يفضحون أنفسهم بأنفسهم

00:01 صباحا
قراءة دقيقتين

المشاهير يشهرون بأنفسهم إن لم يجدوا من يشهّر بهم، هذا حال كثير من فناني هذا الزمن، ولماذا نقول هذا الزمن؟ لأنه حتى سنوات قريبة، كان «الستر» و«كتم الأسرار» و«الحفاظ على الخصوصية» خطوطاً لا يتجاوزها الفنانون ولا يسمحون لأحد بتجاوزها، ما عدا بعض الصحافة التي كنا نطلق عليها «صحافة صفراء»، وكانت تقتات على فضائح النجوم، وتختلق الأكاذيب، وتستفزهم كي يخرجوا عن صمتهم، وتجني هي المزيد من القراء والمعلنين. 
اليوم صار العنوان العريض «افضحني وأفضحك»، وأبواب وشبابيك أغلبية الفنانين مشرعة؛ كي تلعب بها رياح الفضائح والتشهير كيفما تشاء، فتعري النفوس وتجعل من الفنان مادة دسمة للتداول والتراشق على كافة صفحات ال«سوشيال ميديا». 
بعد المحاكمة الأشهر في تاريخ الفن، والتي تابع فصولها كاملة وبالتفاصيل كل العالم عبر البث المباشر، واستمرت لعدة أسابيع، وشغلت الرأي العام، وأصدر الجمهور حكمه فيها مستبقاً حكم هيئة المحلّفين في محكمة أمريكية بفيرجينيا، وكان حكم الجمهور وحدسه صائباً، انتهى النزاع بين الفنانين المطلقين جوني ديب وآمبر هيرد بفوز ديب وتغريم هيرد أكثر من عشرة ملايين دولار. اللافت في القضية أنها قائمة بالأساس على تهمة «التشهير» بعد مقال نشرته هيرد في إحدى الصحف ألمحت فيه إلى تعرضها للعنف، مشهرة بجوني ديب بالإيحاء لا بشكل صريح، واللافت أكثر أن ما قيل خلال عشرات الساعات من الشهادات والتسجيلات الصوتية أو المرئية أمام المحكمة ووصل إلى الرأي العام عرّى كل ما كان مستوراً، وكشف تفاصيل «مروّعة» من حياة الزوجين اللذين يتهم كل منهما الآخر بالتشهير، وتبين أن ديب هو من كان ضحية عنف زوجته وليس العكس!.
لا ندخل في تفاصيل القضية، بل في «التشهير» الذي كان سبباً في رفع قضية بين المطلقين الفنانين، بل في التشهير الذي صنعاه بأنفسهما لأنفسهما أو بالأحرى صنعته آمبر هيرد فأضرت بنفسها وشوّهت صورتها، وأتت النتيجة عكس ما اشتهت ليخرج جوني ديب منتصراً وفائزاً بملايين المتعاطفين معه حول العالم وليس بالعشرة ملايين دولار فقط. 
في عالمنا العربي أيضاً صار التشهير هو العنوان العريض، وكشف أي مستور أصبح هدفاً لم يعد محصوراً بالصحافة الصفراء التي تراجعت بل ربما اختفت بعدما أخذ دورها كثير من الفنانين والمدونين وال«سوشيال ميديا»؛ منة عرفة تطلقت، منة عادت لزوجها، يتكرر السيناريو مرة ثانية في مدة قصيرة والخبر أول من يعلنه محمود المهدي، سواء في الطلاق أم الزواج، والتفاصيل الخاصة جداً معروفة ومنتشرة في كل مكان؛ شيرين عبد الوهاب تطلقت، عادت ولم تعد، حامل، تصل الأمور بينها وبين «طليقها» حسام حبيب إلى الشرطة..  لم نعد نتحدث عن شائعات تطلقها أشباح من وراء النجوم، بل عن حقائق خاصة جداً تكشفها تصرفات نجوم لم يعد لديهم خط أحمر يخفون وراءه «خصوصياتهم»، بل لم تعد الخصوصية هاجساً، وصار كل شيء مباحاً.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتبة وناقدة سينمائية. حاصلة على إجازة في الإعلام من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. ساهمت في إصدار ملحق "دنيا" لجريدة الاتحاد ومن ثم توليت مسؤولية إصدار ملحق "فضائيات وفنون" لصحيفة الخليج عام 2002 فضلا عن كتابتها النقدية الاجتماعية والثقافية والفنية. وشاركت كعضو لجنة تحكيم في مهرجان العين السينمائي في دورته الأولى عام ٢٠١٩

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"