إفريقيا ضحية المناخ

00:09 صباحا
قراءة دقيقتين

تقع القارة الإفريقية ضمن حزام المناطق الأشد تضرراً من تداعيات المناخ المتطرف. وبسبب من عوامل الفقر، وعدم الاستقرار السياسي، والنزاعات المسلحة المستوطنة في العديد من دول القارة، فإن التغير المناخي يضيف خطراً وجودياً جديداً على سكان المناطق المنكوبة، ويُبقي حياتهم معلقة على حواف الموت والبؤس والمعاناة.
وفي الأسبوع الماضي أعلنت وكالات إغاثة وخبراء أرصاد جوية، أن أربعة مواسم متتالية من شح الأمطار جعلت الملايين من المتضررين من الجفاف في كينيا والصومال وإثيوبيا يواجهون خطر المجاعة، وحذروا من أن الأمطار الموسمية في أكتوبر/تشرين الأول، ونوفمبر/تشرين الثاني القادمين قد لا تحسن الوضع.
وجاء في بيان لخبراء الأرصاد الجوية، ووكالات إنسانية بينها وكالات من الأمم المتحدة، أن الجفاف غير المسبوق هو «ظاهرة مناخية لم تشهدها المنطقة منذ 40 عاماً على الأقل». وقضى شح الأمطار على محاصيل وتسبب في نفوق ماشية، وأرغم عدداً كبيراً من الأشخاص على مغادرة ديارهم بحثاً عن الطعام والماء، فيما هدد احتمال عدم هطول الأمطار الموسمية للمرة الخامسة على التوالي، بإغراق تلك المنطقة المضطربة في كارثة إضافية.
وفي عام 2017، عانت منطقة شرق إفريقيا جفافاً مروّعاً، لكن المنطقة تجنّبت مجاعة كارثية بسبب تحركات المنظمات الإنسانية. وقبل ذلك التاريخ بستة أعوام، فُجعت المنطقة بسبب الجوع ونقص الغذاء بوفاة 260 ألف شخص نصفهم من الأطفال.
وفي قمة مالابو الأخيرة، حذر مسؤولون في الأمم المتحدة من أن الكوارث المرتبطة بالمناخ، أدت في السنوات الأخيرة إلى تفاقم حركات النزوح السكاني إلى حد خطر، بعدما أجّجتها أساساً، أعمال العنف والنزاعات، علاوة على تهديدات الجماعة الإرهابية التي وجدت ملاذات آمنة في القارة.
والمثال الحي على ذلك، منطقة الساحل الإفريقي التي تواجه واحدة من أسرع أزمات النزوح في العالم، بسبب اقتران انعدام الاستقرار السياسي بهجمات الجماعات الإرهابية، وانقطاع المواد الغذائية وأزمة المناخ. وبلغ عدد النازحين في المنطقة هذا العام 2,86 مليون شخص، بزيادة عشرة أضعاف على ما كان عليه العدد قبل عشر سنوات.
والمشكلة التي تبرز هنا، هي أن موجات النزوح التي تدفعها عوامل الطقس المتطرف أو النزاعات المسلحة، تُفرز المزيد من الإشكاليات في المناطق الجديدة ومن أبرزها نشوء موجات من العنف والصراعات على موارد المياه والأرض والموارد بين السكان القدامى والقادمين الجدد.
والطقس المتطرف هو أحدث التهديدات التي تواجه العالم بشكل عام، ودول القارة الإفريقية بشكل خاص. وتشير تقارير الأمم المتحدة إلى أنه ابتداء من عام 2030، فإن العالم سيواجه 560 كارثة طبيعية بمعدل سنوي، ويعني ذلك كارثة ونصف كارثة في اليوم الواحد. 
وغني عن القول إن العديد من الدول تمتلك القدرات والإمكانيات الضرورية لاحتواء أضرار الكوارث في أضيق نطاق ممكن، بينما لا تجد الدول الهشة في إفريقيا مجالاً غير الاستغاثة وطلب المساعدات والدعم الدولي، لكن سبيل الخروج من هذه الحالة الدائمة من الضعف، يكمن في تعزيز مبادئ السياسة الرشيدة، ووقف دوامات العنف، والاهتمام الجدي بالتنمية المستدامة.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"