مصر في الموسيقى العالمية

00:05 صباحا
قراءة دقيقتين

صديق للموسيقي الإيطالي الشهير جيوسيبي فيردي عرض عليه قصة «عايدة» التي كتبها عالم المصريات الفرنسي أوجست مارييت، فتحمس لها ووجد فيها لوناً لم يقدّمه من قبل، كما لمس فيها الإمكانيات المسرحية والموسيقية الثرية، ولذا وافق على تكليف الخديوي إسماعيل بتأليف أوبرا من هذه القصة لكي تقدّم في افتتاح دار الأوبرا المصرية.
لم يقدّم العمل في حفل الافتتاح كما كان مقرراً، وبدلاً منه قُدّمت في الحفل أوبرا «ريجوليتو»، أما «عايدة» فقدّمت على المسرح نفسه وبعد عدة أشهر، وبالضبط في الرابع والعشرين من ديسمبر/ كانون أول من عام 1871، لتحقق نجاحاً هائلاً ويصبح ذلك العمل من أكثر عروض الأوبرا شهرة وجمالاً في العالم كله.
إلى حكاية «عايدة» هذه يعود الباحث نور الدين التميمي في كتاب أسماه «الإرث الضائع»، يتحدث فيه عن الأثر الذي تركته مصر وحضارتها العظيمة في الموسيقى الكلاسيكية العالمية، وقدّمت للكتاب، الصادر عن المجلس الأعلى للثقافة في مصر، أستاذة تاريخ الموسيقى بأكاديمية الموسيقى والفنون الجميلة بجامعة بلوفديف البلغارية، الدكتورة نويا ميكوفا، التي قالت إنها أصيبت بالذهول عندما قرأت الكتاب أول مرة، حيث بهرتها الحضارة المصرية «بما تملك من أسرار وأساطير كانت مصدراً لإلهام كافة حضارات الأرض بما فيها الحضارة الإغريقية».
يشير المؤلف إلى روايات تقول إن الموسيقار فيردي رفض في البداية التأليف الموسيقي لعايدة مقابل مال، كي لا يقيد نفسه بجدول زمني لإنجازها، ولكن ممثلي الخديوي أقنعوه بضرورة ذلك، موضحين له أن الحضارة المصرية كنز يمكن أن تستخرج منه العديد من القصص الشائقة، لكنه، مع ذلك، لم يكمل الأوبرا في الموعد المحدد ما فرض عرض عمل آخر في حفل الافتتاح.
«عايدة» كانت باكورة الأعمال المستوحاة من مصر وروحها وحضارتها، لتليها عشرات الأعمال التي يستعرضها المؤلف في كتابه المهم هذا، ولم يقتصر الأمر على عروض الأوبرا، وإنما شمل أيضاً عروض الباليه ومنها باليه «أنا مصر» الذي به اختتم الباحث كتابه، وكتبت في عام 2002 من قبل الأمريكي سكوت شانون استناداً إلى قصص فرعونية قرأها وهو في جبال «كارليينا» التي ذهب للعيش فيها بعد وفاة زوجته وتقاعده حيث تفرغ كلية للموسيقى التي يُحبها.
تدور أحداث باليه «أنا مصر» حول الملك توت عنخ آمون ونهر النيل الذي وصفه الرجل بأنه مخزن الأسرار، وعن مقتل الملك إخناتون أول الموحدين في التاريخ، ودور الملكة نفرتيتي في حياة ابنها توت عنخ آمون.
حسب المؤلف فإن هذا العمل المكوّن من ثلاثة عشر مشهداً يُعدّ من الأعمال الرائعة وجميلة الموسيقى التي استوحت روحها من سحر مصر الفرعونية.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتب من البحرين من مواليد 1956 عمل في دائرة الثقافية بالشارقة، وهيئة البحرين للثقافة والتراث الوطني. وشغل منصب مدير تحرير عدد من الدوريات الثقافية بينها "الرافد" و"البحرين الثقافية". وأصدر عدة مؤلفات منها: "ترميم الذاكرة" و"خارج السرب" و"الكتابة بحبر أسود".

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"