هيمنة الدولار وصراع المركز الثاني

21:58 مساء
قراءة 3 دقائق

جيمي ماكجيفر *

هذه هي وجهة نظر اثنين من الخبراء العالميين البارزين في احتياطيات العملات الأجنبية وتدفقات رأس المال العالمية، وهما باري آيكنجرين وإسوار براساد، اللذين ظهرا في حلقة نقاشية لمعهد بروكنجز مؤخراً بعنوان: «مستقبل الدولار الأمريكي، وهل انتهت هيمنته على العالم؟».
اتفق الخبراء على أن وضع احتياطي العملات الأجنبية للدولار محمي من التحولات الحاصلة في التكنولوجيا والتجارة والجغرافيا السياسية العالمية بشكل أفضل من دوره الرائد كعملة في إصدار الفواتير أو وسيلة للصرف أو وحدة حساب.
باختصار، لا يوجد حتى الآن بديل قابل للتطبيق لأسواق رأس المال في الولايات المتحدة لمديري الاحتياطيات الذين يريدون ملاذاً آمنًا وسيولة لصناديقهم مع تحقيق عائد ثابت وكبير نسبياً في نفس الوقت.
قال إسوار براساد الأستاذ في جامعة كورنيل: «ما نشهده هو أن المعركة للظفر بالمركز الثاني قد تشتد، في حين سيظل دور الدولار مهيمناً». وأيد آيكنجرين الأستاذ في جامعة كاليفورنيا في تصريحات لرويترز بعد الجلسة الحوارية كلام براساد بالقول: «ستكون هذه وجهة نظري بالضبط»، لكنه لا يزال يؤكد توقعاته بتآكل هيمنة الدولار تدريجياً بمرور الوقت.
ووفقاً لصندوق النقد الدولي، بلغ إجمالي الاحتياطيات العالمية من العملات الأجنبية 12.9 تريليون دولار في نهاية العام الماضي، والتي عُرفت منها تركيبة العملة البالغة 12 تريليون دولار. كانت حصة الدولار الأمريكي 58.8%، وهي أقل حصة في 20 عاماً، انخفاضاً من حوالي 70% قبل عقدين. في المقابل، بلغت حصة اليورو حوالي 20%، ولم تتغير كثيراً عما كانت عليه قبل عقدين.
في بحث شارك في تأليفه في مارس/آذار بعنوان «التآكل الخفي لهيمنة الدولار.. البدائل النشطة وصعود عملات الاحتياطيات غير التقليدية»، وجد آيكنجرين أن ربع انخفاض الدولار على مدى العشرين عاماً الماضية كان على حساب اليوان الصيني، وباقي النسبة للعملات الاحتياطية غير التقليدية مثل الفرنك السويسري، والدولار الكندي والأسترالي، والوون الكوري الجنوبي. وتشير البيانات إلى أن هذه العملات تأخذ الآن حصة من اليورو أكثر من الدولار.
ضع في اعتبارك هذا، قبل عقد من الزمان، كانت حصة الدولار من الاحتياطيات حوالي 60%، وهي في الأساس نفس النسبة في العام الماضي. في حين بلغت حصة اليورو في عام 2009، قبل أزمة اليورو وأسعار الفائدة السلبية للبنك المركزي الأوروبي وتحفيز شراء السندات، رقماً قياسياً عند 28% من الاحتياطيات.
بلغت الحصة الإجمالية للعملات غير التقليدية العام الماضي، بما في ذلك الرنمينبي (اليوان)، حوالي 10% من الاحتياطيات العالمية، أو 1.2 تريليون دولار. لكن معظم ذلك تراكم خلال العقد الماضي، وهي الفترة التي انخفضت فيها حصة اليورو بشكل ملحوظ.
وأضاف آيكنجرين أن ارتفاع هذه العملات في إجمالي الحيازات يعكس إدارة ذكية للمحفظة الاستثمارية. وبصرف النظر عن الرنمينبي، فهذه العملات جذابة من وجهة نظر المخاطرة والمكافأة، ويمكن تداولها بسهولة مع بعضها البعض، عدا عن أن بنوكها المركزية تتلقى خطوط مقايضة الدولار من الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في أوقات الأزمات أو الطوارئ.
غطّت حلقة النقاش لمعهد بروكنجز أيضاً تجميد واشنطن وحلفائها الاحتياطيات الدولية لروسيا، والأسباب التي قد تجعل الدول تشعر بالقلق من زيادة حيازاتها من الرنمينبي أو اليوان الصيني، ولماذا قد لا ترغب الصين في رفع سعر الصرف الذي قد يجلبه مثل هذا التدفق.
وكما هو الحال دائماً، أثار ما تفعله أو لا تفعله بكين باحتياطياتها البالغة 3.2 تريليون دولار، التي يقدر 60% منها بأصول مقومة بالدولار، جدلاً حاداً. وعلى الرغم من أن الصين والولايات المتحدة تعيشان حالة «طلاق اقتصادي بطيء»، وفقاً لعضو اللجنة زاك باندل من بنك جولدمان ساكس، فإن الصين محاصرة بشكل أساسي عندما يتعلق الأمر باحتياطياتها النقدية.
ويشير براساد إلى أنه حتى لو أرادت الصين تنويع ولو جزء ضئيل من مقتنياتها بالدولار إلى اليورو أو الين أو الفرنك السويسري، فإن التدفق سيكون كبيراً للغاية بحيث يؤدي إلى ارتفاع ضار بصادرات هذه العملات.
نظراً لأن منطقة اليورو واليابان وسويسرا تعتبر اقتصادات أكثر انفتاحاً من الولايات المتحدة، فإن بنوكها المركزية تميل إلى شراء احتياطيات العملات الأجنبية المقومة بالدولار لتخفيف الضغط التصاعدي على عملاتها. وهذا من شأنه أن يوازن التنوع في الصين وقد ينتهي الأمر باحتياطيات الدولار في الارتفاع على أي حال. ومرة أخرى، يعود مصدر الأصول الآمنة والسائلة إلى الولايات المتحدة. وهنا قال براساد: «إذا كنت تريد البحث عن مكان يمكنك فيه تخزين مئات المليارات أو التريليونات من احتياطياتك اليومية الهائلة، فلا يوجد مكان آخر يمكنك الذهاب إليه سوى الدولار».

* كاتب في (رويترز)

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتب صحفي ومحلل مالي في «رويترز»

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"