مخاطر التصعيد في سوريا

00:06 صباحا
قراءة دقيقتين

رغم الانشغال العالمي بالعملية العسكرية الروسية في أوكرانيا وتداعياتها الأوروبية والدولية، تبرز بعض المناطق الساخنة والبؤر المتفجرة في مناطق أخرى من العالم، كمناطق مرشحة للتصعيد، سواء بسبب التوترات العالمية أو لأسباب موضوعية محلية وإقليمية، كما يحدث الآن في شمال شرقي سوريا وغربها.
 يبدو أن الهدوء النسبي الذي ساد الشمال السوري شرقاً وغرباً، خلال الأشهر الماضية، مرشح للتبخر، مع إصرار تركيا على تنفيذ عملية عسكرية ضد المناطق الكردية لفرض «منطقة آمنة» بعمق 35 كيلومتراً داخل الأراضي السورية، وفي ظل نشوء مخاوف جديدة بشأن إمكانية صدام أمريكي- روسي مباشر كما يحذر عسكريون أمريكيون، ناهيك عن أن إدلب تبقى مرشحة للانفجار بتأثير من العاملين السابقين، وبسبب عوامل محلية وتداخل مواقع الفصائل المسلحة مع القوات الحكومية في تلك المنطقة.
 التقارير المتواترة عن تحذيرات مسؤولين عسكريين أمريكيين من صدام مباشر مع القوات الروسية تأتي على خلفية حوادث عسكرية متعددة بين الجانبين، رغم وجود قناة اتصال بينهما، وآخرها قيام طائرات روسية بقصف مواقع للمسلحين قرب قاعدة التنف جنوب شرقي سوريا، وهو ما اعتبره الجانب الأمريكي تحدياً ل «مهمته» على الرغم من عدم استهداف القوات الأمريكية وإبلاغها مسبقاً عبر قناة الاتصال. وأشير إلى أن طائرات روسية كانت تحلق فوق منطقة كانت القوات الأمريكية تقوم فيها بعملية ضد تنظيم «داعش» شمال البلاد، لكن هذه الطائرات انسحبت بعد مجيء طائرات أمريكية إلى المنطقة. كما أشير إلى حوادث أخرى لم يعلن عن تفاصيلها، وهو ما دفع القوات الأمريكية إلى استقدام تعزيزات جديدة وتحصين قواعدها العسكرية شرقي الفرات.
 تعقيدات الوضع في تلك المنطقة لا تتوقف عند هذا الحد، فالأمريكيون يرفضون أي مساس بحلفائهم الأكراد، وقد بدأوا يسيرون دوريات مشتركة مع مقاتلي قوات سوريا الديمقراطية «قسد»، لكن ذلك قد لا يمنع أنقرة من تنفيذ عمليتها العسكرية كما فعلت سابقاً، وهي تدرك طبيعة التناقض الأمريكي- التركي حول هذه المسألة. هذا التناقض بدوره ينسحب على الجانب الروسي- التركي، إذ تسعى موسكو إلى إقناع أنقرة بالعدول عن هذه العملية لأنها، من وجهة نظرها، تمثل عملاً «غير حكيم» ولا يجلب الأمن أو يؤدي إلى الاستقرار، بل على العكس، قد يؤدي إلى دفع الأكراد نحو إعلان «دولة» ولن يكون ذلك في مصلحة تركيا أو سوريا أو الإقليم برمته، ناهيك عن إمكانية وقوع صدام مباشر بين الجيشين السوري والتركي. كما تسعى موسكو إلى نزع فتيل الأزمة عبر إقناع قوات سوريا الديمقراطية بالاندماج في الجيش السوري، وبالتالي تفنيد الحجج التركية بشأن ما يقال عن تهديدات إرهابية. 
 لكن يبدو أن أنقرة، تحاول، من جانبها، الحصول على ثمن في أوكرانيا مقابل تخليها عن عمليتها العسكرية في سوريا. وهذا ما تنفيه موسكو، التي تدرك أيضاً أن تسخين الشمال السوري من الشرق والغرب يبقى وارداً، في أي وقت، بسبب المخاطر الأخرى التي يحملها أي تصعيد محتمل من كل الأطراف المتصارعة في البلاد.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"