عادي

الثأر ابن الغضب

20:19 مساء
قراءة دقيقتين

أصدرت دار التنوير للنشر والتوزيع كتاب ماري فرانس هازبروك وعنوانه «عن الثأر» ترجمة أيمن عبد الهادي، ويقدم الكتاب فكرة الثأر، عبر نماذج من التراث الإنساني ومن الفلسفة والسينما والأدب، مشيراً إلى أن من يعتدي على خصمه، يتجاسر عليه، لأنه لا يخافه، وهذا معناه أن شعوراً بالتفوق يتملكه، ولو لم يستجب المعتدى عليه، لاعتبر ضعيفاً، عند كل من يفترض أن يحترمه، وبالتالي يصبح الثأر ليس مجرد حق، إنما هو ثأر لشرفه، وعلى ثأره أن يفزع أولئك الذين سيحاولون بدورهم الاعتداء عليه.

لو كان الثأر مثل وجبة باردة، لكان ثأراً متحضراً، يختزل في أفعال هينة، وليس فيها عنف مبالغ فيه، لكن الثأر ينتج عن مشاعر يؤججها الغضب وتخزنها الضغينة، التي تطلق الكراهية والحقد، حتى يتحول الثأر إلى هاجس تدمير الآخر، إنه كراهية لا تختبئ، فطالب الثأر يحرص على أن يكشف عمله في اللحظة، التي يضرب فيها، كأنه بهذه الطريقة يريد أن يقول إنني الأقوى، يظن أنه ينفذ العدالة، وهو بذلك يقيم عدالة يقررها بنفسه، إن عدالة الثأر لا تقبل المثل، إنها تسعى إلى التدمير، تدمير الخصم، وحتى تدمير الذات أيضاً.

يشير الكتاب إلى أنه بوسعنا أن نتساءل عن مصدر تعبير الغضب المحتدم، ثورة غضب حقيقية، تعبير نفكر فيه أحياناً لتوصيف أولئك الذين بدا وكأن الجنون قد مسهم، فيدمرون كل ما يحيط بهم، أن يحتدم غضبك يعني أن تتجاوز الحد الأقصى من الغضب: هل يعني هذا تجاوزك أبعد من الثأر؟ غضب «أخيل» مثلا ضد هكتور تحول إلى غضب مجنون محتدم، حين انتهك جثة هذا الأخير، كيف لميت أن يشعر بأننا نثأر منه؟ حين مات وقعت عليه العقوبة الأخيرة، ولن يكون بوسعه بحال المعاناة من جديد.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"