عادي

الجنايات المهدرة في الإسلام

23:21 مساء
قراءة 3 دقائق
1
عارف الشيخ

د. عارف الشيخ
الأصل في الجنايات أن يكون هناك قصاص لقول الله تعالى: «يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى، فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان، ذلك تخفيف من ربكم ورحمة، فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم، ولكن في القصاص حياة يا أولي الألباب». الآيات من سورة البقرة.

ويقول الدكتور محمد طلبة زايد في كتابه «ديوان القصاص»: «القصاص يكون في النفس وفي الأعضاء، والقصاص في النفس لا يكون إلا في القتل العمد، والقصاص في الأعضاء لا يكون إلا في الإصابة العمد، أما القتل الخطأ أو الجرح الخطأ فعقوبته الديات كما هي مقررة في كتب الفقه».

ثم يقول: «والقصاص هو أنجح دواء لحسم جرائم الدماء، وهو أقوى ضمان لأمن الناس جميعاً، لكن رجع المسلمون القهقرى، وغيروا شرائع الله وأبطلوا القصاص في الجراحات، واستبدلوا به الحبس والغرامات، فتضاعفت الاعتداءات».

والحقيقة أن التهاون في القصاص تهاون في حقوق العباد وحقوق الله، ولقد قال، عليه الصلاة والسلام، في عام حجة الوداع: «ألا إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، ألا قد بلغت، اللهم فاشهد». رواه البخاري.

ويرى الدكتور زايد في كتابه القيم «ديوان القصاص» بأن «القتل هو القتل الذي كتبه الله على العباد من لدن آدم إلى قيام الساعة، وإن كان ولابد من تقسيمه فلا يقسم إلا إلى عمد وخطأ فقط، لكن تكلف الفقهاء فابتدعوا أشكالاً مثل: القتل شبه العمد، وما جرى مجرى الخطأ، وقتل الغيلة، والقتل بسبب، ثم شرعوا لكل من هذه الأصناف حكماً خاصاً مرده الاجتهاد».

ويقول أيضاً: «ومثل هذه الاجتهادات خارج النصوص جرأت أصحاب الشرائع الأرضية بأن يقسموا القتل إلى عمد محض، وعمد مع سبق الإصرار، ورصد، وضرب أفضى إلى موت، وقتل عادي، واغتيال سياسي.

وليس بغريب أن يخترعوا مسميات أخرى في المستقبل مثل قتل الحذيفة وقتل الثورة وقتل الخلوة وقتل الرفق وقتل البطش وغيرها، ثم يجعلون لكل حكماً يتفاوت في الرفق والشدة.

وإن أكثر حالات القتل التي تقع بين الناس اليوم في مشاجراتهم، هي التي وصفها الفقهاء بشبه العمد وأسقطوا فيها القصاص، بينما هي عند الله عمد واجب فيها القصاص».

أقول إنه على افتراض أن القتل يقسم إلى قسمين فقط: قتل عمد وقتل خطأ، فإن في الإسلام جنايات أخرى مهدرة لا عقوبة على فاعلها لا بقصاص ولا بدية، وهي أنواع خمسة كما ذكرها الدكتور محمد طلبة زايد:

- الجناية على نفس الصائل بدنه من قبل المدافع عن نفسه.

- فقأ عين المطلع في بيتك بغير إذن.

-جناية المجنون والنائم وغير البالغ

- الإصابات الواقعة من العجماوات من تلقاء نفسها.

- الإصابات الواقعة من الجمادات من غير توجيه من أحد.

- صحيح أن الفاعل الحقيقي في كل الإصابات هو الله تعالى لقوله تعالى: «ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا كتاب من قبل أن نبرأها» الآية رقم 22 من سورة الحديد.

والمجنون والنائم وغير البالغ والحيوان والطير والجماد، فاقدو الأهلية وغير معنيين بالتكليف.

- كما أن الشرع أهدر الجناية متى كانت بسبب أن الشخص ارتكب تلك الجناية في سبيل الدفاع عن النفس، والله يقول: «ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل» الآية رقم 41 من سورة الشورى.

- كذلك جناية العجماوات حيواناً أو طيراً، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: العجماء جبار، لكن إذا كان على ظهر حيوان إنسان، فحرضه فإنه مسؤول عن جنايته.

- كذلك الحكم في جناية الجماد، فإنه لا تترتب عليها عقوبة إذا كانت من تلقاء نفسها لقول الرسول: البئر جبار والمعدن جبار أي هدر لا دية لجنايته، أما لو حركه إنسان فإن المحرك ضامن.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"