فرحة لا تنسى

00:07 صباحا
قراءة دقيقتين

هي فرحة لا تنسى، أثرها يبقى في النفوس كما بصمتها الباقية أبداً في مسار الإنسان ومصيره. فرحة النجاح بتفوق وتميز في الثانوية العامة، تنقل الطالب إلى حيث يستطيع الإمساك بالحلم والتمسك به، تزيده عزماً وإصراراً على اختيار المستقبل الدراسي والتخصصي والمهني الذي يليق بوعيه وطموحاته، ويليق بالمشقة التي تكبدها أهله من أجل توفير كل ما يلزم لنجاحه، ويليق بفخرهم واعتزازهم به. 
مبروك لأوائل الصف الثاني عشر لا تكفي، ففي داخل كل منا رغبة في تهنئتهم شخصياً حتى ولو لم نكن نعرف أياً منهم.. الفرحة تنتقل إلينا مبشرة بميلاد جديد، وتصيبنا بالقشعريرة لأننا نعرف قدر هذا النجاح وكُلفته. 
حين نتحدث عن كُلفة نجاح الطالب لاسيما بدرجة تميز وتفوق، فلا نعني بالدرجة الأولى الكُلفة المادية، فهي ثانوية وتحصيل حاصل أمام الكُلفة المعنوية التي لا بد أن تثمر تفوقاً لدى الأبناء. حين تلغي الأم مشاريعها، وتغلق الباب على زيارات الصديقات والعائلات، وتتفرغ للبقاء في المنزل طوال فترة دراسة أبنائها قبل الامتحانات، وكأنها تحول البيت إلى معسكر للعلم فقط، حتى الأم العاملة تعرف كيف تنسق بين وظيفتها وساعات وجودها في المنزل من أجل رعاية و«حراسة» أبنائها، تبذل أقصى ما تستطيع في سبيل دعمهم، وفي قلبها تتمنى لو أنها تستطيع فعل ما هو أكثر، كي تضمن لهم الراحة الذهنية، ليتفرغوا للدراسة فقط ويحصدوا هذا التميز. 
كل أب يترك همومه المهنية وكل همومه مهما كانت ضخمة خارج باب بيته أيام الدراسة والمراجعة قبل الامتحانات وخلالها. يضحي من أجل هذه اللحظة التي تعوضه عن كل ضغوط الحياة ومشاكلها. 
كل بيت يعرف أهله أن مسؤولية نجاح الطالب هي مسؤولية مشتركة بينهم وبينه، وليست محصورة به فقط، وكل أهل يحاسبون أنفسهم أولاً ويلقون اللوم عليها في حال أهملوه، ولم يراعوا ظروفه قبل دخوله الامتحانات، كي لا تأتي النتيجة غير مُرضية، لا بد أن يخرج منه طلاب علم ومعرفة وشبان وفتيات يعرفون معنى وقيمة المسؤولية، ويتحملونها كاملة، هؤلاء الآباء والأمهات يقدمون للمجتمع أبناء يستطيعون بناء المستقبل وبناء الوطن، أياً كان التخصص الذي سيختارونه. 
مبروك للطلاب ومبروك لكل من رأى في ولده وابنته ثمرة طيبة يجب أن يعتني بها ويحميها عن قرب كي تزهر وتثمر وتكبر فيكبر بها ومعها، ويفخر بها المجتمع والوطن.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"