عادي

تعرف إلى «أسطورة النحس» في التوقعات الرياضية

10:14 صباحا
قراءة 9 دقائق
إعداد: معن خليل
كان مدرب منتخب إسبانيا لويس إنريكي، آخر من دخل عالم التوقعات الرياضية، عندما رشح مؤخراً الأرجنتين والبرازيل للفوز بلقب مونديال 2022 في قطر، قائلاً إن المنتخبين هما الأوفر حظاً، بفارق كبير عن باقي المنافسين.
ولا تسعد مثل تلك التوقعات أنصار البرازيل والأرجنتين، بل على العكس فإنها مصدر للتشاؤم بالنسبة إليهم، ذلك أن العديد من النجوم السابقين عادة ما يكونون مصدر نحس عندما يتوقعون، والأمر الذي لا يصدق أن «ملك» كرة القدم البرازيلي بيليه هو «ملك» التوقعات الخاسرة.
قبل مونديال 2014، طلب لاعب خط وسط تشيلي السابق خورخي فالديفيا، والذي سبق له اللعب في الدوري الإماراتي مع ناديي العين والوحدة، من بيليه ألا يرشح بلاده للفوز بكأس العالم، وذلك بعدما نجح «لاروخا» بإبهار الجميع خلال تصفيات أمريكا الجنوبية والمباريات الودية.
وقال فالديفيا بعدما رشح بيليه تشيلي لتكون مفاجأة مونديال 2014 «ما يتوقعه بيليه يحدث عكسه، أكن له كل احترام لكني أفضل ألا يتحدث عن بلدنا».
وبالفعل لم تكن تشيلي مفاجأة المونديال وودعت من دور الـ16 أمام البرازيل بعدما خسرت بركلات الترجيح.
وبعد 4 سنوات خرجت الصحف العالمية لتقول إن موجة من الإحباط أصابت أفراد الشعب البرازيلي بعد أن اعتبر الأسطورة بيليه، أن منتخب بلاده مرشح لإحراز لقب مونديال روسيا 2018، وقال بيليه يومها «لدينا الوسائل للفوز بالكأس»، لكن منتخب السامبا ودع من ربع النهائي بخسارته أمام بلجيكا.
بيليه ليس وحيداً
وليس بيليه وحده من النجوم من خابت توقعاته، حيث إن هناك الكثير من اللاعبين والمدربين والمسؤولين الذين تركوا بصمة واضحة في عالم الرياضة، لكن قليلاً منهم من نجح في فن التوقعات عندما يتعلق الأمر بالحديث عن مستقبل لاعب أو ناد ومنتخب وحظوظه في التألق وإحراز لقب بطولة كبرى، ليصبح ما يقولونه مدعاة سخرية وليتحول ذكاؤهم الحاد في ركل الكرة أو صنع القرار إلى غباء ونحس لكل من توقعوا له الحظ السعيد.
فشل ملك كرة القدم العالمية البرازيلي بيليه في إعطاء توقع واحد صائب، إلى درجة أن الكاتب الإيطالي كارلو غارنر أطلق عليه «أسطورة النحس» على غرار مايطلق عليه أنه أسطورة القرن على صعيد «المستديرة».
ولكارلو غارنر مبراراته، حيث ان بيليه على مدى تاريخ طويل له من التوقعات لم يصب ولو لمرة واحدة، ويتوجس الجميع منه خيفة حين يطلق أي ترشيح لأن «اللعنة» ستصيب بالتأكيد الشخص أو الفريق المعني، وأكثر من ذلك تعرض «الملك» لأكثر من موقف محرج بسبب ذلك كان أكثرها حدة من النجم البرازيلي السابق روماريو الذي قال: «عندما يلتزم بيليه الصمت يصبح شاعراً أنه يقول أشياء لاقيمة لها.. لقد كان أعظم لاعب أنجبته الملاعب في التاريخ إنه ملكنا لكن يتعين عليه أن يصمت».
حكاية برونكس
وعودة إلى الكاتب الإيطالي كارلو غارنر فإنه سأل «هل بيليه هو بالفعل أسطورة النحس في توقعاته، حينما يذكر اسمه فإن أول ما يتبادر إلى ذهني شخصية تدعى أدي موش في فيلم( حكاية برونكس ) الذي أنتجه روبرت دي نيرو عام 1993، حيث إن أدي موش عندما يقول أي شيء دائماً ما يحدث عكسه تماماً».
في فيلم برونكس مشهد طريف رجال من «المافيا» يتابعون سباقاً للخيول وراهنوا جميعاً على حصان قوي وكان متقدماً على بقية المنافسين بأميال طوال فترات السباق، وبدأ كل عضو في «المافيا» في حساب أرباحه جراء رهانه على الحصان القوي، وفجأة التفت الجميع ليروا أدي موش يصرخ مشجعاً نفس الحصان، ليباشر الجميع بتمزيق أوراق الرهان على الفوز، حيث اعتقدوا أنهم سيخسرون لا محالة، لأن موش دخل على الخط وبالفعل حدث ما كان متوقعاً وسقط الحصان قرب خط النهاية تاركاً المجال لجميع الخيول الأخرى لتجاوزه.
أصبح بيليه مثل «رجل النحس» الأول أدي موش، فهو منذ أن ترك كرة القدم لاعباً لم يصب في أي توقع، وحفظت له الصحف الكثير منها بداية من عام 1977 حين توقع بأن منتخباً إفريقياً سيتمكن من إحراز كأس العالم في القرن العشرين، لكن القرن انتهى وأقيمت ثلاث بطولات من القرن الواحد والعشرين دون أن يصح توقع الأسطورة البرازيلية.
وحين تألقت كولومبيا في تصفيات مونديال 1994 وسحقت الأرجنتين 5-صفر والتي كانت الخسارة الأولى لـ«التانغو» بعد 31 مباراة بدون هزيمة، قام بيليه بترشيح كولومبيا للفوز بلقب المونديال ونجمها الفذ آنذاك فاوستينو اسبريلا للحصول على جائزة أفضل لاعب، لكن الذي حصل أنها خرجت من الدور الأول وخسرت مدافعها اسكوبار بعدما قتله أحد رجال المافيا لتسببه بدخول هدف في مرماه خلال لقاء الولايات المتحدة، أما اسبريلا فلعب في آخر مشواره في الدوري السعودي.
ومع كل بطولة كان يعود بيليه إلى توقعاته حيث رشح إسبانيا للفوز بلقب مونديال 1998 لكنها خرجت أيضاً من الدور الأول.
والمأساة نفسها تكررت مع فرنسا والأرجنتين حيث رشحهما النجم البرازيلي للعب دور البطل في كأس العالم 2002 بعدما كانا لا يقهران على مدى عامين في التصفيات والمباريات الودية، لكنهما خرجتا من الدور الأول في أكبر مفاجآت البطولة التي تتابعت بعدم إحراز فرنسا أي فوز أو هدف.
وأهدى مونديال 2002 التوقعات الأغبى في تاريخ بيليه فهو اختار أيضاً الصين للتألق والتأهل إلى الدور الثاني على الأقل لكنها خرجت من الدور الأول ومرماها مثقل بتسعة أهداف ولم تسجل ولو هدفاً واحداً.
أما التوقع المعاكس في مونديال 2002 فلقد كان مفيداً لمنتخب البرازيل الذي عانى كثيراً في التصفيات والمباريات الودية ليرشحه بيليه بالخروج من الدور الأول وبأنه لا يملك أي حظ في التأهل ويضم أسوأ تشكيلة في تاريخ السامبا، والذي حدث أن البرازيل هي من أحرزت اللقب في النهاية للمرة الخامسة في تاريخها ( رقم قياسي) وتوج نجمها رونالدو بلقب الهداف برصيد 8 أهداف.
ولم يمر توقع بيليه مرور الكرام عند مدرب منتخب البرازيل فيليبو سكولاري الذي قال: أعتقد أن بيليه لا يعرف شيئاً عن كرة القدم فهو لاعب عظيم لكنه لم يعمل كمدرب وجميع تحليلاته دائماً ما تكون خاطئة، إذا أردت الفوز بلقب ينبغي عليك أن تصغي إلى ما يقوله بيليه ومن ثم تفعل عكسه.
وعندما عاد بيليه ليعطي الأفضلية للبرازيل للفوز بلقب مونديال 2006 بعد سلسلة من الألقاب والنتائج الكاسحة منذ عام 2002، لم تصمد بلاد السامبا كثيراً وخرجت من دور الثمانية، في حين لم تصب تشيكيا وكوت ديفوار أي نجاح بعدما اعتبر أنهما سيكونان بمثابة( الحصان الأسود ) للبطولة.
وما تحدث عنه بيليه عام 2006 أكد أنه أسطورة النحس فهو قال: أعتقد أن إنجلترا تملك فريقاً جيداً هذا العام ومنتخب إيطاليا فريق جيد، لكن البرازيل هي المرشحة الأولى للفوز بدون شك.. تملك البرازيل منتخبين إذا اضطر المسؤولون عن الفريق إلى تغيير لاعب لن يحدث أي اختلاف، لكن إذا فقد فريق مثل إنجلترا أو إيطاليا أفضل لاعبيهما بسبب الإصابة فإنه يواجه مشكلة في إيجاد البديل.
قدم بيليه خدمة العمر لإيطاليا بعدم ترشيحه لها لأن الذي حدث أن الفريق( الأزوري )هو من أحرز لقب مونديال 2006، ولم يؤثر فيه أي غياب بعدم تعرض نجم دفاعه اليساندرو نيستا للإصابة في المباراة الأخيرة في الدور الأول أمام تشيكيا ليشارك بدلاً منه ماركو ماتيراتزي مفتاح الفوز على فرنسا في المباراة النهائية.
وفي مونديال 2010 عاد بيليه ورشح البرازيل للفوز باللقب وخرجت في ربع النهائي أمام هولندا.
أفضل لاعب
وعلى صعيد اللاعبين فإن توقعات بيليه بنجومية بعضهم آذتهم أكثر مما أفادتهم، فهو أكد قبل مباراة إنجلترا والبرازيل في ربع نهائي مونديال 2002 أن الإنجليزي نيكي بات سيكون أفضل لاعب في البطولة بعد أدائه الرائع في الدور الأول، لتخرج إنجلترا من البطولة ومن ثم يتعرض بات لإصابة قوية أبعدته عن الكثير من المباريات في نفس العام مع فريقه مانشستر يونايتد الذي تركه عام 2004، كما أنهى في نفس العام مسيرته مع منتخب بلاده.
وكان بيليه لعنة على لاعب إنجليزي آخر هو نيكي بارمبي الذي لفت الأنظار إليه عندما كان لاعباً في صفوف توتنهام ومن ثم ميدلزبره وإيفرتون وليفربول حيث وصفه اللاعب البرازيلي السابق بأنه نجم عالمي مستقبلي وفي مكانة زيدان ورونالدو، لكن اللاعب انتهى به المطاف في صفوف فريق هال سيتي ولم يلعب سوى 23 مباراة لمنتخب بلاده كان في أكثريتها احتياطياً.
وتوقع بيليه أن يكون اللاعب الغاني ني لامبتي(بيليه الجديد ) بعد تألقه في مونديال الناشئين عام 1991، وما حدث أن اللاعب فقد كل شيء حيث فشل في البقاء خلال رحلته الاحترافية مع ناد واحد وتنقل ما بين إيندهوفن الهولندي واستون فيلا الإنجليزي قبل أن يحط في تركيا مع فريق أنقرة جوجو، كما عانى مصيبة أسرية عندما فقد اثنين من أطفاله.
ومن التوقعات التي أعطت الأمل للاعب بالعودة إلى الملاعب ما قاله بيليه بحق البرازيلي رونالدو عندما أكد أن الأخير لن يستطيع لعب كرة القدم مجدداً عقب الإصابة القوية التي تعرض لها في الركبة مع فريقه ميلان عام 2008، لكن رونالدو عاد عام 2009 ونجح مع فريقه كورينثيانز وسجل عدة أهداف.
وكان رد رونالدو عنيفاً عندما أكد: مهما قال الملك بيليه العكس دائماً يكون هو الصحيح، لقد قال إنني لن أستطيع العودة للكرة مرة أخرى وأنا سعيد بهذا التصريح، لأنه من المعروف أن كل ما يتوقعه ويتنبأ به يحدث عكسه.
أغبى التوقعات
ولكن هل بيليه وحده هو أسطورة النحس، بالتأكيد لا، حيث يوجد المزيد من النجوم وإن كانت درجة توقعاتهم الخاطئة أقل، وقد رصدت صحيفة «ميرور» البريطانية أغبى 10 توقعات في تاريخ كرة القدم الإنجليزية وجاء في مقدمتها ما قاله أولي هونيس لاعب نادي بايرن ميونيخ الألماني السابق، الذي قال إنه من المستحيل أن تفوز إنجلترا على ألمانيا خلال مباراة بينهما ضمن تصفيات مونديال 2002 كانت تقام في مدينة ميونيخ لأنها لم تفعل ذلك على مدى 100 عام، وتوقع أن تحطم ألمانيا المنتخب الضيف وتتأهل بسهولة إلى كأس العالم. لكن خاب توقع هونيس لأن إنجلترا سحقت ألمانيا 5-1 في أسوأ هزيمة لفريق «الماكينات» أمام الإنجليز طوال تاريخه.
ثاني التوقعات الأغبى كان بطلها لاعب ليفربول السابق والمحلل الرياضي ألان هانسين الذي علق على هزيمة مانشستر يونايتد أمام أستون فيلا 1-3 في الدوري الإنجليزي عام 1995، وقال إنه «من الصعب أن يفوز اليونايتد بأي شيء مع مجموعة من الأطفال»، حيث كان يقصد أن الفريق يضم مجموعة شابة آنذاك مثل بيكهام وسكولز وغيغز ونيكي بات والأخوين نيفيل، لكن نفس المجموعة هي من أهدت لمانشستر فريقها الذهبي الذي فاز بلقب الدوري في نفس العام إضافة إلى سيطرته المحلية والخارجية التي لا تنسى.
ورغم أن الفرنسي أرسين فينغر مدرب أرسنال الإنجليزي السابق معروف بقوة بصيرته في اختيار اللاعبين، إلا أنه فشل في التوقع عام 2002 عندما احتل المركز الثالث في التوقعات الأغبى بعدما قال: «أعتقد أن قوى الدوري الإنجليزي تغيرت الآن وبدأت تتجه ناحيتنا»، والكل يعرف ماذا حل بأرسنال بعد التصريح.
من المستقبل إلى المجهول
واحتل فرنسي آخر المركز الرابع وهو مدرب ليفربول السابق جيرارد هولييه الذي مدح اللاعب الفرنسي برونو تشيريو كثيراً بعد انتقاله إلى الفريق عام 2002 وتوقع له مستقبلاً باهراً بالقول «سيكون هو اللاعب الذي يتحدث عنه الجميع، يملك كل شيء يتمناه أي لاعب بل إنه يذكرني بزين الدين زيدان»، لكن تشيريو لم يفعل أي شيء ولم يمكث مع «الحمر» سوى موسمين فقط.
وتوجه مايك أشلي رئيس نادي نيوكاسل الإنجليزي السابق إلى الجماهير مطمئناً «لا داعي للقلق سنقوم بعمل اللازم وسنصعد من دائرة الهبوط بل وسنشارك في أوروبا» ليكون التصريح الغبي الخامس لأن فريقه بدلاً من أن يلعب في بطولة أوروبية وجد نفسه في الدرجة الثانية بعدما هبط النادي العريق عام 2008.
أما المدرب الإنجليزي السابق تيري فينابلز فلقد استحق أن يكون الغبي السادس بعد تصريحه بحق النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي خلال نهائي بطولة أوروبا عام 2009 التي جمعت برشلونة مع مانشستر يونايتد حيث قال: ميسي لاعب رائع في الجهة اليمنى ولكن لاعباً مثل كريستيانو رونالدو رائع في اليمين والوسط واليسار وبإمكانه إحراز الأهداف برأسه الأمر الذي لن يتمكن ميسي من فعله حتى ولو وضعنا قبعة فوق رأسه.
وقد خالف ميسي هذا التوقع تماماً عندما قاد برشلونة للفوز 2-صفر وسجل هدفاً من كرة رأسية أيضاً.
وعندما قال مالكوم أليسون مساعد مدرب مانشستر سيتي عام 1968«سنرعب منافسينا في أوروبا» كان صاحب التصريح الغبي السابع، فهو صرح بذلك منتشياً بالفوز بلقب الدوري الإنجليزي لكن التجربة الأوروبية كانت غير، لأن سيتي خسر من الجولة الأولى أمام فنربخشة التركي وخرج من الدور الأول.
وتوقع آلان بول المدرب السابق لمانشستر سيتي أن يصل سعر لاعبه مارتن باستر في السوق إلى 10 ملايين جنيه استرليني بعدما اشتراه هو عام 1995 بنصف مليون جنيه، لكن اللاعب بيع إلى بورتسموث بنحو 100 ألف جنيه واشتراه نادي بلايموث من الدرجة الثانية مقابل 25 ألف جنيه، ومن ثم انتقل مجاناً إلى دوري المناطق.
وكان التحدي الذي أطلقه ألان هانسين مدرب مانشستر يونايتد السابق هو الأغبى بعدما قال «إذا أصبح دوايت يورك لاعباً في الدرجة الأولى فعليكم أن تسموني ماو تسي تونغ»، إلا أن لاعب ترنيداد وتوباغو يورك أكد أن توقع هانسن ذهب مع الرياح بعدما أصبح أحد أفضل لاعبي الدوري الإنجليزي خلال فترة لعبه مع اليونايتد وكان الهداف له منذ عام 1998 حتى 2002.
وظل مدرب ليفربول السابق الإسباني رافائيل بنيتيز يردد «سننهي الدوري في المركز الرابع»، لكن وجد النادي العريق نفسه خارج المشاركة الأوروبية في الموسم الذي تلى التصريح بعدما احتل مركزاً متأخراً كان الأسوأ له منذ فترة طويلة.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"