عادي

تعرف إلى «الكابتن» ودوره فوق المستطيل الأخضر

11:51 صباحا
قراءة 7 دقائق
إعداد: معن خليل
يحظى الكابتن أو القائد بمكانة مهمة في الفرق الرياضية، من خلال ما يمتاز به من خصائص تجعله المدرب الثاني في أرض الملعب، فهو الذي يعمل على تنفيذ أفكار الجهاز الفني فوق المستطيل الأخضر ويوجه زملاءه ويحثهم على العطاء، كما أنه الوحيد الذي يحق له مناقشة الحكام في القرارات التي يتخذونها والاعتراض ضمن حدود ما يسمح به القانون.
ويتمتع الكابتن بمجموعة من الصفات الخاصة، فهو إلى جانب تميزه كلاعب ينفرد بكونه صاحب شخصية قيادية تجعله مهاب الجانب عند زملائه اللاعبين وكلمته دائماً مسموعة لما يحظى به من احترام عندهم.
وأكثر ما يجب أن يتمتع به الكابتن أيضاً أن يكون هادئ الأعصاب وصاحب تركيز عال على حصر الأخطاء وأعمق فهماً وإدراكاً للواجبات، إضافة إلى تمتعه بأخلاق رفيعة وعلاقة اجتماعية جيدة مع سائر اللاعبين والمدرب، وهي مسؤولية كبيرة ومهمة ليست باستطاعة أي لاعب أن يتقلدها.
وللدلالة على مدى أهمية وظيفة الكابتن وتكريماً له فإنه أول لاعب يتسلم الكؤوس خلال المسابقات والبطولات، وذلك لإعطائه هالة خاصة تنعكس على شخصيته وتجعله لاعباً مسؤولاً.
وتاريخياً كان هناك خوف من تسلم شارة القيادة وعندما أراد القيصر بكنباور مدرب ألمانيا في مونديال 1990 تقليد شارة الكابتن إلى لوثار ماتيوس رفض الأخير بشدة في بادئ الأمر ومن ثم قبل الأمر لاحقاً، وهو قال جملته الشهيرة «أنا لا أوافق أن أكون قائداً للفريق لأنها مسؤولية كبيرة ولا أريدها».
وعندما درب الأسطورة الراحل دييجو مارادونا قام بتعيين ماسكيرانو قائداً للمنتخب الأرجنتيني بعد مفاوضات مطولة معه، مؤكداً أن ماسكيرانو «هو الأقرب إلى الفكرة التي عندي حول قميص المنتخب الأرجنتين فهو يضحي من أجله ومحترف بعقله وأرى أنه يستطيع نقل توجهاتي إلى زملائه داخل الملعب».
وحسب الشائع فإن الكابتن هو من يكون الأكبر سناً في الفريق أو الأقدم والأكثر نجومية، لكن ذلك غير صحيح لأنه من الممكن أن يكون القائد صغيراً والدلائل كثيرة حول ذلك، لكن ماهي الخصائص الأساسية التي تجعل من لاعب قائداً دون غيره؟
صفات وخصائص
يختصر الاسكتلندي أليكس فيرجسون المدرب السابق لنادي مانشستر يونايتد صفات الكابتن عندما يتحدث عن كيفية اختياره له فيقول: الاختيار تحدده جملة من العوامل الذاتية والموضوعية، وهو غير خاضع للعمر أو المستوى الفني والأقدمية في اللعب، حيث إن الأمر الأهم هو الشخصية الكاريزمية وهي لا تتوفر عادة في كل لاعبي الفريق، ثم احترام زملائه له، ورؤيته لما يدور في الملعب وقيادته لزملائه أثناء المباراة.
ويحدد فيرجسون خيارات الكابتن عندما يكشف أن اللاعب السابق برايان روبسون الذي كان قائداً لنادي مانشستر يونايتد عندما أستلم هو تدريبه عام 1996 كان أفضل كابتن شاهده في حياته لقدرته الكبيرة على تغيير دفة اللعب في ثوان وخصوصاً في اللحظات العصيبة.
أما اللاعب الغاني السابق اليكس نيركو والذي سبق له الاحتراف في نادي إيفرتون الإنجليزي فقد كان له تعريفه الخاص عن الكابتن عندما برر سبب رفضه لحملة شارة القيادة في منتخب بلاده بالقول: رفضت منصب الكابتن احتراماً لنفسي فكابتن الفريق يجب أن يكون من اللاعبين المقيمين في غانا لأن عليه مسؤوليات كبيرة منها حل مشكلات زملائه والموافقة على مكان المعسكرات والرد على الصحافة ووسائل الإعلام وتنفيذ التكتيكات في الملعب وتوصيل أفكار المدرب إلى باقي اللاعبين، وكل هذه الأمور لن أقدر عليها.
والكابتن هو منصب قيادي بالفعل، ولقد أخذت الرياضة هذا المنصب من مناشط أخرى في الحياة حيث إنه يمكن أن يكون رتبة عسكرية أو قبطان طائرة وسفينة، وحتى المافيا تستعمل هذه الكلمة في توزيع مسؤوليتها حيث يدير الكابتن عائلات صغيرة ضمن التوزيع العام عندها وهو يتبع مباشرة إلى الرئيس.
كما أن الكثير من الشخصيات الكرتونية كان لها نصيب في التسمية مثل الكابتن ماجد و«كابتن أمريكا» والذي ظهر كراوية منذ عام 1941 قبل أن يتحول إلى بطل سينمائي وتلفزيوني، كما ظهر مؤخراً فيلم «سكاي كابتن» وهو من الخيال العلمي والإثارة المتجددة، وفي بريطانيا وغيرها من الدول ظهر الكابتن هوك وكيد وكوك وكلها شخصيات تسافر في البحار وتروي قصص القراصنة وقد نالت شهرة عالمية واسعة.
الكابتن وقبطان السفينة
وعلمياً ورياضياً فإن الكابتن له المزيد من الصفات، فحسب علم النفس فإن كل فرد في المجتمع هو شخصية قائمة بذاتها، وتفوق أحدهم يكون من خلال مجموعة من عوامل التأثير الوراثية والبيئية تميزه بمجموعها عن الأفراد الآخرين سلوكياً وجسمياً وعاطفياً في آن.
أما رياضياً فهي تعني القيادة بكل ما للكلمة من معنى، وهذا مايستدل عليه من العبرة في إيجاد الكابتن، حيث إن تطور قوانين كرة القدم جعل من الأهمية وجود لاعب يحظى بمكانة متفردة عن زملائه وقد أطلقت عليه تسمية كابتن وهي مشتقة من كلمة «كاب» أو القبعة وهي مأخوذة من كلمة «الكابيتن» أو القبطان الذي يكون ربان السفينة.
وكان الإنجليز أول من أوجد الكابتن وكان أول قائد لمنتخبهم الوطني كوثيرت أوتاواي وذلك خلال المباراة الدولية الأولى في تاريخ كرة القدم، والتي أقيمت بمواجهة اسكتلندا في 30 نوفمبر عام 1872، حيث كان عمر أوتاواي وقتها 22 عاماً فقط.
ولقد أعطيت شارة القيادة لأوتاواي لعدة صفات كانت موجودة عنده فهو لاعب فريد مارس عدة ألعاب منها كرة القدم وألعاب القوى والتنس والكريكيت، كما أنه امتاز بوضع اجتماعي وتعليمي عال بعدما تخرج من الجامعة كمحام.
وكان الكابتن يلبس القبعة في بادئ الأمر لتمييزه لكن بعد ذلك بدأ بوضع قماشة على يده من أجل أن يتعرف الحكم إلى قائد الفريق عند استدعائه له لأي طارئ.
وعلى العموم فإن حمل شارة القيادة في الكرة الإنجليزية هو بمثابة وسام يعلق على صدر اللاعب، وهذه المهمة تمثل الحلم الأكبر الذي يسعى إليه كل لاعب وشرفاً كبيراً يتمنى الحصول عليه، ولقد كان بيلي رايت وبوبي مور الأكثر حظاً حيث يحملان الرقم القياسي بعدد المباريات التي خاضاها وهما قائدان للمنتخب الإنجليزي بواقع 90 مباراة لكل منهما، حيث كان بيلي رايت كابتن من عام 1946 حتى عام 1959 ومور من 1962 حتى عام 1973 قاد خلالها الإنجليز للفوز بأول لقب في تاريخها في كأس العالم عام 1966.
وامتدح نجم إنجلترا السابق كيفن كيجان الكابتن بوبي مور بالقول: لن تجد إنجلترا لاعباً يصلح لقيادة فريقها مثل بوبي مور الذي رغم أنه استلم القيادة في عمر 22 عاماً إلا أنه امتاز بالتفاهم مع المدرب ألف رامزي الشيء الذي أسهم في الفوز بلقب بالمونديال، كان لبوبي سيطرة رهيبة على اللاعبين وهو قائد بالفعل.
وتحفل الملاعب الإنجليزية بالكثير من الأرقام الخاصة حول شارة القيادة حيث كان راي ويلكنز أصغر كابتن في الملاعب إذ كان قائداً لنادي تشيلسي وعمره 17 عاماً فقط وذلك عام 1973، في حين أصبح الإسباني سيسك فابريجاس قائداً لفريقه السابق أرسنال وهو في العشرين من عمره بعدما رأى فيه المدرب السابق الفرنسي أرسين فينغر أنه أفضل من يخلف وليام غالاس الذي جرد من شارة القيادة بسبب تصريحاته ضد زملائه.
اللاعب المدرب
وعندما يقال إن الكابتن هو المدرب في أرض الملعب فإن الأمر لا يبتعد عن الحقيقة وأحياناً يخرج عن ذلك ليصبح مدرباً حتى خارج الملعب من جراء قوة شخصيته التي تجعله فرداً فريداً، واللاعب الألماني السابق فرانتس بكنباور هو خير مثال على ذلك عندما كان يضع التشكيلات خلال المباريات، ويقال إنه السبب الرئيسي لفوز منتخب بلاده بلقب مونديال 1974 ولذلك حكاية.
نظمت ألمانيا الغربية سابقاً كأس العالم عام 1974 وكانت مطالبة بإحراز اللقب، لكن مسيرتها في الدور الأول لم تكن مثالية وتعرضت لخسارة تاريخية أمام جارتها ألمانيا الشرقية صفر-1، لكن بكنباور نجح في تجريد المدير الفني للمنتخب آنذاك هيلموت شوين من سطوته، حتى أنه أطلق عليه لقب «شوين» في إشارة إلى أنه هو المدرب الحقيقي وليس هيلموت شوين بعدما لجأ إلى تغيير التشكيل الأساسي للفريق في الدور الثاني وظهرت ثمرة ذلك الفوز على يوغوسلافيا 2-صفر والسويد 4-2 وبولندا 1-صفر ومن ثم هولندا في المباراة النهائية.
ولقد كانت فلسفة بكنباور الذي يعد أعظم قائد مر على تاريخ منتخب ألمانيا الغربية تقوم على ما قاله هو نفسه: كنا نلعب بطريقة هجومية بحتة وغيرت ذلك لنلعب بأسلوب أكثر توازناً لأن كل منافسينا أصبحوا أقوياء.
القائد المدافع وحارس المرمى
أكثرية الخبراء لا يفضلون حارس المرمى كابتن للفريق بحجة أنه يكون مضطراً لملازمة مكانه طوال المباراة وحركته محدودة ولا يمكن الاتصال باللاعبين، ولكن هناك آراء مخالفة لذلك وهي أن حارس المرمى يتمتع بميزة خاصة وهي قدرته على رؤية مجرى اللعب بوضوح، ويؤيد مدرب مانشستر يونايتد السابق أليكس فيرجسون هذا الرأي بل يزيد بأن الكابتن يجب أن يكون مدافعاً أو حارس مرمى لأنه يستطيع رؤية الملعب كاملاً وتوجيه زملائه بشكل أفضل.
وهناك عدد كبير من حراس المرمى العمالقة السابقين الذين استلموا شارة القيادة في فرقهم مثل الإيطالي دينو زوف الذي كان قائداً لمنتخب بلاده عند فوزه بلقب مونديال 1982 والألماني أوليفر كان الذي حصل على لقب أفضل لاعب في مونديال 2006 ، كما قاد إيكر كاسياس منتخب إسبانيا إلى لقب يورو 2008 ليصبح أول حارس في التاريخ يحمل كأس أوروبا ككابتن.
ويحظى تاريخ كرة القدم بالكثير من اللاعبين الذين تركوا بصمة في المنتخبات وأنديتهم على صعيد شارة القيادة عندما كانوا مدافعين مثل الإيطالي فرانكو باريزي لاعب ميلان الإيطالي الذي خاض مع فريقه نحو 512 مباراة في الدوري الإيطالي وهو رقم قياسي قبل أن يأتي الأسطورة الآخر باولو مالديني، والأرجنتيني زانيتي ويحطمان رقمه.
وكان اللاعبان يملكان «كاريزما» غير طبيعية ويقول باريزي: عندما استلمت شارة القيادة صممت على مواجهة كل المواقف مهما بلغت درجة صعوبتها لأن شارة القيادة التي يعتبرها البعض مجرد قطعة قماش لها تأثير عجيب في حاملها فهي تجبره على أن يكون المثال الإيجابي لزملائه وتجعله يبذل أقصى ما يملك من أجل الفريق.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"