عن الانتخابات الرئاسية التركية

00:28 صباحا
قراءة 3 دقائق

بعد سنة بالتمام والكمال يتوجه الناخبون في تركيا لانتخاب رئيس جديد للجمهورية بالتزامن أيضاً مع انتخابات تشريعية تجري كل خمس سنوات.
وكان الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان قد انتخب عام 2018 ولمدة خمس سنوات، بعدما كان انتخب رئيساً في عام 2014 ولمدة خمس سنوات، تنتهي في عام 2019. لكن التعديلات الدستورية في عام 2017 أفضت إلى انتخابات رئاسية ونيابية مبكرة معطية رئيس الجمهورية صلاحيات شبه مطلقة.
في الأسبوع الماضي أعلن أردوغان أنه سيكون مرشح «تحالف الجمهور» لانتخابات الرئاسة. ومنذ الآن بدأ النقاش حول أحقية أردوغان في الترشح للرئاسة من جديد. ذلك أن التعديلات الدستورية لعام 2017 تقول إن الرئيس يمكن أن يترشح مرتين متتاليتين فقط. وهنا أردوغان كان قد ترشح وفاز عام 2014. ومن ثم ترشح وفاز عام 2018. وبالتالي لا يحق له الترشح للمرة الثالثة. لكن أردوغان يرى أن العد لعدد ولايات ترشحه يبدأ مع التعديل الدستوري عام 2017 وبالتالي يعتبر ترشيحه الآن «للمرة الثانية» وليس الثالثة وله بالتالي الحق في ذلك.
 الأرجح بنسبة شبه مؤكدة أن توافق المحكمة الدستورية على ترشح أردوغان للمرة الثانية خصوصاً أن زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض كمال كيليتشدار أوغلو لم يبد اعتراضاً على ترشح أردوغان.
 هنا تبدأ معركة الانتخابات الرئاسية والنيابية. المعركة بين الأحزاب على دخول البرلمان لها أهمية كبيرة، لكنها ليست حاسمة. فتعديل 2017 انتزع من البرلمان صلاحيته الأساسية وأعطاها إلى رئيس الجمهورية الذي بات بحكم الحاكم شبه المطلق. لذا فإن الأنظار تنصب على المعركة الرئاسية.
 تنقسم الساحة السياسية إلى ثلاث مجموعات مؤثرة:
*الأولى هي «تحالف الجمهور» بين حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية أي تحالف الإسلاميين والقوميين المتشددين.
*الثانية هي «تحالف الأمة» الذي يجمع «حزب الشعب الجمهوري» و«الحزب الجيد» أي تحالف العلمانيين والقوميين غير المتشددين. وفي فبراير/شباط الماضي، انضم إلى «تحالف الأمة» أربعة أحزاب هي: حزب الديمقراطية، والتقدم وحزب المستقبل، وحزب السعادة، والحزب الديمقراطي. والأحزاب الثلاثة الأولى إسلامية والرابع علماني. وأصبح يطلق على هذا التحالف «لقاء الستة» الذي بات تجمعاً علمانياً – إسلامياً- قومياً.
*أما المجموعة الثالثة، فهي «حزب الشعوب الديمقراطي» الكردي الذي يعكس المزاج العام لللأكراد في تركيا من أولئك الذين يؤيدون حزب العمال الكردستاني المحظور، إضافة إلى قوى يسارية مختلفة.
 «بطل» الساحة السياسية في هذه المرحلة هو استطلاعات الرأي. وتكاد تجمع الاستطلاعات على الصورة التالية:
«تحالف الجمهور» سينال 38 في المئة (30 لحزب العدالة والتنمية وثمانية لحزب الحركة القومية).
 «لقاء الستة» سينال نحو 46 في المئة (25 لحزب الشعب الجمهوري و15 للحزب الجيد وستة في المئة لمجموع أصوات الأحزاب الأربعة الصغيرة الأخرى).
وتعطي استطلاعات الرأي ما يقارب العشرة في المئة ل«حزب الشعوب الديمقراطي» الكردي.
 وتبقى نسبة تقارب الخمسة أو أكثر قليلاً لأحزاب صغيرة جداً لا يعرف بدقة لأي مرشح ستصب أصوات قاعدتها.
 إذا كان الرئيس رجب طيب أردوغان هو مرشح «تحالف الجمهور» فإن مرشح «لقاء الستة» لم يتحدد بعد. ومرشح «لقاء الستة» سيكون مرشحاً مشتركاً حول برنامج مشترك يعيد النظام البرلماني ويلغي النظام الرئاسي.
 ولا يعرف إن كان هذا المرشح سيكون أحد رؤساء أحزاب «اللقاء الستة» أم من خارجها. وأعلن اللقاء أنه لن يسمي المرشح المشترك إلا بعد التأكد من تاريخ إجراء الانتخابات لأنه يتخوف من لعبة إجراء انتخابات نيابية مبكرة.
 أما مرشح «حزب الشعوب الديمقراطي» فربما يكون رئيسه السابق المسجون منذ عام 2017 صلاح الدين ديميرطاش وربما يكون شخصاً آخر.
 في خريطة الاستطلاعات أعلاه سيكون للمعارضة فرصة كبيرة لنجاح مرشحها إذا اتفقت على مرشح واحد، وإذا التزمت قواعدها به. لكن إذا قرر «حزب الشعوب الديمقراطي» الانسحاب من المعركة وتأييد مرشح «لقاء الستة» فسيكون انتصارها مؤكداً. أما إذا منح الحزب الكردي أصواته لأردوغان وهذا مستبعد مبدئياً، أو بقي على الحياد، فإن الأوراق ستختلط مجدداً وتبقى النتيجة رهن الفرز النهائي.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

باحث ومؤرخ متخصص في الشؤون التركية .. أستاذ التاريخ واللغة التركية في كلية الآداب بالجامعة اللبنانية.. له أكثر من 20 مؤلفاً وعدد من الأبحاث والمقالات

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"