غربة داوود عبد السيد

00:01 صباحا
قراءة دقيقتين

أين هم؟ اعتزلوا أم عزلناهم؟ كم من كبار النجوم في التأليف والإخراج وكذلك في التمثيل يجلسون في بيوتهم يتفرجون على الدنيا وعلى أحوال الفن، فنسيهم الإعلام وقفزت فوق إبداعاتهم وسائل التواصل الاجتماعي فكبلناهم بقيود الغياب رغماً عنهم؟
 ليس المخرج داوود عبدالسيد أول ولن يكون آخر من ابتعدوا عن عالم الأضواء مدة من الزمن، فطال الغياب حتى تحول إلى غربة عن الفن وأهله؛ اعتكفوا أم اعتزلوا أم اكتفوا بالتفرج على ما آل إليه الفن وكيف تغيرت أحواله وأحوال الجمهور وأين أصبحت السينما وصناعتها.. النتيجة واحدة، وغيابهم لا يعني نسيانهم بشكلٍ تلقائي من قبل الجمهور، بل نسيانهم من قبل القائمين على السينما والداعمين للإنتاج الذين يتحكمون في الصناعة بشكل كبير.
كثر يستحقون التكريم في مصر، فهناك قائمة من الأسماء صنعت في الفن مجداً وتركت بصمة لا يمكن نسيانها مهما طال الزمن. لن نذكرهم جميعاً، بل يكفي أن نعود بالذاكرة إلى سنوات قريبة ونعيد الشريط إلى الخلف حتى بدايات السينما العربية كي ندرك أننا أمام كنوز ثمينة إن لم نحسن تقديرها وتلميعها ستصبح كالتراث المهمل الذي لن تدرك وزنه وقيمته الأجيال الجديدة والقادمة.
أن ينال المخرج داوود عبد السيد جائزة النيل للفنون، فهو تكريم فوق التكريم، لأن التقدير الآتي بشكل رسمي من الدولة يكون له وقع أكبر وقيمة أعلى ويدخل إلى نفس المكرَّم بهجة ما بعدها بهجة. رحلته الإخراجية تبدو قصيرة إذ لا تتجاوز 9 أفلام، كتب سيناريو 8 أفلام منها، لكنه يعتبر أن كل عمل بمثابة عملين، ومن يشاهد «الكيت كات» و«أرض الخوف» مثلاً يفهم أن عبد السيد شارك في صناعة سينما مختلفة، رسم خطاً ونهجاً فصار كل عمل مدرسة بحد ذاتها.
من يتأمل رحلة عبد السيد هذه يتأكد أن البصمة المميزة في النوع ولن تكون أبداً في الكم، لكن، لماذا غاب واعتزل وهو مازال في عز قدرته على العطاء؟ الإجابة يمكن أن نستشفها من نقطتين ذكرهما المبدع داوود عبد السيد خلال حوار له: «عندي مشاريع لم تنفذ واستغرقت وقتاً.. ولست مسؤولاً عن تأخر إنتاج بعض الأفلام بل مسؤولية الصناعة»، وقوله إن «مشاهدي الأفلام في السينما وصالات العرض تغيروا.. نوعية الجمهور واهتمامته أصبحت مختلفة وفرضت نوعاًَ من الأفلام وهي التجارية الخالية من الهموم وتعريف الهموم هنا ليست الخالية من المشاكل لكن خالية من قضية معينة».
غربة داوود عبد السيد يعيشها كل من عاش في زمن كانت فيه كل صناعة أصيلة، والكل اليوم يتحملون مسؤولية إبعاد الجمهور عن هذا الرقي والانجراف خلف التتفيه للقضايا.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتبة وناقدة سينمائية. حاصلة على إجازة في الإعلام من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. ساهمت في إصدار ملحق "دنيا" لجريدة الاتحاد ومن ثم توليت مسؤولية إصدار ملحق "فضائيات وفنون" لصحيفة الخليج عام 2002 فضلا عن كتابتها النقدية الاجتماعية والثقافية والفنية. وشاركت كعضو لجنة تحكيم في مهرجان العين السينمائي في دورته الأولى عام ٢٠١٩

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"