عادي

محسن الوكيلي: التاريخ منبع الجمال

00:22 صباحا
قراءة 4 دقائق
محسن الوكيلي

حوار: نجاة الفارس

أكد الكاتب والروائي المغربي محسن الوكيلي الذي وصلت روايته «أسير البرتغاليين» للقائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية 2022، أن الأدب عامة والرواية خاصة، قادرة على الإسهام في خلق عالم أجمل وأكثر تسامحاً وإخاء، قائلاً: كان أبي أستاذاً للغة العربية، لكن أمي هي من علمتني الحروف، وأضاف أن التاريخ أداة ناجعة لصنع الجمال والمتعة والإسهام في إعادة قراءة الماضي وتقييم الحاضر، وأن رواية أسير البرتغاليين تطلبت منه نحو سنة، منحها كل وقته.

وأضاف في حوار ل«الخليج» الإمارات بكل ما تعرف من زخم ثقافي ودينامية، باتت قاطرة للعالم العربي، نحن مدينون بالشيء الكثير لهذا البلد العظيم.

ماذا يمثل لكم الوصول إلى القائمة القصيرة للجائزة ؟

البوكر جائزة رفيعة، إنها حلم لكل الكتّاب العرب، الوصول إلى القائمة القصيرة إنجاز مهم، طالما اهتممت بكل الروايات التي نالت شرف المنافسة على البوكر، كنت أقرأ الروايات المرشحة بإمعان، وأتطلع في الوقت نفسه إلى أن يأتي يوم وأنال الشرف نفسه، في الوصول إلى القائمة القصيرة والمنافسة على اللقب ملامسة لحلم كبير، حلم يستحق السهر والعناء والجهد.

القرّاء العرب، كل سنة، يتطلعون إلى الروايات المرشحة للبوكر، كذلك النقاد والإعلاميون بمختلف مشاربهم، الجميع يعي تماماً أهمية الجائزة، أرقام مبيعات الروايات تعبر عن هذا، كل روايات البوكر تعرف انتشاراً كبيراً، وتحظى كذلك بفرصة الترجمة إلى لغات أجنبية، هذا كفيل بالتعبير عن مدى أهمية جائزة البوكر.

من جهة أخرى، أؤمن أن الأدب عامة والرواية خاصة قادرة على الإسهام في خلق عالم أجمل وأكثر تسامحاً وإخاء، الكتب تصنع الإنسان، أعمل لأساهم في بناء هذا العالم وصنع الإنسان المنفتح والمتشبع بالقيم الكونية، البوكر بما لها من أهمية وصدى تستطيع أن تدفع صوتي بعيداً في الجغرافيا العربية وحتى خارجها.

البداية

كيف كانت بداية رحلتك مع الكتابة ؟

كان أبي أستاذاً للغة العربية، لكن أمي هي من علمتني الحروف، في مكتبة بيتنا الصغيرة كانت الكتب كأحلام، كنت أفتحها وأتابع الحروف بانبهار، أحببتها وقررت وأنا صغير السن أن أكتب، حلمت بكتبي تجوب العالم، كان حلماً، مجرد حلم، لكن الأحلام الكبيرة لا تحتاج إلى غير الإخلاص والعمل الجاد لتقترب شيئاً فشيئاً من التحقق.

كتبتُ قصصاً صغيرة، قرأتها على أقراني الذين جعلوا لي سريعاً، لقباً أحببته، لقباً كبيراً، جميلاً، وعظيماً: «الكاتب»، قرأت بنهم وكتبت بحب، اللغة العربية كانت بيتي وهويتي وسبيلي، نشرتُ أولى القصص في صحف وطنية ثم تطلعت للنشر في الصحف والمجلات العربية، كان هذا كالسحر، تعددت القصص، غير أن البداية الفعلية في عالم الكتابة كانت من أرض الإمارات مع رواية «رياح آب» التي فازت بجائزة بالمرتبة الأولى في جائزة الشارقة للإبداع العربي، سنة 2013، كانت هذه انطلاقتي الحقيقية، حينها أدركت أنني أسير على طريق حلم الصبي الصغير الذي مد منذ سنين بعيدة أصابعه ليداعب كتب والده في مكتبة البيت الصغيرة وهو يحلم أن يأتي يوم تتزين فيه المكتبات بكتبه.

كيف أثرت دراستك للتاريخ في مسيرتك الأدبية ؟

حصلت على البكالوريا في الآداب وأنا أحمل في صدري الحلم نفسه، وقبل أن ألج الجامعة فكرت في السبل المثلى التي تخدم رسالة الأدب التي أؤمن بها، كنت محتاراً بين الفلسفة والتاريخ، ولأن أعمالاً أدبية خالدة كانت بطابع تاريخي رجحت كفت التاريخ.

أقبلت على دراسة التاريخ بنهم، حصلتُ على الإجازة فزاد شغفي بتاريخنا، الأدب يصنع المعجزة، فكرت، التاريخ أداة ناجعة لصنع الجمال والمتعة والإسهام في إعادة قراءة الماضي وتقييم الحاضر، نعم، أسخر التاريخ لخدمة الرواية أكثر مما أسخر الرواية لخدمة التاريخ، أنا روائي، شغوف بالسرد، ولا أرى نفسي إلا كذلك.

من هم أهم الكتّاب الذين تأثرت بهم وبنتاجاتهم الأدبية ؟

كثير، لعل في ذكر البعض إهمالاً للبقية، مع ذلك يمكنني أن أتحدث عن الكاتب والمعلم الكبير غابرييل غارسيا ماركيز، لقد أحببت كتابات ماركيز وكانت مئة عام من العزلة والحب في زمن الكوليرا وخريف البطريرك أعمالاً خالدة، أحببت أيضاً أعمال نجيب محفوظ وكان «أولاد حارتنا» عملاً باذخاً وعميقاً في الوقت نفسه، محلياً تابعت بشغف مسيرة محمد شكري ومحمد زفزاف وأحمد بوزفور، نعم، أنا حصيلة نتاجات كل هؤلاء المعلمين والكثير غيرهم ممن لا يتسع المجال لذكرهم.

فكرة

5 كيف انبثقت فكرة رواية أسير البرتغاليين وكم استغرق وقت كتابتها ؟

أهم ما يطرأ في حياتنا يحدث صدفة، ولدت فكرة أسير البرتغاليين في زيارة سياحية لمدينة الصويرة المغربية التي كانت حصناً للبرتغاليين قبل قرون بعيدة، أثارني المعمار والمحيط الساكن على أطراف الأسوار قبل أن يجلب انتباهي حكاء يقص حكاياته مع قردة في ساحة المدينة، عشت لحظتها الماضي البعيد، كأن كل القرون التي مرت لم تكن، عندما رجعت إلى مدينة أكادير التي أقيم فيها طرق الحكّاء أحلام نومي ويقظتي، من يومها وهو يُلح إلى أن تجلى عملاً أدبياً قدّر له أن يبلغ قائمة البوكر القصيرة وينافس على اللقب.

تطلبت رواية أسير البرتغاليين نحو السنة، منحتها كل وقتي، وعشت خلالها برفقة الشخوص التي كانت حية وحقيقية، شاركتني كل شيء كما شاركتها كل شيء، ظلت معي حتى السطر الأخير، الناجي عواد، غيثة، صوفي والعياط، كانت رفقة جميلة آنستني طوال شهور الحجر وما بعدها.

الصورة
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"