خواطر في أسرار العربيّة

00:04 صباحا
قراءة دقيقتين

هل للعربية أسرار حقّاً؟ هل للبلاغة أسرار؟ هل هذه من قبيل الأسرار التي يتحدث عنها المتصوّفة، فهي مجهولات غيبيّة؟ أم هي أسرار الكهّان قديماً، بينما هي معلومات ضحلة؟ أسرار العربية شيء مختلف.
أسرار العربية، ليست ظاهرات أسلوبيّة جماليّة، بدليل أنها من صنع الشعراء والكتّاب. وليست تقنيات بلاغيّة كالطباق والجناس والاستعارة والمجاز.. حتى نقول إن لأيٍّ كان أن يتعلمها ويقيس عليها. نحن أمام محاور علميّة نشأت من غير وجود علوم وعلماء. ما يفضي بنا إلى حقيقة أن ما وصفه اللغويون القدامى بأنه أسرار العربية، ليس هو أسرار العربية، أوّلاً لأنهم ألفوا فيها ونشروها، وثانياً، لأن ما لم يتعمّقوا فيه هو الأسرار التي قد تظل ألغازاً إلى الأبد.
هذا العمود يتناول موضوعاً سبق للقلم طرحه، لكنه هذه المرّة تنطبق عليه عبارة دور النشر: «نسخة مزيدة ومنقّحة»: كيف نمت اللغة من صيحات، إلى أن صارت نظاماً معقداً، من دون أن يكون لها جدول أعمال أو خطط تنموية أو برنامج؟ ما يدعو إلى الحيرة، هو أن نموّ اللغة ليس موازياً أو مزامناً لنمو في المدارك العقلية في مستوى منطق أو فكر أو علوم رياضية. في حين أن سهم النمو في علاقات المفردات، أي قواعدها، يوحي بخط تكاملي في المنطق: كيف نشأ الفعل والفاعل والمفعول؟ أمّا ما أضافه النحاة، ففيه تعقيدات وأوهام متخيّلة.
 تأمّل ما يقول ابن مضاء في كتابه «الردّ على النحاة»: «قصدي في هذا الكتاب أن أحذف من النحو ما يستغني النحويّ عنه، وأنبّه على ما أجمعوا على الخطأ فيه». فكّر مليّاً في: «ما أجمعوا على الخطأ فيه»، أجمعوا! هكذا تكلم ابن مضاء القرطبي. دعنا، فعلى المناهج أن تنشئ عصفاً فكرياً مع المجامع اللغوية.
لدى القلم مقترح يراه في غاية الأهمّية، وعلى علماء اللغة الأفاضل أن ينظروا في صحته أو سقمه، وهو أننا في حاجة، إضافة إلى ابن مضاء، إلى ابن مضاء جديد أيضاً، جريء باقتدار. قواعد النحو متوافقة جدّاً مع العربية في الجاهلية والقرون الإسلامية، الثالث والرابع... أطنان من الصيغ لا وجود لها اليوم. لماذا ندمّر أعصاب التلميذ؟: أعرب: «زيداً مررتُ به». هل يقولها لصديقه في الواتساب؟
لزوم ما يلزم: النتيجة الاحتمالية: كأن الموضوع يحتاج إلى استكمال بعض الأمور المهمّة.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"