض ولكن من غير المحتمل أن يمنع المرض.

وأضاف: في هذه المرحلة، يجب أن تكون جميع المستشفيات والمراكز الطبية قد دربت موظفيها على أعراض جدري القرود، ولديهم خوارزميات تشخيصية لتحديد الحالات المحتملة ووضعهم في العزل بسرعة. يتوافر الاختبار في المعامل المرجعية في جميع أنحاء العالم - وقد قلل معظمها الآن من الوقت المستغرق للحصول على النتائج. بمجرد تحديد الحالة، يجب تتبع جهات الاتصال بسرعة وكفاءة للتراجع عن تحركات وتفاعلات الفرد المصاب. يجب أن يخضع المخالطون الوثيقون للعزل والاختبار وقد يعطون التطعيم إذا كانت الإمدادات متوافرة.

تشخيص المرض

أكد د. مصطفى مرعي، استشاري الأمراض الجلدية في مستشفى «إن إم سي رويال» الشارقة، أن جدري القرود مرض مُعدٍ يسببه فيروس جدري القرود الذي يمكن أن يكون في بعض الحيوانات والبشر، وتبدأ الأعراض بحمى وصداع وآلام في العضلات، وتورم الغدد الليمفاوية، والشعور بالتعب، ويتبع ذلك طفح جلدي وتشكل البثور والقشور، والوقت من التعرض لظهور الأعراض عادة 7-14 يوماً، ومدة الأعراض 2-4 أسابيع.

وقال: يمكن تأكيد التشخيص باختبار الآفة ل DNA الفيروس، ويمكن أن يظهر المرض مشابهة لجدري الماء، ويجب على مقدمي الرعاية الصحية استخدام مجموعة كاملة من معدات الوقاية الشخصية (PPE) قبل رعاية المصاب، وهذا يتضمن قناعاً، نظارات واقية، وأقنعة تصفية مثل، N95، ويجب عزل الشخص المصاب.

وعن العلاج، قال: الرعاية الداعمة بما في ذلك خافض للحرارة، وتوازن السوائل والأوكسجين. ويمكن استخدام العلاج بالمضادات الحيوية.

1

أعراض المرض

وقال د. مكيش كومار، في مستشفى «الكندي التخصصي» بدبي: حدثت أول حالة بشرية معروفة في جمهورية الكونغو الديمقراطية في عام 1970، عندما أصيب طفل عمره 9 سنوات بمرض يشبه الجدري، وأكدت في النهاية منظمة الصحة العالمية أنه جدري القرود البشري.

وأكد أن انتقال المرض يمكن أن يحدث من ملامسة الحيوانات المريضة، وتحضير الحيوانات المصابة أو تناولها يمكن أن ينقل عدوى جدري القرود، ويمكن أن يؤدي الاتصال الجلدي المباشر (الجلد إلى الجلد) أو الجهاز التنفسي مع حيوان أو شخص مصاب إلى نقل العدوى.

وعن أعراض المرض، قال: حمى (عادة 38.5 - 40.5 درجة مئوية) مصحوبة بقشعريرة وتعرق وصداع شديدين، وآلام في الظهر والعضل وتوعك وفقدان الشهية والتهاب البلعوم وضيق التنفس والسعال مع أو من دون بلغم، ويظهر اعتلال العقد اللمفاوية في غضون 2-3 أيام بعد الحمى. وفي المرحلة الثانية يصاب معظم الأشخاص بطفح جلدي في غضون 1-10 أيام بعد ظهور الحمى. في الأغلب يبدأ على الوجه ثم ينتشر إلى باقي الجسم، ويستمر 2- 4 أسابيع حتى تتساقط القشرة من جميع الآفات، والمضاعفات هي الندبات المحفورة، والندبات المشوهة، والعدوى البكتيرية الثانوية، والالتهاب الرئوي القصبي، وضيق التنفس، والتهاب القرنية، وتقرحات القرنية، والعمى، وتسمم الدم، والتهاب الدماغ.

الإجراءات الاحترازية

وأكدت د.يمنى ديراني، أخصائية أمراض باطنية وجرثومية في مستشفى «الإمارات التخصصي» في مدينة دبي الطبية، أن جدري القرود فيروس جدري ينتقل أصلاً من الحيوانات إلى البشر أو من البشر إلى البشر، والأعراض هي حمى وآلام في العضلات وتضخم العقدة الليمفاوية.

وأكدت ضرورة اتباع الإجراءات الاحترازية للوقاية، باتباع اللوائح التي أعلنت عنها الدولة، خاصة أن أنظمة الترصد قوية في الإمارات، والتحديثات مستمرة من الجهات المعنية للكوادر الطبية في المستشفيات.

الشفاء تلقائي

وأكد د. ينال سلام، أخصائي الطب الباطني في «مستشفى الإمارات» جميرا بأننا نستطيع حماية أنفسنا من هذا المرض بالتباعد، وغسل اليدين باستمرار، والابتعاد عن الحيوانات والقوارض التي يمكن أن تنشر المرض، وزيادة الوعي ومعرفة الأعراض عند أفراد الأسرة، فبمجرد أن تظهر الأعراض في أي من أفراد الأسرة، أو في دائرة المعارف الاجتماعية يكون بالإمكان تفادي الاحتكاك وسرعة التوجه إلى الطبيب، وعادة جدري القرود في معظم حالاته يشفى منه تلقائياً ولكن في بعض الحالات يمكن حدوث مضاعفات مثل التهابات بكتيرية أو رئوية، وفي بعض الأحيان تقرّحات بالقرنية أو التهابات في أعضاء أخرى بالجسم.

ترصد وبائي

بادرت وزارة الصحة ووقاية المجتمع بدراسة خطر الوباء محلياً، وفق حجم السفر الدولي وإصدار تعميم للكوادر الطبية العاملة في الدولة، للعمل على اكتشاف الحالات والإبلاغ عنها للجهات الصحية المعنية. كما طوّرت الوزارة آليات التشخيص المختبري للحالات المشتبه فيها بالسرعة المطلوبة.

وأعدّ الفريق التقني الاستشاري لمكافحة الجائحات دليل الترصد والاكتشاف المبكر للمرض وإدارة الحالات المصابة إكلينيكياً والإجراءات الاحترازية. كما تعزّز الوزارة والهيئات الصحية الترصد الوبائي، لضمان سرعة اكتشاف الحالات والعمل على عدم الانتشار المحلي لهذا الفيروس؛ حيث إنه الطريقة المثلى للوقاية من انتشار المرض.

وتتبع الوزارة آلية ترصد وبائي وفق أعلى الممارسات العالمية، لضمان الكفاءة المستدامة ووقاية المجتمع من الأمراض السارية وسرعة اكتشاف الحالات، والعمل على الحدّ من الانتشار المحلي للأمراض والفيروسات كافة بما فيها جدري القرود.

تطمين عالمي

وبحسب منظمة الصحة العالمية، فإن المنظمة لا تعتقد أن تفشي مرض جدري القرود خارج قارة إفريقيا، يستدعي إطلاق حملات تطعيم جماعية؛ إذ إن القيام بإجراءات أخرى كالنظافة الشخصية الجيدة وغيرها من الإجراءات الاحترازية ستسهم في السيطرة على انتشاره.

وأوضح ريتشارد بيبودي، الذي يقود فريق مسببات الأمراض عالية التهديد في منظمة الصحة العالمية بأوروبا، في مقابلة مع «رويترز» أن الإمدادات الفورية من اللقاحات ومضادات الفيروسات محدودة نسبياً.

وجاءت تصريحات بيبودي، بينما أعلنت المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها أنها في طور إطلاق جرعات من لقاح (جينيوس)، لاستخدامها مع حالات لمرض جدري القرود.

الهيئات الصحية

وأكد مركز أبوظبي للصحة العامة، التنسيق المستمر مع الجهات الصحية بالدولة لتطبيق جميع الإجراءات الوقائية المشددة في ما يتعلق بالأمراض المُعدية للمحافظة على الصحة العامة لأفراد المجتمع. وفي هذا الصدد، أصدرت دائرة الصحة ومركز أبوظبي للصحة العامة، تعميماً لجميع المنشآت الصحية بضرورة الإبلاغ عن الحالات المشتبه في إصابتها بفيروس «جدري القرود»، بحسب النظام المتبع، وأخذ الإجراءات الوقائية والطبية اللازمة لاكتشاف الحالات.

وطلبت هيئة الصحة بدبي، من المهنيين الصحيين والمنشآت الصحية العاملة ضمن نطاق اختصاص الهيئة، تعزيز الرصد والتقصي الوبائي لمرض جدري القرود الذي انتشر في عدد من الدول، خلال الأيام القليلة الماضية. ويأتي هذا الإجراء الاحترازي، في إطار حرص الهيئة على مكافحة الأمراض السارية، والحد من انتشارها، لحماية الفرد والمجتمع ولغايات الحفاظ على الصحة العامة، وتماشياً مع الإجراءات الاحترازية والوقائية التي تتخذها الدولة بعامة وإمارة دبي بخاصة.

الصورة
1
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"