عادي

«تريندز» تستشرف «مستقبل التحول في مجال الطاقة»

16:59 مساء
قراءة 6 دقائق
أبوظبي: «الخليج»
أكد خبراء ومتخصصون في الطاقة أن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وآسيا، تستثمر بنشاط في مشاريع إزالة الكربون والطاقة المتجددة والطاقة النظيفة كجزء من الجهود طويلة الأجل لدعم تحول الطاقة على الصعيد العالمي، مضيفين أن العالم اليوم يعاني أزمات متعددة ترتكز على المخاوف المتعلقة بإمدادات الطاقة وأسعارها، وهي مخاوف ناتجة عن النزاعات الجيوسياسية العالمية الجارية والالتزامات طويلة الأجل بشأن الانتقال من الوقود الأحفوري إلى الطاقة النظيفة، واصفين هذا الوضع بأنه «أول أزمة طاقة عالمية».
وأشاروا إلى أن خفض انبعاثات الكربون من الوقود الأحفوري، يمثل ركيزة أساسية لاستراتيجية كبار مصدّري النفط والغاز في دول مجلس التعاون الخليجي من أجل التصدي لتحديات تحول الطاقة على الصعيد العالمي، ولكن معظم الدول الآسيوية ستواجه صعوبات في تحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050، مرجعين ذلك إلى تصاعد النمو الاقتصادي وزيادة الطلب على الطاقة، كما أن استغلال المعادن لدعم تحول الطاقة سيؤدي إلى خلق مجموعة جديدة من التحديات البيئية.
جاء ذلك خلال ندوة عن بُعد نظمها «مركز تريندز للبحوث والاستشارات»، الخميس، تحت عنوان: «مستقبل التحول في مجال الطاقة.. التداعيات والآفاق لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وآسيا»، شارك فيها خبراء ومتخصصون في الطاقة، وأدار النقاش تلميذ أحمد سفير الهند السابق لدى السعودية وعمان والإمارات.
مواكبة القضايا العالمية
واستهلت أعمال الندوة، اليازية الحوسني، مديرة إدارة الإعلام في «تريندز»، قائلة: «تأتي الندوة ضمن استراتيجية المركز لمواكبة القضايا والأحداث الإقليمية والعالمية ووضع منهجية للتعامل مع التحديات الناجمة عنها، مبينة أنه في الوقت الذي لا يزال فيه ما نسبته 81% من مزيج الطاقة يقوم على الوقود الأحفوري، فإن الحاجة إلى إزالة الكربون من مصادر الطاقة ونظمها أصبحت ضرورة عالمية حتمية وملحة».
وذكرت أن الهدف النهائي المتمثل في الانتقال من الوقود الأحفوري إلى أنظمة طاقة نظيفة آمنة وموثوقة بأسعار معقولة، أمر معقد للغاية ومملوء بالمقايضات والشكوك، كما أدى عدم الاستقرار الجيوسياسي والاضطرابات الأخيرة في الاقتصاد العالمي وأنظمة الطاقة والغذاء إلى زيادة تعقيد الصورة، ولكن في الوقت نفسه، لم يكن الالتزام السياسي بتحويل الطاقة بالقدر المطلوب.
الطاقة المتجددة
وأشارت الحوسني إلى أنه لا يمكن التقليل من أهمية آسيا والشرق الأوسط في نجاح التحوّل العالمي للطاقة النظيفة، حيث يشهد الطلب على الطاقة تحركاً متزايداً من الدول غير الأعضاء في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بما في ذلك الصين والهند ودول آسيوية أخرى، مضيفة أن منطقة آسيا والمحيط الهادئ تمثل ما يقرب من 50% من الطلب العالمي على الطاقة، وعلى الرغم من أن الشرق الأوسط هو المورِّد الرئيسي والأكبر لمصادر الطاقة الأولية، حيث تستحوذ المنطقة على 48% من الاحتياطي المثبت من النفط، و40% من الاحتياطي المثبت من الغاز، فإن المنطقة تستثمر بنشاط في مشاريع طموحة للحد من الانبعاثات الكربونية وإزالة الكربون والتوسع في مشاريع الطاقة المتجددة والطاقة النظيفة، كجزء من الجهود طويلة الأجل لدعم تحول الطاقة على الصعيد العالمي.
نزاعات جيوسياسية عالمية
وقال تلميذ أحمد، سفير الهند السابق لدى السعودية وعمان والإمارات، الذي أدار النقاش في الندوة: «يعاني العالم اليوم أزمات متعددة، مثل التضخم والغذاء والتغير المناخي، وترتكز كل هذه الأزمات على المخاوف المتعلقة بإمدادات الطاقة وأسعارها، وهي مخاوف ناتجة عن النزاعات الجيوسياسية العالمية الجارية والالتزامات طويلة الأجل بشأن الانتقال من الوقود الأحفوري إلى الطاقة النظيفة. وقد وُصِف هذا الوضع على نحو صحيح بأنه «أول أزمة طاقة عالمية»؛ لأنه يشمل قضايا متعلقة بالفحم والنفط والغاز الطبيعي ومصادر الطاقة المتجددة، وينطوي على تداعيات تطال جميع المجتمعات المختلفة التي تشكِّل المجتمع الدولي».
ضمان أمن الطاقة
وبيّـن السفير أن ندوة «مستقبل التحول في مجال الطاقة.. التداعيات والآفاق لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وآسيا»، تناولت في مناقشاتها القضايا السياسية والأمنية والاقتصادية المهمة التي تواجه المجتمع الدولي في عمله نحو التحول في مجال الطاقة، وسط نزاعات سياسية، وضمان أمن الطاقة في الوقت نفسه، حيث ركز النقاش والحوار على الطرق التي تجري صياغتها في آسيا والشرق الأوسط ـ منتجي الطاقة ومستهلكيها الرئيسيين في العالم ـ من أجل مواجهة هذه التحديات.
استراتيجية مُصدّري النفط
من جانبه، أكد الدكتور عدنان شهاب الدين، الأمين العام السابق بالإنابة لمنظمة «أوبك»، مدير البحوث في «أوبك»، أنه في أعقاب الحرب في أوكرانيا، لا بد من مواءمة زعامة أوروبا في مجال تغير المناخ وتحول الطاقة على الصعيد العالمي مع الحاجة إلى تعزيز أمن الطاقة، مضيفاً أن خفض انبعاثات الكربون من الوقود الأحفوري يمثل ركيزة أساسية لاستراتيجية كبار مصدّري النفط والغاز في دول مجلس التعاون الخليجي، من أجل التصدي لتحديات تحول الطاقة على الصعيد العالمي.
وذكر أن سوق النفط يشهد تحولاً نموذجياً من حيث تدفقات تجارة النفط الخام والمشتقات، ففي الوقت الذي يتجه فيه الخام الروسي نحو شرق أوروبا، ظهرت إمدادات خام بديلة معظمها من غرب إفريقيا والولايات المتحدة، كما يمكن لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أن تحل محل جزء من واردات الاتحاد الأوروبي من النفط والغاز الروسي، مؤكداً أن الحرب زادت من مخاوف أمن الطاقة مرة أخرى، ويجب على قادة أوروبا التوفيق في مجال تغير المناخ وأمن الطاقة، بناء على البصمة الكربونية لدورة الحياة والتكاليف، بعيداً عن «أيديولوجية الطاقة المتجددة» فقط.
وبيّـن الدكتور عدنان شهاب الدين أنه في إطار الاقتصاد الدائري للكربون، يمكن أن يوفر الهيدروجين النظيف ما بين 15 و20% من احتياجات الطاقة العالمية بحلول عام 2050، وهناك إمكانية أن تصبح منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا مورداً رئيسياً لما يصل إلى 50% من واردات أوروبا من الهيدروجين النظيف.
الحد من استهلاك الطاقة
وطالب مدير البحوث في «أوبك» بتوفير التمويل اللازم للتحول من الوقود الأحفوري إلى الطاقة النظيفة، عبر تشجيع الاستثمار الحكومي والخاص في قطاع الطاقة المتجددة، خصوصاً بعد اندلاع الحرب في أوكرانيا التي أثّرت في صادرات النفط والغاز الروسي، ما يعني الاستمرار في ارتفاع أسعار النفط الذي سينعكس سلبياً على قدرة الاستثمار في الطاقة النظيفة، مبيناً أن التغلب على ارتفاع أسعار النفط يتطلب الحد من الاستهلاك، خصوصاً في أوروبا، إلى جانب مساعدة الدول النامية في تحقيق التحول إلى الطاقة النظيفة والمتجددة والتقليل من الانبعاثات الكربونية، إضافة إلى الاستثمار الأمثل في الهيدروجين الأزرق والأخضر.
تحقيق الحياد الكربوني
وقال الدكتور فيليب أندروز ـ سبيد، زميل أول لدى معهد دراسات الطاقة في جامعة سنغافورة الوطنية: «إن معظم البلدان الآسيوية ستواجه صعوبات في تحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050 أو 2060، بسبب تصاعد النمو الاقتصادي وزيادة الطلب على الطاقة، بما فيها الوقود الأحفوري، وإن كان بكميات متناقصة، حيث يتسم النظام العالمي في مجال الطاقة بالتغير والتجزؤ، ومن شأن الطلب على المعادن بكميات كبيرة لدعم تحوّل الطاقة، أن يُحدث تحولاً في ميزان القوة من منتجي الوقود الأحفوري (البلدان والشركات) إلى منتجي المعادن، وإذا استمرت الاتجاهات الحالية، فستلتمس البلدان إمداداتها في هذه المعادن من المصادر المحلية أو القريبة أو الصديقة، وهذا من شأنه زيادة تقويض وتجزئة نظام الطاقة العالمي الآخذ في الضعف أساساً».
وشدد فيليب أندروز سبيد على أن استغلال المعادن لدعم تحول الطاقة سيؤدي إلى خلق مجموعة جديدة من التحديات البيئية؛ لأن الكثير من المعادن يتطلب عناية كبيرة لدى استخراجه ومعالجته، من أجل تحقيق معايير مرتفعة من حيث اعتبارات البيئة والسلامة، وقد بينت التجارب في الآونة الأخيرة، أن تلك المعايير لا يتسنى بلوغها في كثير من الأحيان، ما يخلف تبعات شديدة الضرر على البيئة وصحة الإنسان.
استغلال التكنولوجيا
ورأى الدكتور سبيد أن الاستثمار في الطاقة النووية عبر الاعتماد على مفاعلات المياه المضغوطة أكثر أماناً وسلامة من المفاعلات الضخمة، وهي مجدية على المدى المتوسط في تعزيز حلول الطاقة النظيفة، معتبراً الطاقة الشمسية واستغلال مياه المحيطات لتوليد الطاقة، سبل غير مجدية على المدى البعيد، فنحن بحاجة إلى زيادة استغلال التكنولوجيا لتحقيق مزيد من التوسع في مجالات الطاقة المتجددة المفيدة على المدى الطويل، إلى جانب ضرورة دعم المجتمعات المحلية للاعتماد على الطاقة المتجددة والحد من التغير المناخي، وتحقيق التحول الآمن في مجال الطاقة، فضلاً عن تعزيز خطط الاستغناء عن الوقود الأحفوري.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"