التحفيز الصيني يُلهب خام الحديد

22:30 مساء
قراءة 4 دقائق

كلايد راسل *

انسجمت أسعار خام الحديد مع قرار الصين خفض سعر الفائدة المعياري للقروض العقارية بهامش عريض وغير متوقع، وارتفعت بشدة مع وجود الكثير من الدلائل التي تشير إلى أن تجدد الارتفاع أمر وشيك.
قفز خام الحديد القياسي تسليم شمال الصين بنسبة 62% الأسبوع الماضي إلى 135.90 دولار للطن، وفقاً لتقييم وكالة تقارير أسعار السلع الأساسية «آرجوس»، محققاً أقوى إغلاق منذ 6 مايو/ أيار. وارتفعت العقود الآجلة لخام الحديد المحلي في بورصة داليان للسلع بقوة أيضاً وبنسبة 3.4% لتغلق عند 827 يوان (123.62 دولار) للطن في الفترة نفسها.
وكانت الصين قد خفضت سعر الفائدة الأساسي للقرض لخمس سنوات بمقدار 15 نقطة أساس عند 4.45% في التثبيت الشهري في 20 مايو، وهو أكبر انخفاض منذ تحديث آلية سعر الفائدة في عام 2019، وأكثر من خمس أو 10 نقاط أساس توقعها لها معظم المحللين في استطلاع «رويترز».
نظر المحللون إلى هذه الخطوة على أنها محاولة لتعزيز قطاعي العقارات والبناء، اللذين يمثلان حوالي 25% من الاقتصاد، وكانا يكافحان في الأشهر الأخيرة وسط سياسة بكين الصارمة لمحاربة عودة انتشار فيروس كورونا التي أدت إلى تمديد عمليات الإغلاق في العديد من المدن بما في ذلك المركز المالي الرئيسي لشنغهاي.
وقال رئيس مجلس الدولة الصيني لي كه تشيانج الأسبوع الماضي إن بكين ستكثف تعديلات سياستها لإعادة ثاني أكبر اقتصاد في العالم إلى ما وصفه بالنمو الطبيعي. تعليقاتٌ فسّرها السوق بأنه من المرجح أن يكون هناك المزيد من إجراءات التحفيز، مع الآمال في أن يتلقى قطاع التصنيع أيضاً دفعة مماثلة جديدة.
فإلى جانب الدلائل على أن شنغهاي بدأت بالفعل تخرج من دوامة إغلاقها الصارم، يزداد تبني وجهة النظر القائلة إن اقتصاد الصين بات مهيأً بالفعل للانتعاش في النصف الثاني من العام. كل هذه التدابير تبشر بالخير بالنسبة للطلب على خام الحديد وإنتاج الفولاذ، لكن هناك عوامل أخرى تشير إلى أن خام الحديد يمتلك مساحة أكبر للارتفاع.
أول هذه العوامل هو أن العرض من أكبر المصدّرين، أستراليا والبرازيل، يبدو عند مستويات أقل من التوقعات. فالأولى انخفض تصديرها قليلاً من 73.48 مليون طن من خام الحديد في إبريل/ نيسان إلى حوالي 72.45 مليون طن في مايو، بحسب محللي السلع الأساسية في «كبلر». والثانية من المرجّح أن تضعف صادراتها في مايو مقارنة بالشهر السابق لتصل إلى 24.82 مليون طن من الحديد الخام، بانخفاض طفيف عن 25.42 مليون طن في إبريل.
كما لا تزال هناك مخاوف بشأن شحنات خام الحديد القادمة من أوكرانيا، رابع أكبر مصدر لخام الحديد، والتي اعتادت توريد حوالي 44 مليون طن سنوياً في السوق المنقولة بحراً وإلى المشترين الأوروبيين بشكل أساسي. ولكن بيانات «كبلر» تظهر انخفاض الشحنات إلى الصفر اعتباراً من مارس/ آذار فصاعداً، بعد تصدير 2.32 مليون طن في فبراير/ شباط.
وهناك على ما يبدو مصدّر آخر أصغر لخام الحديد، وهو الهند، يتحضّر لانخفاض حاد في شحناته، حيث ذكرت وكالة تقارير أسعار السلع الأساسية «آرجوس»، أن الحكومة فرضت ضريبة بنسبة 50% على الصادرات من جميع الدرجات. وهذا من شأنه أن يحد من قدرة صادرات الهند على المنافسة بشكل يشبه الحالة الأوكرانية، أي صفرية الأرقام، بعد أن شحنت الدولة 3.14 مليون طن من الخام في إبريل، وفقاً لكبلر.
ومن العوامل الإضافية التي تشير إلى مساحة أكبر لارتفاع خام الحديد القياسي الصيني هو مخزونات الصين من الخام «SH-TOT-IRONINV»، والتي على الرغم من تراجعها في الأسابيع الأخيرة، إلا أنها لا تزال عند مستويات أعلى مما كانت عليه في الفترة نفسها عامي 2021 و2020. وقد استقرت المخزونات عند 137.25 مليون طن في الأسبوع المنتهي في 20 مايو، أي أعلى من 128.35 مليون طن لنفس الأسبوع في 2021، وأعلى من 110 ملايين طن في 2020.
في المقابل، هناك علامات جديدة على أن الصين تكثف إنتاجها من الصلب بعد انتهاء قيود التلوث الشتوي ورفع بعض قيود كورونا. حيث ارتفع إنتاج إبريل من الصلب بنسبة 5.1% عن الشهر السابق إلى 92.78 مليون طن، على الرغم من أن هذا لا يزال أقل بنسبة 5.2% من مستوى إبريل للعام الماضي. الأمر الذي يُوضح أنه لا يزال هناك مجال لزيادة إنتاج السلعة بشكل أكبر، وبالتالي طريقة سريعة لتعزيز الاقتصاد. لأنه حتى لو لم تكن هناك حاجة فورية لاستخدام الفولاذ المنتج، فمن السهل تخزينه للاستخدام في المستقبل.
بشكل عام، فإن الصورة الواضحة أمامنا اليوم هي أن إجراءات التحفيز الصينية التي طال انتظارها بدأت في الظهور، وسيتم قطف ثمارها قريباً. ومن المحتمل أن يتم القضاء على انتشار فيروس كورونا هناك، وسط رغبة الحكومة الجامحة بالعودة إلى النمو القوي في النصف الثاني من العام الجاري. وعليه، فالطريق ممهد أمام زيادة انتعاش خام الحديد وكل شيء إيجابي.

* كاتب في «رويترز»

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتب في رويترز

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"