عادي
مثقف متعدد الاهتمامات

عبد الغفار حسين يكتب عن 150 إصداراً بقلم المحب

00:16 صباحا
قراءة 5 دقائق
عبد الغفار حسين

الشارقة: علاء الدين محمود
«كتب وكتاب قراءات مختارة»، في جزئه الأول للأديب عبد الغفار حسين الصادر عن مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية، هو أكثر من مجرد كتاب، بل يرقى لمستوى الموسوعة أو ضرب من الببليوجرافيا التحليلية النقدية، لكونه يمثل قاعدة معطيات تشمل العديد من الكتب، بل ويتعداه لكون أن المؤلف لا يتناول فقط المؤلفات والكتاب والوقائع والأحداث الإماراتية المهمة، بل ويشتمل كذلك على وقائع وشخصيات عربية وعالمية تاريخية ومعاصرة كان لها تأثيرها الكبير في الأدب والسياسة والثقافة العالمية.

لا يستعرض المؤلف الشخوص والمؤلفات والوقائع فقط، بل يشتغل المؤلف كذلك على مستويي النقد والتأويل والتحليل، ويركز بصورة أكبر على المشهد الإماراتي في الماضي والحاضر، ويطل على الواقع الاجتماعي عبر المؤلفات التي تناولته وكذلك يلفت إلى مكانة المرأة باستعراض كتب في هذا الخصوص، كما يتناول منطقة الخليج العربي، ومن الأشياء اللافتة ذلك الترتيب الدقيق على مستوى المراجع ووضع الكاتب عنوان المادة المحددة التي نشرها مسبقاً واسم المطبوعة وتاريخ النشر.

60 كتاباً

يحتوي الكتاب على 150 كتاباً استعرضها المؤلف في مختلف الموضوعات، بينها 60 كتاباً لمؤلفين من الإمارات، ولعل اللافت في الكتاب هو ذلك الإهداء الصغير الذي قد لا يلتفت إليه كثر والذي جاء فيه: «إلى عشاق الكتب»، وبالفعل فالكتاب هو من جنس المراجع التي يهتم بها محبو الكتب القيمة التي تقدم للقارئ أكثر من نوع معرفي واحد، حيث إن الكتاب بمثابة مائدة تضم صنوفاً من المعلومات إلى جانب القراءة الشخصية للكاتب الذي كان حضوره بارزاً عبر التعليق والملاحظة والنقد والتفسير، ولعل ذلك ما دفع الكاتب إلى القول في المقدمة: «أحاول ألا أكون قارئاً عابراً، يقرأ كتاباً ثم يركنه ليتناول آخر، بل حرصت على أن أدوّن ما يعنّ لي من ملاحظات، إذا وقفت على معلومات وآراء للمؤلف تستحق المناقشة، وكنت أنشر ملاحظاتي عن الكتاب المقروء كلما سنحت الفرصة في الجرائد اليومية في الإمارات، ولا سيما الحلقات الرمضانية التي أكتبها منذ أكثر من 20 عاماً في جريدة الخليج».

أهمية النقد

الكتاب يركز بصورة كبيرة على أهمية النقد كمحرك للثقافة والعملية الإبداعية في كل مكان، لأنه الضامن الحقيقي لتطور الأدب والمعرفة، فالناقد الحقيقي، الذي يشتغل وفقاً لمنهج ورؤية، لا يبالي بردود الأفعال، ويقول المؤلف في هذا السياق: «لابد لأبنائنا وبناتنا وغيرهم، ممن يتجهون اتجاهاً ثقافياً وعلمياً، أن يدركوا حقيقة جلية، وهي أن أي عمل فكري من كتابة وغيرها، لابد أن يوضع في محك النقد، أي نقد، حتى لو اعتبر الكاتب والباحث أن مثل هذا النقد هو هدم للبناء الذي شيده، لأن النقد هو السبيل الأمثل لإبراز العمل الفكري، وتقديمه للآخرين، واستبانة الغث من السمين فيه»، ولعل من الواضح أن المؤلف يعرف جيداً قدر الخوف والتحسس من النقد في المجتمعات العربية، لذلك فإن مثل هذه الكتابة المحرضة على النقد هي بمثابة دعوة لترك المخاوف جانباً والتحلي بروح الشجاعة بالنسبة للمؤلفين.

حمل الكتاب العديد من الشهادات لقيادات وكتاب وباحثين إماراتيين وعرب، وهي تشهد للكاتب بالعمل الدؤوب والروح البحثية، تصدرتها عبارة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله: «عطاءات عبد الغفار حسين تثري الحركة الأدبية»، واللافت كذلك تلك المقدمة البديعة لمحمد عبيد غباش والتي جاء في بعض منها: «ينتمي عبد الغفار حسين إلى نوعٍ يتناقص عدده من الكتّاب متعددي الاهتمامات الذين يسعون باستمرار لِنَيل معرفةٍ جديدة، هذه الموسوعية في مقاربة الثقافة لا تراها عند المثقفين الذين ينزع أغلبهم للاحتماء داخل اختصاصٍ ضيّق يشعرون بالراحة بالمكوث فيه، وهم لهذا يجهلون الكثيرَ مما حولهم. وبالتأكيد فإن عبد الغفار حسين ليس من هؤلاء، يندر أن تراه ليس ممسكاً بكتابٍ في يده أو على طاولة عمله، متسلحاً بلغةٍ عربية كلاسيكية تمكّنه من فهْم الكلمات التي توقَّف استخدامها»، كما يحتوي الكتاب على سيرة للكاتب تشمل عطاءاته المهنية والأدبية والشخصية والمناصب التي تقلدها ومساهمته في الحياة العامة.

وبتفحص موضوعات هذا المؤلف الكبير، نجد عند مؤلفه الأديب عبد الغفار حسين نظرة معمقة إلى التاريخ، والتراث قديمه وجديده، والكتابات الحديثة والمعاصرة، كما نجد تجوالاً في مختلف شؤون الأدب والعلوم، والبحث في نشأة وتأسيس البلدان خاصة تشكل دولة الإمارات العربية المتحدة، وفي هذا الأخير نجد اهتماماً كبيراً عند المؤلف بتسليط الضوء على كتابات قادة وحكام الإمارات منذ التأسيس حتى اليوم.

تاريخ وأحداث

في التاريخ على سبيل المثال، وما له علاقة بتأسيس البلدان خاصة الإمارات، نلتفت إلى عناوين كثيرة في الكتاب منها: «التاريخ الحافل بالأحداث.. ذكريات الأيام الأولى في دولة الإمارات وسلطنة عمان» لإدوارد هندرسون، وهو دبلوماسي بريطاني وكان شخصية بارزة في منطقة الخليج العربي، حيث أمضى معظم حياته في تعزيز علاقات بريطانيا مع الإمارات العربية وغيرها من بلدان الخليج، وهناك «الكويت: من الإمارة إلى الدولة.. ذكريات العمل الوطني والقومي» للدكتور أحمد الخطيب، وأيضاً «تاريخ الفجيرة.. شواهد ودلائل أثرية» للدكتور أحمد خليفة الشامسي، و«الإمارات السبع على الساحل الأخضر» لأحمد قاسم البوريني، و«الإمارات المتصالحة – رياح الصحراء» لدونالد هولي، و«ساحل القراصنة» للسير تشارلز بلجريف، وهو مواطن بريطاني عمل مستشاراً لحكام البحرين من عام 1926 حتى عام 1957.. وغيرها من العناوين.

في باب التراث، يغوص عبد الغفار حسين في ثروة عالمية من هذا التراث الإنساني، مروراً بتركيزه على التراث الخاص لدولة الإمارات العربية المتحدة، وهناك عناوين كثيرة في هذا المحور المهم، وفي الموضوع الأدبي والفكري على وجه الخصوص، يسلط عبد الغفار حسين الضوء على العلامات البارزة في تاريخ هذا الأدب، كإلياذة هوميروس مروراً برموز الأدب العربي والإماراتي في الشعر والقصة والرواية.

وفي سياق اهتمامه بما كتبه حكام وقادة الإمارات نجد عناوين بارزة مثل: كتاب «رؤيتي.. التحديات في سباق التميز» و«ومضات من فكر» لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، و«خرافة القرصنة» و«الخليج في الخرائط التاريخية» و«صراع القوى والتجارة في الخليج» لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة.. وغيرها.

قالوا في الكاتب

قال عنه المرحوم عبدالله عمران: «عبد الغفار حسين قارئ متنوع، ذو ثقافة واسعة يقرأ ويكتب في موضوعات متنوعة مثل الأدب والشعر، السياسة، الرحلات، والتراجم، والفنون، والطعام، وذلك تم عرضة في مقالاته في جريدة «الخليج» بعنوان «كشاكيل ملونة»، التي تضمن كتاب «كتبٌ وكتاب» جزءاً منها.

وقال د. عبدالله المدني: «عبد الغفار حسين.. مرجع إماراتي معتمد في تاريخ المنطقة».

أما خلف الحبتور فقال: «من الشخصيات المميزة في مجتمعنا الإماراتي والعربي عبد الغفار حسين، مثقف وقارئ متمكن وأديب، هو نبع من المعرفة والعلم يجب على شبابنا الاستفادة منه».

أما د. علي بن تميم فقال:«خالص الشكر للأستاذ القدير عبد الغفار حسين، الذي عرفناه أديباً بارزاً يتمتع بالموضوعية والعمق.. أحببنا العربية معك وتشاركنا في تقدير جواهرها الثمينة في الشعر والحكمة».

وقال بلال البدور: «لا يستقيم الحديث عن المشهد الثقافي الإماراتي، إلا بذكر مسيرة الكاتب والأديب عبد الغفار حسين، وبصمته الواضحة في هذا المشهد وحضوره اللافت فيه، مسيرة ممتدة منذ عقود من الزمن».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"