السلام لسوريا

00:06 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

لم يعد من الجائز وطنياً وقومياً وإنسانياً ترك سوريا تعاني نزفاً متواصلاً منذ عشر سنوات، وإبقائها رهينة صراعات إقليمية ودولية، فيما الشعب السوري يعاني إرهاباً وتهجيراً وفقراً ومرضاً وجوعاً، مع حصار اقتصادي جائر، بهدف فرض أجندات سياسية لا يريدها، وتتنافى مع قيمه وتاريخه وثقافته.
 إضافة إلى كل ذلك، فإن تواجد قوات أجنبية على الأراضي السورية بقوة الأمر الواقع بمعزل عن إرادة الشعب السوري، وبالتوازي مع الجماعات الإرهابية، يشكل عدواناً صارخاً على سيادته واستقلاله، ويعيق كل الجهود للتوصل إلى حل سياسي للأزمة.
 في مجلس الأمن، يوم أمس الأول، جددت الإمارات موقفها الثابت والمبدئي تجاه الأزمة السورية، ومعاناة الشعب السوري الشقيق، ودعوتها لضرورة تجاوز تحديات المرحلة الراهنة كافة، كي يتمكن من تحقيق السلام الذي طال انتظاره، وخلق واقع أكثر «استقراراً ومفعماً بالأمل للأجيال السورية الشابة». ورحبت بإصدار الرئيس السوري بشار الأسد عفواً عاماً بشأن الجرائم الإرهابية التي لم تفضِ إلى وقوع قتلى، والذي تم بموجبه الإفراج عن المئات من المعتقلين، واعتبرت هذا القرار «خطوة يمكن أن تشكل بادرة إيجابية وضرورية، يمكن البناء عليها، لدعم التوصل إلى سلام مستدام وحل جذري للأزمة السورية». جددت الإمارات موقفها الرافض لأي تدخلات أجنبية «حفاظاً على وحدة سوريا واستقلالها ووحدة أراضيها»، كما جددت رفضها «لأي تغيير ديموغرافي على الأراضي السورية».
 عندما تؤكد الإمارات هذه الثوابت، إنما تريد أن تعلن التزامها بأمن سوريا؛ كونه ركيزة أساسية من ركائز الأمن العربي، لأن أمن أي بلد عربي، يشكل امتداداً لأمن كل الدول العربية، وبالتالي لا بد من العمل بشتى السبل، لإخراج سوريا من أزمتها، وإنقاذ الشعب السوري من الواقع المرير الذي يعيشه من خلال تقديم كل أشكال الدعم له، من دون شروط، أو تسييس المساعدات الإنسانية لأهداف سياسية؛ حيث تفقد هذه المساعدات قيمتها ومعناها، وتتحول إلى عملية ابتزاز.
 كما يجب العمل على إيجاد المخارج الممكنة، للتوصل إلى حل سياسي حقيقي ومستدام، من خلال تفعيل القرار الدولي (2254)، ودعم جهود المبعوث الدولي غير بيدرسون من خلال اللجنة الدستورية التي يجب إخراجها من عنق التجاذبات الإقليمية، كي تتمكن من صياغة دستور جديد، يلبي تطلعات الشعب السوري بالحرية والكرامة والمساواة والعدالة، ويؤكد عروبتها، كونها قلب العروبة النابض، وهو دور لعبته عبر التاريخ، كما يؤكد الدولة المدنية المعاصرة الحاضنة لكل مواطنيها، والتي تتجاوز الطائفية والمحاصصة التي كانت سبباً في ما آلت إليه حال بعض الدول العربية من مآسٍ وويلات. 
 سوريا بحاجة إلى الأمن والسلام، وعلى الدول العربية مسؤولية أساسية في إنقاذها، وعدم تركها ساحة صراع للآخرين.
 لقد آن الأوان لتحرك عربي فاعل وحقيقي، لاستعادة سوريا إلى حضنها العربي، والتخلي عن منطق الإقصاء والحقد والضغينة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"