عادي

«جون لوثر».. قصة مثيرة لبطل خارق بملامح إنسانية

23:34 مساء
قراءة 3 دقائق

دبي: مها عادل
حرص صناع فيلم «جون لوثر» على حبس أنفاس المشاهدين منذ اللحظة الأولى للفيلم، الذي يبدأ بمشهد مثير لحافلة تسير في طريق وعر في ليلة ممطرة، ويفاجأ السائق والركاب بسقوط جثة مضرّجة بالدماء على سطح الحافلة بصوت مدوٍّ، ليضع هذا المشهد الافتتاحي المشاهدين في حالة دهشة وترقب واستعداد لما هو قادم من أجواء مثيرة ومشحونة بالألغاز، ويقودنا لاكتشاف سلسلة من الجرائم التي يحقق فيها مفتش المباحث وبطل الفيلم النجم «جايا سوريا» ببراعة، وبأسلوب يذكرنا بروايات كاتبة الجريمة الأشهر أجاثا كريستي، لتصحبك الحبكة الدرامية في جو من الغموض منذ البداية وحتى النهاية.

أهم ما يميز الطرح الذي قدمه صناع «جون لوثر» الفيلم الهندي الذي طرحته شركة «فارس فيلم» بدور السينما بالدولة، أمس الخميس، الأسلوب الذي رسمت به شخصية مفتش المباحث بطل الحكاية ومحركها، عبر تقديمه بصورة إنسانية واقعية تختلف عن صورة البطل الخارق التي تظهر في أفلام هوليوود، فهذا البطل الشجاع المحارب صاحب القدرات الفائقة والذكاء المتقد بالفيلم، ليس رجلاً خارقاً بعيداً عن مجتمعه، بل إنسان من لحم ودم ومشاعر، بل ويصاب بإعاقة بدنية أثناء عمله، يحاول أن يتحداها ويستمر بأداء مسؤلياته بعد أن أصيب بالصمم الجزئي، نتيجة حادثة تعرض لها أثناء التحقيق في إحدى القضايا.

وأظهر الفيلم الجانب الإنساني والاجتماعي للبطل، وألقى الضوء على حياته العائلية وتعرضه لضغوط كبيرة بها بسبب انشغاله الدائم بعمله وارتباطه الشديد بأفراد عائلته، رغم شعوره بالتقصير تجاههم وغيابه عن أهم المناسبات العائلية، كما طغى على الحبكة الدرامية للفيلم الخلطة الهندية الفريدة التي لا تخلو من المشاعر المتدفقة والعلاقات الحميمية والمتشابكة التي ترصد الضعف الإنساني لهذا المحقق الذكي اللامع، ورغم هذا الضعف الإنساني ظهرت قوة البطل في تحدي ضعفه وإعاقته والاستمرار بعمله رغم معاناته، وتحقيق نجاحاته بنفس القوة والإصرار والشجاعة، الأمر الذي أوجد حالة من التعاطف والإعجاب بينه وبين المشاهدين.

وهذا الطرح الإنساني لشخصية البطل يختلف كثيراً عن التوليفة التي عودتنا عليها أفلام الإثارة في «هوليوود»، عندما تتناول أجواء الجريمة والغموض؛ حيث تظهر البطل في صورة شخص له قدرات خارقة في الاستنتاج (مثل هيركيول بوارو المحقق المفضل في روايات أجاثا كريستي)، ولا نرى منه سوى هذا الجانب فقط.

ومن أبرز العناصر الفنية التي ساهمت في تدعيم أجواء الإثارة المتعلقة بالفيلم، الاختيار المدروس بعناية لأماكن التصوير، واستخدام خاصية التصوير من أعلى لإبراز المناظر الطبيعية الخلابة للهند المغلفة بالضباب. وبرع روبي فارغيز راج، مدير التصوير بالفيلم، في تحضير المشاهدين لأجواء الغموض والتشويق بالأحداث، بإبراز المناظر الطبيعية الخلابة، والمرتفعات الخضراء التي يغلفها الضباب، كما برع في استخدام حركة الكاميرا السريعة واللاهثة؛ لتجسيد حالة المطاردات، وتنقلت الكاميرا بشكل يجسد التوتر أثناء التحقيقات بين عيون المحقق والمجرمين.

يحسب لصناع الفيلم الاهتمام الملحوظ بكل الأدوات السينمائية، التي تضافرت في حبس أنفاس المشاهدين على مدار ساعتين، هما مدة عرض الفيلم، كما لعبت الموسيقى التصويرية والأغاني المستخدمة دوراً مهماً في تعميق العلاقة بين المشاهد والأحداث والتوحد مع الأبطال، أو لأخذ استراحة قصيرة أحياناً لالتقاط الأنفاس وضبط الإيقاع، قبل معاودة اللهاث مع البطل وهو يخوض أحداث الفيلم المتلاحقة.

ويعتبر الإيقاع الدرامي المتصاعد والمحسوب بعناية من أهم عناصر التشويق والإثارة وجذب انتباه الحضور طوال مدة الفيلم، الذي لا يترك فيه هذا الإيقاع المحكم أيَّ فرصة لتسلل أي نوع من الملل أو الإفلات من قبضة الحبكة الدرامية الصارمة للفيلم. كما برع المخرج أبهيجيت جوزيف في استخدام تقنية «الفلاش باك» بشكل متقن وممنهج. ومن النقاط التي تحتسب للفيلم أيضاً الاهتمام بتجسيد العديد من القيم الاجتماعية والإنسانية، مثل الصمود والإرادة والتحدي، وأهمية الدعم والدفء العائلي.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"