مأساة أفغانستان مزدوجة

00:20 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

وكأن الفقر والجوع والمرض والفوضى والتطرف التي تحيق بأفغانستان منذ استيلاء حركة طالبان على السلطة في أغسطس (آب) الماضي لا تكفيها، فإذا بزلزال مدمر يضربها ويوقعها في كارثة إنسانية أدت إلى وفاة أكثر من 1500 شخص وإصابة 50 ألفاً آخرين وتشريد الآلاف وتدمير قرى بأكملها في منطقة فقيرة ونائية على حدود باكستان.
 المآسي تتناسل في أفغانستان، حيث تتعرض لحصار اقتصادي ومالي من جانب الولايات المتحدة، التي حجبت عنها سبعة مليارات دولار من الأموال الأفغانية المودعة لدى مؤسسات مالية أمريكية، سيتم تخصيص نصفها لعائلات ضحايا هجمات 11 سبتمبر، وذلك بموجب أمر تنفيذي وقعه الرئيس جو بايدن في شباط (فبراير) الماضي، في إجراء غير مسبوق بوضع اليد على أموال دولة أخرى. وهو إجراء يحرم الشعب الأفغاني من حقه، ويحمله مسؤولية جريمة لم يقترفها ولا علاقة له بها، إنما قام بتنفيذها تنظيم «القاعدة»، الذي أشرفت على ولادته وتدريبه وتمويله المخابرات الأمريكية لمقاتلة الاتحاد السوفييتي في أفغانستان.
 لم تصمد البيوت الهشة المبنية من طين أمام زلزال بقوة تزيد على 6 درجات، حيث دُفنت عائلات بأكملها تحت الأنقاض، ووجد الناجون أنفسهم في العراء بلا ملجأ أو طعام أو ماء أو معدات إسعاف أولية، وفي ظروف مناخية غير مألوفة حيث الشتاء والبرد، حتى إن الجرحى تم نقلهم إلى العاصمة كابول للعلاج، وأدت الأمطار إلى انزلاقات أرضية أبطأت وصول المساعدات، وألحقت أضراراً بخطوط الاتصالات والكهرباء.
 وكالات الإغاثة الدولية واجهت الكثير من الصعاب في الوصول إلى المنطقة المنكوبة، حيث أشار مسؤولو إغاثة إلى أن وصول الشاحنات المحملة بمواد الإغاثة استغرق أكثر من يوم انطلاقاً من كابول. وأعلنت منظمة الصحة العالمية عن تقديم عشرة أطنان من المعدات الطبية تكفي لإجراء 5400 عملية جراحية، وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس” إن المنظمة الدولية في حالة تأهب كامل لمساعدة أفغانستان”.
 بعض الدول تتذرع بوجود حركة طالبان في السلطة لعدم تقديم الدعم لمتضرري الزلزال، وذلك يتنافى مع أي عرف إنساني وأخلاقي، لأنه لا يجوز معاقبة شعب بأكمله بجريرة نظامه السياسي، أو السلطة الحاكمة التي تمارس بدورها إجراءات تتعارض مع أبسط حقوق الإنسان ضد شعبها.
 منظمة “أنقذوا الأطفال” الدولية تؤكد أن الوضع المأساوي يتعرض له الأكثر ضعفاً من المسنين والأطفال، وقدرت أن أكثر من 118 ألف طفل تأثروا بالكارثة.
 يذكر أن أفغانستان تعرضت لزلزال عنيف بقوة 6.5 درجة العام 1998 أودى بحياة خمسة آلاف شخص.
 توقفت عمليات البحث عن ناجين، لأن الأدوات البدائية التي تستخدم في الحفر لا تكفي، ولأن البيوت صغيرة ولا توجد أبنية تحتاج إلى جهد. لكن أفغانستان التي تعاني الأمرّين تحتاج إلى كل جهد دولي لإنقاذها.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"