عادي
مدرجة ضمن التراث العالمي وتضم 147 ألف نخلة

واحة العين.. نموذج لحياة الأجداد

00:11 صباحا
قراءة 4 دقائق

العين: راشد النعيمي

«واحة العين» تعتبر أكبر واحات المدينة، وقد أدرجت على لائحة قائمة التراث العالمي لليونيسكو عام 2011، وتم افتتاحها رسمياً للجمهور في 2016 لتستقبل مختلف الزوّار لاكتشاف المركز البيئي التعليمي والتجول بين مجموعة واسعة من الممرّات المظللة التي تضم 147 ألف نخلة، ومساحات شاسعة ينمو فيها قرابة 100 نوع من النباتات، إضافة إلى عدد من المزارع المنتجة.

تجسد «واحة العين» التي تعد أشهر الواحات في العين، تاريخ وهوية المنطقة، وهي لم تكن مجرد مجموعة أشجار نخيل فحسب؛ بل كان لها ارتباط بالحياة الاجتماعية والاقتصادية في الماضي، مما جعلها أول موقع مدرج على قائمة اليونيسكو للتراث العالمي في الدولة. وتشكل الواحة التي يعود تاريخها إلى 300 عام مضت، نموذجاً لحياة الأجداد وممارساتهم الإنسانية وسلوكياتهم الاجتماعية التي أسهمت في استمرار الحياة بمنطقة الواحة وما جاورها من المناطق.

1

مرافق متنوعة

تضم واحة العين مرافق متنوعة وهي المركز البيئي، وحديقة الواحة، والواحة المصغرة، ومعرض الفلج، ويعد المركز البيئي مبنى صديقاً للبيئة يقدم تجربة فريدة ويعمل كآلة زمن تنقلنا من الحاضر إلى الماضي، وذلك من خلال شاشات تفاعلية وأنشطة تثقيفية، فيما تنقسم حديقة الواحة إلى ثلاث طبقات مختلفة تعرض كل واحدة منها النباتات الموجودة في مزارع الواحات التقليدية. أما الواحة المصغرة فهي نموذج مصغر لواحة العين تستعرض كيفية نشوء الواحة وأسباب ظهورها. كما تظهر أساليب توزيع المياه من قنوات السقاية المعروفة بالأفلاج (نظام الري التقليدي القديم)، كما تعرض أهمية موقع الواحة وأهم الحصون المحيطة بها، والتي كانت تقوم بدور فعال في حماية الواحة والدفاع عنها من المخاطر الخارجية. وبعد عملية التطوير والتحديث، تمت إضافة عدد من المرافق إلى الواحة منها حدائق الواحة التي تحتوي على ثلاثة مستويات من النباتات الموجودة في الواحة، حيث يمثل المستوى الأول النباتات الصغيرة التي تمنع عملية التصحر، والمستوى الثاني يحتوي على الخضراوات والفواكه، والثالث يحتوي على أشجار السدر والسمر والنخيل التي تحمي النباتات الصغيرة من أشعة الشمس الضارة.

1

تقدير دولي

وفي فبراير من العام الماضي، حازت واحة العين الميدالية الفضية ل«جائزة المنتزهات الحضرية الدولية الكبيرة 2020» التي تقدّمها المنظمة الدولية للمنتزهات الحضرية «World Urban Parks» وتُمكِّن الجائزة المدن في جميع أنحاء العالم من قياس أدائها ومعرفة المجالات التي يمكن إجراء التحسينات عليها في هذه المتنزهات، لدعم تطوير الحدائق والمساحات المفتوحة كعناصر رئيسية في إنشاء مدن نابضة بالحياة ومجتمعات صحية، نظراً لأن عدد سكان المجتمعات الحضرية في العالم سيتضاعف خلال السنوات الأربعين المقبلة.

ويعتبر حصول واحة العين على الجائزة الفضية على مستوى المتنزهات والحدائق الحضرية العالمية، إنجازاً عالمياً يضاف إلى رصيد إنجازات الدولة التي تحققها وفق أجندة وأهداف واضحة في مجال الحدائق الحضرية التي أصبحت حاجة للمجتمعات الحضرية مع ازدياد توسعها على مستوى العالم.

ريّ مشترك

وتستعين هذه الواحة الخصبة بنظام ريّ مشترك من مياه الآبار ونظام الأفلاج التقليدي، الذي يستقي الماء من طبقات المياه الجوفية البعيدة أو في الجبال لريّ المزارع على بُعد عدة كيلومترات أحياناً، عبر نظام من قنوات جرّ المياه على مستوى الأرض وتحتها. وتضمّ الواحة أمثلة عدة لنظام الأفلاج المستخدمة منذ قرون، كما تستخدم نظامين رئيسيين للريّ من أنظمة الأفلاج هما: العيني والداودي اللذين يوفران مياه الري لجزأين منفصلين من الواحة بالانطلاق من الجهة الشرقية الجنوبية؛ أي من اتجاه جبال الحجر وجبل حفيت. وتُوزّع المياه في حال وصولها إلى الواحة عبر شبكة معقدة من القنوات التي توجّه المياه إلى المناطق التي تحتاج إلى ريّها من دون هدر.

وتعتمد في ريّ مزارعها على أقدم نظام ريّ من صنع الإنسان، يقدّر عمره بأكثر من 3 آلاف سنة، ويطلق عليه «الأفلاج»، كما تتميز عن باقي الواحات الموجودة في مدينة العين، باحتوائها على نوعين من الأفلاج، الأول يطلق عليه «فلج الداوودي» والثاني «فلج العيني». أما الواحات الأخرى فتحتوي على فلج واحد فقط.

مصادر المياه

تعد الواحات الصحراوية مناطق مفعمة بالحياة وسط مناطق الصحراء، وتعتبر مصادر مهمة للمياه في الأماكن والمناطق الجافة التي توجد فيها مما يستوجب حمايتها من الجفاف وقد تحافظ الطبيعة بنفسها في بعض المناطق على الواحات من خلال الغطاء النباتي الكثيف الذي يحيط بالواحة ويحميها من الظروف المناخية القاسية، وفي مناطق أخرى يبادر قاطنوها بحمايتها.

وقد كان السكان المحيطون بالواحة يعتمدون في الماضي اعتماداً كلياً عليها، وكانت لهم ممارسات زراعية يتم من خلالها توفير احتياجاتهم الغذائية من الحبوب والفواكه والخضراوات المحلية في ذلك الوقت، حيث تعتبر تلك الممارسات أسلوب حياة لسكان المنطقة، وكان للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان، دور كبير في تشجيع الزراعة وتحويل الصحراء إلى واحة وجنة خضراء.

وتعتبر زراعة القمح من الممارسات الزراعية المهمة في الماضي، وتقام احتفالية في الواحة بمشاركة سكان المنطقة المحيطة بها، حيث يتعاونون في جني المحصول، وهو ما يرسم صورة حقيقية لمدى التعاون والتآزر بين سكان المنطقة، وفي نهاية الاحتفالية يحصل المشاركون على حصصهم من إنتاج المحصول، حيث يتجاوز عدد مزارعها 550 مزرعة تحتضنها الواحة على مساحة تبلغ أكثر من 1200 هكتار.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"