«النهضة»و«التنظيم السري»

00:39 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

لم يكن قرار القضاء التونسي الذي صدر، أمس الأول، بمنع سفر رئيس «حركة النهضة» الإخوانية، راشد الغنوشي، و33 آخرين من قياداتها، على خلفية دور«الجهاز السري» للحركة في ملف الاغتيالات السياسية، «قراراً انتقامياً في ملف مزعوم مركّب وملفّق»، كما ادعت الحركة، بل يستند إلى أدلة ووثائق تؤكد تورط «الجهاز السري» في عملية الاغتيالات التي طالت رموز المعارضة بعد ثورة 2011 على نظام زين الدين بن علي، وعلى رأسهم المعارضان اليساريّان شكري بلعيد ومحمد البراهمي، عام 2013.
 وقد سبق لهيئة الدفاع عن بلعيد والبراهمي أن تقدمت بشكاوى ضد الحركة وتنظيمها السري، معززة بالوثائق والأدلة والشهود تؤكد علاقتهما بعمليتي الاغتيال، خصوصاً مسؤول التنظيم مصطفي خذر، الذي شغل أيضاً منصب مسؤول البريد الخاص لوزير الداخلية آنذاك، علي العريّض، الذي سهّل هروب زعيم «أنصار الجماعة»، أبو عياض، من تونس. لكن حكومات حركة النهضة المتتالية تعمدت التستر على ملف الاغتيال، وأخفت الوثائق المتعلقة بالاغتيال.
  يذكر أن «التنظيم السري» لحركة النهضة، أو ما يعرف ب«الغرفة السوداء»، ليس جديداً، فهو جهاز استخبارات خاص داخل الدولة يضم الآف العناصر الذين أدمجوا في إدارات الدولة، بمقتضى قانون العفو العام. 
 وكان التنظيم، وعلى مدى العقود الماضية، تورط في العديد من العمليات الإرهابية، من بينها استهداف أحد مراكز الحزب الحاكم آنذاك عام 1991 في منطقة باب سويقة بالعاصمة التونسية، ما أدى إلى مصرع أحد حراس المركز، وإصابة آخرين، وفقاً لكريم عبد السلام أحد كوادر «التنظيم السري»، في اعتراف لمحطة تلفزيونية، العام الماضي، حيث أكد أن حركة النهضة كانت تمتلك السلاح، وأن الغنوشي هو المشرف الرئيسي على التنظيم، ومعه المنصف بن سالم والصادق شورو.
 و«التنظيم السري» لحركة النهضة هو نموذج ل«التنظيم السري» الأول ل«الإخوان المسلمين» الذي أنشأه مؤسس الجماعة حسن البنا عام 1940، والذي يقوم على أساس أنه «الجيش البديل» لجيش الدولة، وهو أيضاً «جيش المسلمين»، وهو تنظيم عسكري سري هرمي، لكن مهمته هي الاغتيالات والتخريب. وقد حدد عبد الرحمن الساعاتي، شقيق حسن البنا، أهداف التنظيم بالقول «امضوا إلى حيث تؤمرون، فإذا الأمة أبت فأوثقوا يديها بالقيود، وأثقلوا ظهرها بالحديد، وجرّعوها الدواء بالقوة، وإن وجدتم في جسمها عضواً خبيثاً فاقطعوه، أو سرطاناً خطيراً فأزيلوه».
 ومارس التنظيم السري ما يؤمن به، فعمد إلى اغتيال القاضي أحمد الخازندار وكيل محكمة الاستئناف، وأحمد ماهر باشا، وفهمي النقراشي، رئيسي وزراء مصر، وغيرهم من المسؤولين، إضافة إلى محاولة اغتيال الزعيم الراحل جمال عبد الناصر.
 منع السفر هو الخطوة الأولى، لئلا يتسلل الغنوشي خارج تونس مولياً الأدبار، فراراً مما ارتكب من آثام بحق تونس والتونسيين، ومعه سِجل أسود لنظامه السري.. بانتظار ما سيقوله القضاء.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"