المحروسة

00:01 صباحا
قراءة دقيقتين

مصر.. هذه الفاتنة التي ما إن تزور أرضها حتى تعشق كل ما فيها، وتزداد ولعاً بها مع كل زيارة، تسكن وجدانك، تخترق كل مسلماتك بلطف عجيب، فيها من الخصوصية ما ليس لغيرها، تمتلك من «الكاريزما» ما لا تمتلكه كثير من الدول، مهما يمر بها من صعود وهبوط تبقى مصر نبضاً لا يخرج إلا من القلب، وإحساساً خليطاً لا يتغير من الحب والشوق والمودة.
لم أزر مصر منذ ما قبل جائحة كورونا، وأزورها حالياً للمشاركة في الاحتفاء بالمفكر الراحل الكبير جابر عصفور عبر «الملتقى الدولي جابر عصفور.. الإنجاز والتنوير» والذي تنظمه مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية والمجلس الأعلى للثقافة في مصر المحروسة، وهو بلا شك احتفاء مستحق لرجل ساهم في العطاء الثقافي سواءً كمنجز إبداعي أو كعطاء عبر عمل وفكر إنجازي من خلال العمل المؤسسي في الجهات التي أدارها بكل اقتدار. أزورها اليوم لأجد مصر كما العهد بها، يخفق لها القلب ما إن تشم هواءها وتشاهد تقاسيمها وتمشي في طرقاتها وتزور معالمها، تسكنك وتمنحك ما لا تمنحك إياه غيرها من البلاد، تنشر الابتسامة مهما كانت معاناتها، شامخة مهما تكالبت عليها المشاكل، أصيلة بنبض تعلمنا حروفه ونحن صغار نتعلم تهجئة الحروف، ونتعلم معاني الكلمات، ثم ونحن ننهل المعرفة والفن والموسيقى والأدب من مبدعيها العظماء، ونحن نسرق الوقت لسماع أم كلثوم وعبدالحليم، نبحث عن كتاب لطه حسين وزكي طليمات، نحفظ قصائد أحمد شوقي وحافظ إبراهيم، ولا نجد أنفسنا إلا ونحن نهفو لها لنعرف الجديد البديع الجميل في كل مناحي الحياة الثقافية والأدبية والفنية، يأسرنا الشارع المصري ببساطته وطيبته وأريحيته التي تنبض من داخل إنسانها البسيط أو المثقف الكبير أو أطياف مكونها الاجتماعي المختلف والمتشعب. 
الوشيجة التي تربطنا بمصر لا تترك من طريق إلا لمحبتها.
مصر المحروسة حرسها وحفظها الله، لا تشكل فقط قلب العروبة النابض، بل هي وجهنا المضيء في وجه كل محاولات الاحتواء الدولي، بها نتحدى وبها نقاوم وبها ننهض. 
مصر قصيدة تخرج من القلب وتسكن القلب، نتغزل بها لأنها مصر التي عرفناها أطفالاً وشباباً وكباراً، شكلت تكويننا ولا نزال نلهج بحبها، بل نزداد هياماً بها. 
ولا نقول إلا مصر يا أم البلاد.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"