عادي
5 أسباب تجبر أولياء الأمور على البحث عن بدائل

ارتفاع أسعار الحافلات المدرسية يلقي بالطلبة في مخاطر الـ «كار لفت»

00:03 صباحا
قراءة 6 دقائق

تحقيق: محمد إبراهيم

النقل المدرسي من أهم الخدمات التي تقدمها المدارس للطلبة خلال العام الدراسي، لاسيما الذين تبعد مساكنهم عن مدارسهم، بمسافات طويلة، لتصبح الحافلات المدرسية الاختيار «الأمثل» لأولياء الأمور، لتخفيف معاناة تنقل أبنائهم من وإلى المدرسة.

ولكن عدداً من أولياء أمور أكدوا أن رسوم الحافلات مبالغ فيها، ولا تناسب القدرات المالية لمعظم الأسر، وتصدرت قائمة التحديات التي تؤرق الأهالي في مجتمع التعليم، ورصدوا 5 أسباب تجبرهم على الاستعانة ببدائل أخرى للنقل المدرسي، أبرزها ارتفاع رسومها واستخدامها كوسيلة ضغط عليهم.

عبّر الميدان التربوي بمختلف فئاته، عن بالغ حزنه وأسفه للحادثة التي وقعت مؤخراً وأسفرت عن وفاة طالبين من «مدرسة الإمارات الوطنية»، وإصابة ثلاثة آخرين، بينهم شقيقتان وذلك أثناء ذهابهم إلى المدرسة؛ حيث استقلوا سيارة خاصة «الكارلفت»، استأجروها لنقلهم من بيتهم في منطقة السيجي إلى مدرستهم بالشارقة.

وفي أعقاب الواقعة التي أذابت قلوب الجميع، طالبوا بتدخل الجهات المعنية، لتقييم تلك الخدمة في المدارس، وتحديد رسومها وتوحيدها، وتشديد الرقابة على العناصر التي تقف وراء فوضى غلاء رسوم النقل المدرسي، على اعتبار أنها تشكل ضرورة لمعظم المتعلمين، ولا يجوز استغلالها لتحقيق الأرباح منهم مقابل تقديمها.

«الخليج» حرصت على لقاء الأطراف كافة، للوقوف على أسباب لجوء الأهالي لوسائل مثل «الكارلفت» كبديل عن النقل المدرسي، وإلى أي حد بلغ غلاء رسوم الحافلات المدرسية؟ ولماذا تتفاوت رسومها التي تتراوح بين 4 - 10 آلاف درهم للطالب الواحد في بعض المدارس، وما دور المسؤولين في التصدي لتلك الظاهرة.

غلاء مستمر

البداية كانت مع رصد «الخليج» لحادث سير أليم، ارتقت فيه روحا الطالبين علي ناصر الحافري الكتبي، ومحمد سيف علي الحافري الكتبي إلى بارئها؛ إذ كانا برفقة الطلبة خليفة علي سالم الزحمي، والشقيقتين علياء ناصر علي الحافري الكتبي وموزة ناصر علي الحافري الكتبي؛ حيث استأجروا سيارة خاصة «الكارلفت»، لتنقلهم من البيت في منطقة السيجي إلى مدرسة الإمارات الوطنية فرع الشارقة.

أولياء الأمور محمد طه، حمد آل علي، سيد صبري، هالة عبد الرحمن، أم سلمى، أكدوا أن الواقعة وغيرها نتائج طبيعية، لموجة الغلاء المستمرة في رسوم الحافلات المدرسية؛ إذ إن الاستعانة ب«الكارلفت» إحدى الوسائل التي يُجبر عليها أولياء الأمور، لنقل أبنائهم من وإلى المدرسة، لعدم قدرتهم على إلحاق أبنائهم بالنقل المدرسي، لرسومه المرتفعة التي لا يقوى عليها معظم الأسر.

وأفادوا بأن هناك مدارس خاصة ترفع رسوم الحافلات سنوياً بنسبة 100%، الأمر الذي يشكل معاناة كبيرة للأسر محدودة الدخل، والتي لديها أكثر من طالب في مراحل التعليم المختلفة، موضحين أن رسوم الحافلات في بعض المدارس تتراوح بين 5-10 آلاف درهم للطالب الواحد، متسائلين عن وسيلة لتمكينهم من الوفاء بالرسوم الدراسية ورسوم الحافلات التي تتجاوز رسوم الدراسة مع وجود عدد من الأبناء، مطالبين بأهمية وجود رقابة حكومية، لضبط إيقاع ما تفرضه المدارس الخاصة على أولياء الأمور من زيادات كل عام ومن دون مبرر، لاسيما في تلك الخدمة.

متغيرات الرسوم

ويرى فريق آخر يضم ميادة محمود، وسلمى سعيد، وإيهاب زيادة، ومنى شوقي، وميثاء حمدان، أن المتابع لمتغيرات رسوم الحافلات سنوياً، سيجد أنها تزداد بنسبة 100% في كل عام دراسي من دون مبرر، الأمر الذي دفعهم كأولياء أمور إلى البحث عن وسائل بديلة لنقل أبنائهم من وإلى مدارسهم، مؤكدين أن معظم الأهالي يستندون إلى «الكارلفت» كبديل عن الحافلات المدرسية؛ إذ إن رسومها تناسب الأسر وفي الوقت ذاته تؤدي دور الحافلات.

وقالوا إن إنصاف الاستثمار في التعليم الخاص حق مكفول ولا جدال فيه، ومن يرغب في إلحاق أبنائه بالمدارس الخاصة عليه مسؤولية تحمل التكاليف، لكن للتعليم قداسة خاصة، ورسوم الخدمات يجب أن تبقى ضمن منظومة مالية متوازنة، تحكمها ظروف النفقات الفعلية التي تتحملها إدارات هذه المدارس، مضافاً إليها هامش مقبول للريع الاستثماري.

قرار اضطراري

وأضافوا أن البعض قرر اصطحاب أبنائه للمدرسة، لعدم قدرتهم على دفع الرسوم المبالغ فيها للحافلات في مدارس أبنائهم، فهناك من طلب منه سداد 20 ألف درهم مقابل رسوم النقل المدرسي فقط، على الرغم من قرب المسافة التي لا تتجاوز 20 دقيقة، بين البيت والمدرسة، إضافة إلى الرسوم الدراسية المرتفعة، ما يمثل ضغطاً كبيراً بسبب غلاء الأسعار بشكل مبالغ فيه، مطالبين بتوحيد رسوم النقل المدرسي على المدارس كافة، وفق معايير محددة، خاصة أن بعض المدارس تستغل بند النقل المدرسي في وضع رسوم غير مبررة.

واعتبروا أن زيادة رسوم الحافلات في بعض المدارس يعد تحايلاً، لعدم حصول معظم المدارس على الموافقة بزيادة الرسوم، ولا يوجد مبرر لزيادة أسعارها التي تقفز من 4 آلاف درهم إلى 8 آلاف درهم، على الرغم من عدم تغير مكان السكن.

وسيلة ضغط

وأفادت إحدى المتحدثات أن مدرسة أبنائها زادت رسوم الحافلات المدرسية ألفي درهم هذا العام، وأصبحت الرسوم 9000 درهم لرحلة الذهاب والعودة داخل إمارة دبي، بدلاً من 7000 درهم، ولجأت المدرسة لرفع أسعار الحافلات المدرسية تعويضاً عن فشل إدارة المدرسة في زيادة في الرسوم المدرسية، مضيفة أنها مضطرة للاشتراك في الحافلات؛ حيث تعمل وزوجها في أماكن بعيدة عن المدرسة.

وأكدت أن خدمات النقل المدرسي لا تزال في حاجة إلى التطوير، ومتابعة المسؤولين لتذليل الصعوبات والعمل على تأمين تنقل الطلبة من وإلى المؤسسات التعليمية.

ورصد أولياء الأمور 5 أسباب تجبرهم على الابتعاد عن النقل المدرسي، والبحث عن بدائل، أبرزها «ارتفاع رسومها المستمر من دون مبرر، وغياب الرقابة عن تلك الزيادات، وعدم جاهزية الحافلات للعمل في بعض المدارس، وعدم تأهيل السائقين والمشرفين، وافتقارها للتقييم داخلياً من المدرسة ومن الجهات المعنية، واستخدامها كوسيلة ضغط على ولي الأمر في حال تعثر في سداد احد الأقساط الدراسية؛ إذ يتم منع الطالب من استخدام الحافلة.

وفي المقابل التقت «الخليج» عدداً من مديري المدارس الخاصة، للتأكد من مدى واقعية آراء أولياء الأمور في شأن المبالغة في رسوم النقل سنوياً، والأسباب وراء تلك الزيادة المشهودة، وهل هي بوابة تتربح منها إدارات المدارس؟ حيث أكد حميدان ماضي، وأسماء غبور، و «س.م»، و«ر.م»، أن مدارسهم لم تزد رسومها خلال العام الجاري، وهناك استقرار في جميع الرسوم، كما أنها تمنح تخفيضات للأسرة التي لديها أكثر من طالب في المدرسة سواء في الرسوم المدرسية أو رسوم الحافلة، ويصل الحسم إلى 10%، فضلاً عن مساعدة الطلبة من ذوي الدخل المحدود.

رسوم اعتيادية

وقالوا إن رسوم الحافلات اعتيادية، تتناسب وجميع الأسر؛ إذ تتراوح بين 4-10 آلاف حسب المناطق التي يسكن فيها الطلبة، وأن هذا المبلغ يتناقص كلما كان قريباً ولا يزيد مهما كانت المنطقة، مشيرين إلى أن هناك شركات تعاقدت معها المدرسة لنقل الطلبة ولن تزيد رسوم المواصلات العام الدراسي المقبل، لأن المدرسة تنظر إلى هذه المسألة على أنها خدمة للطلبة وليست قناة لتحقيق الربح.

وأفادوا بأن زيادة قيمة الرسوم أمر إلزامي في ظل زيادة الكلفة وفق الميزانيات التشغيلية وارتفاع الأجور، والمدارس لا تعمل من دون رقابة؛ بل إن رفع رسوم الحافلات أو الرسوم المدرسية يتم بناء على موافقة من الجهات المعنية التي تدرس الطلبات، وتوافق بحسب ما تراه مناسباً ومنصفاً للطرفين المدرسة وأولياء الأمور.

زيادة عشوائية

الجهات المعنية أفادت بأن هناك رقابة على كل المدارس الخاصة، تتابع أعمالها وكل ما يتعلق بالعملية التعليمية فيها، وتحاسب من يخالف اللوائح، مؤكدة عدم ورود شكاوى من أولياء أمور تفيد بزيادة في الرسوم، مناشدة إياهم ضرورة التواصل معها في حال زيادة أي رسوم بطريقة عشوائية.

وحول رسوم الخدمات غير التعليمية، أكدت أنها تعمل بالتنسيق مع الجهات المعنية من أجل ضمان حقوق الطلبة وأولياء الأمور، فيما يتعلق برسوم الخدمات المدرسية غير التعليمية التي تقدمها المدارس من خلال مزود خدمات خارجي، مثل التغذية والزي المدرسي والمواصلات.

وقالوا إن الخدمات غير التعليمية تقدم وفق طريقتين، الأولى من خلال المدرسة ذاتها، وفي هذه الحال تخضع لتقييم فرق الرقابة الخاص بالرسوم؛ إذ لا يحق للمدرسة فرض أي زيادة قبل الحصول على موافقة مسبقة، فيما تأتي الطريقة الثانية لتحاكي التعاقدات من قبل المدرسة مع جهات خارجية تقدم هذه الخدمات، وفي هذه الحالة لا تخضع لفرق الرقابة؛ بل لرقابة وإشراف الجهات الحكومية الأخرى المختصة.

حاجة ماسة

أكدت فئات مجتمعية مختلفة، أن النقل المدرسي بحاجة ماسة إلى هيئة وطنية، تراقبه من كثب، وتتأكد من رسومه ومدى مناسبتها لأولياء الأمور، فضلاً عن تأهيل السائقين والمشرفين، ووضع معايير موحدة لبناء برامج تأهيلية لهم، تنعكس إيجابياً على أدائهم، واعتماد ضوابط وآليات جديدة لتعينهم، وقياس مدى قدراتهم على استيعاب مسؤوليتهم، والتزامهم بالقوانين التي تحكم الطرق.

الجدير بالذكر أنه لم تشهد المدارس الحكومية أية مشاكل في رسوم الحافلات؛ إذ أفاد عدد من أولياء الأمور، بعدم وجود أي مطالبات مالية إضافية منهم، نظير استخدام أبنائهم لخدمة النقل المدرسي من وإلى المدرسة، لتبقى رسوم الحافلات في المدارس الحكومية مستقرة من دون إشكاليات في الرسوم أو الجاهزية أو تأهيل سائقيها ومشرفيها.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"