سياسة مثيرة للضحك

00:05 صباحا
قراءة 3 دقائق

العلاقة بين إيران ومجموعة (5+1) التي تضم الولايات المتحدة الأمريكية، وروسيا، والصين، وبريطانيا، وفرنسا، وألمانيا، والمفاوضات بين الطرفين بشأن البرنامج النووي الإيراني باتتا مضحكتين، وأقرب إلى مسلسلات الإثارة والآكشن، التي تدور حول نفسها؛ بل هي أقرب إلى العلاقة بين (توم وجيري) المثيرة للضحك للصغار والكبار. 
 ووصفنا لهذه العلاقة الغريبة والمحيّرة والغامضة يرتكز على حقائق دامغة، ومن يراجع تاريخ البرنامج النووي الإيراني سيكتشف أنه بدأ منذ سبعين عاماً حين وقّع شاه إيران محمد رضا بهلوي اتفاقاً مع الإدارة الأمريكية في عام 1957 من أجل الحصول على مفاعل، وشهد عام 1967 دخول أول مفاعل أبحاث إلى إيران الخدمة. وفي عام 1974 بدأت شركة ألمانية غربية في إنشاء أول محطة نووية، والشاه بهلوي يعلن أن إيران ستمتلك سلاحاً نووياً، لكنه تراجع بعد ذلك. وفي عام 1995 تم التوصّل لاتفاق بين روسيا وإيران لإتمام بناء مفاعل بوشهر للماء الخفيف، وتأخّر استكماله حتى عام 2010. وحتى الآن، يمكننا القول إن ثلاث دول من مجموعة (5+1) أسهمت في تأسيس البرنامج النووي الإيراني. وهذه المجموعة هي التي تتفاوض مع إيران بشأن وقفه أو تعديله أو تخفيفه أو أي أمر آخر. 
 أما العملية التفاوضية فقد بدأت في أواخر تسعينيات القرن الماضي، وفي عام 2004 اتفقت إيران مع فرنسا وألمانيا وبريطانيا على تعليق أنشطة تخصيب اليورانيوم، ووقعت البروتوكول الملحق بمعاهدة حظر انتشار السلاح النووي، إلا أنها تراجعت بدعوى أن الاتفاق غير متوازن، وازدادت العلاقة بين إيران ومجموعة (5+1) توتراً بعد انتخاب محمود أحمدي نجاد رئيساً لإيران في عام 2005، وإعلانه تفعيل البرنامج النووي ووضع حجر أساس مفاعل «أراك» للماء الثقيل، لتبدأ مسيرة مفاوضات طويلة انتهت في عام 2015 بتوقيع اتفاقية بين الولايات المتحدة والدول المذكورة، ليلغيها الرئيس دونالد ترامب، ويحاول الرئيس الحالي جو بايدن إعادتها. ويمكننا القول إن إيران تفاوضت لأكثر من عشر سنوات للوصول إلى اتفاقية في عام 2015، وقد تتفاوض عشر سنوات أخرى لإحياء الاتفاق القديم.
 أما قصة القضاء على البرنامج النووي الإيراني عبر التهديد الأمريكي، مرة بالعقوبات وأخرى بالتلويح بعملية عسكرية، فباتت مضحكة هي الأخرى، فيما دخلت إسرائيل على الخط ، فهي تهدد بضرب إيران منذ سنوات، وقد رفض الرئيس جورج بوش طلباً إسرائيلياً بقصف المنشآت النووية الإيرانية بصواريخ مخترقة للتحصينات في عام 2010، ولا تزال تهدد وتستعرض عضلاتها، وكل ما فعلته هو قيامها باغتيال عالمين نوويين إيرانيين في شهر أكتوبر/تشرين الأول من عام 2010، واغتيال علماء آخرين في السنوات اللاحقة.
 تذكرنا قصة الولايات المتحدة مع إيران بقصتها مع تنظيم «القاعدة» الذي أنشأته وسلحته ودعمته لمحاربة الاتحاد السوفييتي الذي حاول غزو أفغانستان واحتلالها، ثم انقلبت عليه وبدأت في محاربته ولم تجهز عليه لاعتقادها بأنها قد تحتاج إليه، حسب اعترافات هيلاري كلنيتون، والأمر ذاته مع إيران، قامت الولايات المتحدة بتأسيس برنامجها النووي، وإن توقفت بعد ذلك، لتستمر ألمانيا وفرنسا وروسيا في بنائه، والآن يريدون تدميره، في مسرحية طالت فصولها وأصبحت مملة.
 لقد أوهمت الولايات المتحدة العالم بشكل عام، والشرق الأوسط بشكل خاص، بأن إيران امتلكت، أو قاب قوسين أو أدنى من امتلاك السلاح النووي، وبناء عليه، باعت أسلحة بمئات المليارات من الدولارات، لمواجهة التهديد الإيراني، والنتيجة، لا هي استطاعت إيقاف البرنامج بالوسائل التفاوضية، ولا هي قامت بعملية عسكرية للقضاء عليه، وأبقت على التوتّر وعدم الاستقرار قائمين في المنطقة.
 إننا على يقين بأن الدول المعنية لمست بالأدلة عدم جدية الولايات المتحدة ومجموعة (5+1) في التصدي للبرنامج النووي الإيراني، وقضايا أخرى في المنطقة، وكل همها الإبقاء على المشهد الساخن قائماً لمصالحها الخاصة.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"