انهيار اقتصاد سريلانكا

00:11 صباحا
قراءة دقيقتين

في خطوة غير مستغربة، أعلنت سريلانكا انهيار اقتصادها بالكامل، بعدما عجزت الدولة عن القيام بمهامها الأساسية تجاه مواطنيها، وخروج الشعب باحتجاجات عارمة تطالب بتغيير حقيقي، ينتشل البلاد مما هي فيه من مآسٍ؛ إذ أصبحت الحكومة غير قادرة على شراء الوقود المستورد، بسبب الديون الثقيلة المستحقة على شركة البترول، ومعاناتها نقصاً في الوقود والغاز والكهرباء والغذاء والضروريات الأساسية، فضلاً عن تأثر السياحة التي تشكل نحو 10% من حجم الدخل القومي، بسبب تفجيرات أودت بنحو 250 شخصاً في عام 2019، وجائحة «كورونا» التي أغلقت بسببها دول العالم ومن ضمنها سريلانكا حدودها، إضافة إلى عدم التوصل حتى هذه اللحظة إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي بشأن تمويل يعوّل عليه على إنعاش البلاد، على الرغم من التشكيك بأن الديون الخارجية لن تكون حلاً، وستكون عبارة عن تخدير موضعي وستفاقم المشكلة على المدى المتوسط والبعيد.
 رئيس وزراء سريلانكا رانيل ويكرمسينغ، قال الحقيقة الكاملة، ولم يطلق لشعبه وعوداً بالنماء والرخاء؛ بل كان أكثر صراحة عندما أكد أمام البرلمان انهياراً كاملاً للاقتصاد، مؤكداً أن بلاده تشهد بوادر سقوط محتمل إلى الحضيض. 
 تصريحاته تزامنت مع إجراء حكومته محادثات مع صندوق النقد الدولي من أجل اتفاقية للحصول على أموال جديدة للدولة المفلسة؛ حيث تحتاج إلى 6 مليارات دولار في الأشهر المقبلة لدعم احتياطاتها، ودفع فواتير الاستيراد المتضخمة وتحقيق استقرار عملتها. 
 الأزمة لم تكن وليدة لحظة أو سنوات قليلة ماضية؛ بل إنها تأتي على إرث من فساد مسؤولين، يضاف إليها قرارات أضعفت يد الدولة، كخصخصة قطاعات واسعة في محاولة لتخليص البلاد من كبوتها. فالحكومة لم تستغل انتهاء الحرب الأهلية في 2009، وحصول الدولة على مساعدات دولية لبناء مؤسساتها؛ بل إنها تخبطت لتدخل في مشكلات عدة منها الصراع على السلطة، أوصلتها إلى ما هي عليه الآن.
 إضافة إلى ما تمر به من أزمات اقتصادية تقودها إلى الفشل التام، والعجز المزمن، فإن الشارع يمور؛ حيث خرجت احتجاجات كبيرة رافضة هذا المآل، لترد السلطات بفرض حالة الطوارئ العامة في كل أنحاء البلاد ونشر الجيش، وتدخل البلاد أيضاً في نفق مظلم على مستوى الاستقرار الأمني. كما أعلنت سريلانكا الطوارئ الاقتصادية كي تمنح السلطات لنفسها تفويضاً للسيطرة على مخزونات الأغذية الأساسية وتحديد أسعارها، لاحتواء الارتفاع الحاد في التضخم بعد انهيار العملة، وتباعاً تم تعيين جنرال سابق في الجيش مفوضاً للخدمات الضرورية بصلاحية مصادرة مخزونات الأغذية لدى التجار وتجار التجزئة وتنظيم الأسعار.
 الأوضاع في سريلانكا لا تبشر بخير على الصعد كافة، وتنذر بدخولها أزمة قد لا تستطيع الهروب منها لعقود مقبلة، بينما لو تم البدء في إصلاحات فوراً، على الرغم من أن ذلك حسب الظرف القائم مستبعد، فإن ذلك سيتطلب وقتاً، لكن الأهم فإن على دول المنطقة استخلاص العبر من هذه التجربة وعدم الانجرار إلى مآلاتها، ويبدو أنه بالفعل ثمة دول تسير نحو الهاوية كما سريلانكا.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"