عادي

انتقام العاشق

22:43 مساء
قراءة 3 دقائق
محكمة

كتب: أمير السني

وجدت الهاتف يرن، فظهر على الشاشة اسم صديقتها أقرب الناس إليها، التي زاملتها طوال مرحلة الجامعة، وكانت كل منهما من بلد.. وصارتا صديقتين لا تتفارقان، حتى أطلق عليهما لقب الأُختين. وحينما تخرجتا في الجامعة لم تتأثر صداقتهما، وظلتا تتواصلان يومياً وتخرجان برفقة باقي الزميلات في رحلات متواصلة.

ردت «ف.ر» على صديقتها التي بدت عليها الفرحة وهي تخبرها بمفاجأة لم تخطر على البال، وهي خطبتها من أحد معارف أبيها، ولم تتمالك نفسها وصرخت من الفرحة وهنّأت صديقتها، وصارت تذهب إليها يومياً لمساعدتها على إكمال مراسم الزواج التي حددت في وقت قصير، وصار المنزل مزدحماً بالصديقات وزميلات الدراسة والحفلات الصغيرة، تمهيداً للحفلة الكبيرة.

وكانت «ف.ر» تصوّر الأخريات وهنّ يرقصن ويتضاحكن مبتهجات دون لبس الحجاب، إذ إن العادة والتقاليد تلزمهنّ لبس «الشيلة» ولم يكن معهنّ غريب، وعلى هذا الأساس كن يشعرن بالحرية في وجودهنّ بالمنزل.

وجاءت لحظة الليلة الكبرى، وهي زفاف العروس، وسط دموع الفرح التي نزلت من عيني «ف.ر»، وهي تحتفل بصديقتها التي كانت معها في كل لحظة، ولم تفارقها حتى في الامتحانات؛ فكانتا تذاكران معاً، واللحظة الوحيدة التي تتفارقان فيها هي الإجازة، حيث تسافر كل منهما مع أسرتها إلى بلدها. وأثناء جلوسها إلى جانب العروس، بدأ شريط الذكريات يدور في ذهنها، عندما تعرفت إليها أول مرة. وعندما وقفت العروس الصديقة الوفية معها في عزاء عمها الذي توفي وسبب لها حزناً عميقاً، تربت على يديه ولكن الصديقة ظلت إلى جانبها خلال العزاء. ولم تتركها وساعدتها على الخروج من حالة الحزن.

وفي المطار ودعت «ف.ر» صديقتها العروس واحتضنتها بقوة، وهما تذرفان الدموع. وذهبت العروس إلى شهر العسل، وعادت هي إلى المنزل لتواصل حياتها دون الصديقة العزيزة.

وأنزلت صور الحفلة في موقع «إنستجرام» وهي محتشمة، بينما باقي الصور تظهر فيها بملابس عادية دون حجاب، وبرفقة صديقات العروس أنزلتها في صفحة مغلقة أنشأتها وأضافت فيها صديقاتها فقط.

وفي يوم جاء اتصال من العروس وهي بالخارج، وردت عليها بفرحة وشوق لسماع صوتها ولكن فوجئت بصوتها الغاضب، حيث أخبرتها بأن الصور الخاصة في المنزل مع باقي الفتيات، سرّبت في صفحة على «إنستجرام» تحمل اسم «ف.ر». ولم تتحمل الصدمة وكادت يغمى عليها من هول المفاجأة، وأخبرت صديقتها العروس بأنها لم تفعل ذلك، وهي تعرفها جيداً، ولديها صفحة أنزلت فيها الصور المحتشمة فقط. فأرسلت العروس رابط الصفحة، وفتحتها ورأت صورها هي وصديقتها وباقي الفتيات بالملابس غير المحتشمة. فدخلت «ف.ر» في نوبة من البكاء، وأخبرت شقيقها بالحادثة، فطلب منها الذهاب معه على الفور إلى قسم الشرطة لتدوين بلاغ جنائي بحق من زوّر الصفحة.

وذهبت برفقة أخيها، ودوّنا البلاغ. وبعد مدة وجيزة اتصلت الشرطة بها، وأخبرتها بالتوصل إلى صاحب الحساب المزوّر، وبالتحري معه اعترف بأنه قريبها من جانب والدتها، وقد أراد الانتقام منها بعد أن رفضت الزواج منه، وتمكن من اختراق صفحتها الخاصة، ونشر الصور في صفحة مزورة أنشأها باسمها. وقضت المحكمة بسجن المتهم 18 شهراً، وتغريمه 50 ألف درهم، نتيجة الضرر النفسي والمعنوي الناتج عن نشر تلك الصور.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"