جبل حفيت حارس العين ومستودع كنوزها

العين: راشد النعيمي
من بعيد تراه صامداً يستقبل الزوار، ويحيط بالمدينة كحارس أمين، يجتذب السياح والزوار كأهم مقصد يتهافت الجميع لبلوغ قمته والتمتع بأجواء ومناظر آسرة في مدينة الواحات؛ إنه جبل حفيت أعلى قمة في أبوظبي، وثاني أعلى قمة في دولة الإمارات، حيث يبلغ ارتفاعه 1,240 متراً، وهو موطن لمجموعة من أكثر النباتات والحيوانات البرية تهديداً في الدولة، والعالم، ويحتضن بين سفوحه أكثر من 500 مدفن قديم يعود تاريخها إلى 5 آلاف عام، ما يمثل بداية العصر البرونزي في الإمارات.

إطلالات خلابة

إذا كنت ترغب في الاستمتاع بإطلالات خلابة على المدينة عند شروق الشمس وغروبها، وتنشد التنعّم بمناظر أخاذة لمدينة العين الزاخرة بالحدائق الغنّاء، فتوجّه إلى قمة جبل حفيت المهيب، عبر طريق حديث جميل وممتع وسهل في الوقت نفسه، وممتع بتكويناته وتشكيلات الصخور، حيث يتكوّن هذا الجبل الذي يُشرف على كامل منطقة العين، ويقع على الحدود مع سلطنة عُمان، من صخور كلسيّة شديدة الانحدار تعرّضت لعوامل التعرية الطبيعية على مدى آلاف السنين، وقد اكتُشفت في محيطه آثار أحفورية مهمة تمثل جزءاً أساسياً من لغز التاريخ القديم لهذه المدينة.

طرق متعرجة

في الطريق إلى قمة حفيت تكون المتعة قد بدأت عبر الطريق المميز الذي قام موقع edmunds.com الإلكتروني المتخصّص بتقديم معلومات عن المركبات الآلية ذات مرة، بوصفه بأنّه من أروع الطرق المخصّصة للقيادة في العالم. فما أن تصل إلى القمة، حتى تجد مكافأتك في المناظر الخلابة المطلّة على العين، حيث يمكنك الاستراحة في فندق «ميركيور غراند» جبل حفيت المجاور للقمة، لتناول وجبة تجدّد الطاقة.

ولن يستمتع الزوار بالمناظر الخلابة على التضاريس الجبلية والشقوق الصخرية والطرق المتعرجة فقط، ولكن يمكنهم رؤية أعداد وفيرة وأنواع متفردة من النباتات والحيوانات البرية أيضاً؛ فجبل حفيت هو المكان الوحيد الذي يوجد فيه النخيل القزم، وهو أحد أندر النباتات في إمارة أبوظبي والجزيرة العربية. كما شوهد حيوان الوشق مؤخراً، في هذه المنطقة لأول مرة منذ 35 عاماً. ويستضيف المتنزه الوطني أيضاً الثعلب الجبلي (ثعلب بلاندفورد)، وحيوان النيص، والطهر العربي، والتجمع الوحيد في دولة الإمارات للنسور المصرية المهددة عالمياً.

محمية حفيت

وتعدّ محمية متنزّه جبل حفيت الوطني، في منطقة العين، ذات قيمة كبيرة لكونها البيئة الجبلية الوحيدة والفريدة في إمارة أبوظبي، وتبلغ مساحتها 81 كيلومتراً مربعاً، وتزخر بتنوع بيولوجي كبير، وهي إحدى المحميات المعلنة ضمن شبكة زايد للمحميات الطبيعية في إمارة أبوظبي.

وأنشئت المحمية عام 2017، بمرسوم أميري، وتعد متنزهاً وطنياً، بحسب معايير الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة (IUCN)، وتحتوي المحمية التي تمثل البيئة الجبلية، على تنوع بيولوجي هائل، وتعد إحدى أهم البيئات في الدولة والمنطقة، حيث قامت هيئة البيئة بأبوظبي بجهود كبيرة، منذ تولي إدارة المحمية وتولي مسؤوليتها، بعمليات الأبحاث والمراقبة والتقييم، وإنفاذ التشريعات والمراقبة المستمرة والتعاون والتكامل مع شركاء الهيئة من مختلف الجهات الحكومية والخاصة في إدارة المحمية.

وتقوم الهيئة بعمليات المراقبة والرصد، عبر المراقبين واستخدام التقنية الحديثة وكاميرات المراقبة في الرصد، خصوصاً أنواع الحيوانات التي من الصعب رصدها في الظروف العادية، ولا تظهر إلا في المساء، أو في المنحدرات الجبلية، كما نفذت الكثير من البرامج، لإعادة تأهيل الغطاء النباتي، بزراعة أشجار السمر، وعدد من الأنواع المهددة بالانقراض من النباتات، في المشتل التابع للهيئة التي تعمل على إنجاز أهم مشروع لتأهيل الغطاء النباتي في محمية جبل حفيت، خصوصاً أشجار السمر وتستهدف زراعة 10 آلاف شجرة سمر في المحمية، بمساحة تقدر ب18 هكتاراً.

تنوع بيولوجي

وتعدّ المحمية أهم موقع في التنوع البيولوجي في الدولة، ومناسبة لمعيشة مجموعة كبيرة من الكائنات الحية والنباتات الطبيعية، حيث تحتضن المحمية 42% من النباتات المسجلة في إمارة أبوظبي، وتمثل 25% من الأنواع المسجلة في الدولة، حيث تم تسجيل 181 نوعاً من النباتات، مثل: أشجار السمر والسدر والتين البري، كما سُجل 13 نوعاً من الثدييات في المحمية، مثل: الطهر العربي والوشق والفأر الشوكي والثعلب الأفغاني، و140 نوعاً من الطيور، مثل: النسر المصري وطيور الحجر والشاهين، و13 نوعاً من الزواحف، مثل الوزغ الحجري والأفعى المقرنة والحرذون السينائي. يذكر أن المحمية تزخر بعدد من النباتات والكائنات الحية المهددة بالانقراض، مثل النخيل القزم الذي ينحصر وجوده طبيعياً في موقعين في الدولة، أحدهما في محمية جبل حفيت، وشجرة القفص ونبات الخنصور.

رحلة ممتعة

عند الوصول إلى سفح الجبل بعد رحلة ممتعة، فإن أول ما تتجه الأنظار إليه هو الواحة التي تستقبلك للاستراحة، أو تناول طعامك، أو ممارسة الألعاب لأطفالك، أو المبيت في تلك الأجواء الرائعة، حيث يمثل منتجع «ميركيور غراند جبل حفيت» العين واحة جبلية فريدة على قمة جبل حفيت التاريخية على ارتفاع 3000 قدم، ويضم الفندق 124 غرفة وجناحاً، لتوفير الراحة القصوى والهدوء في محيط رائع كثيف الخضرة مع إطلالات خلابة، ومن دون أي ضجيج أو تلوث، وهو مثالي للعائلات. ويُعرف الفندق في السوق المحلية والعالمية في قطاعَي العمل والاستجمام. ويوفر إقامة رومانسية للأزواج الجدد، وللنشاطات الجماعية والمناخ المنعش خلال الصيف.