فجأة تحول التصوير إلى هوس في كل مكان وفي مختلف الظروف حتى تلك التي لا تحتمل ذلك، لكن وسائل التواصل والمحتوى حولت كثيراً من الناس إلى مراسلين يرصدون كل الوقائع مهما كانت خصوصيتها ولا يقيمون أي مراعاة لأصحابها بسبب هذا الهوس فانتقل التصوير إلى كل مكان ودون استئذان وخلال لحظات تجد تلك اللقطات قد عبرت العالم أو طالها التشويه وتركيب الموسيقى والمقاطع والمؤثرات وتم توظيفها لأهداف لا تطابق الواقع.
قبل أيام كنت أمام بداية (ضرابة) بين طرفين يدعي الأول أن الثاني قام بتصويره وهو يمارس عمله بدون إذن مصحوباً بتعليقات غير مناسبة وهو ما استنكره وطالب حذف التصوير مؤكداً أنه لا يرغب أن يكون مادة لهذا الشخص ينقلها وينشرها وهو ما رفضه المصور الذي يعتقد أن تصوير الأشخاص مباح ولا يحتاج إلى استئذان ولولا تدخل أصحاب الخير لتطورت المشادة إلى اعتداء متبادل بين الطرفين.
المشرع الإماراتي أنهى الجدل المتعلق بهذا الشأن في القانون الجديد لجرائم تقنية المعلومات؛ إذ تنص المادة (44) من المرسوم بقانون اتحادي رقم (34) لسنة 2021 في شأن مكافحة الشائعات والجرائم الإلكترونية على معاقبة كل من التقط صور الغير في أي مكان عام أو خاص بقصد الاعتداء على خصوصية شخص أو حرمة الحياة الخاصة أو العائلية للأفراد من غير رضا بالحبس الذي لا تقل مدته عن ستة أشهر والغرامة التي لا تقل عن 150 ألف درهم، ولا تزيد على 500 ألف درهم، أو بإحدى هاتين العقوبتين.
أمور كثيرة مرفوضة يعتقد البعض أنها مباحة ومنها تصوير الحوادث وتصوير الضحايا والموتى في تحدٍ صارخ يمسّ بشكل مباشر مشاعر ذويهم وإحساسهم لأن معظم الناس لا يودون رؤية أقربائهم في تلك الظروف التي تمثل ذكرى سيئة لهم ناهيك عن تبادل المقاطع المفجعة حتى لو كانت منقولة أو منتشرة ومنها الحادثة الأخيرة التي طالبت القيادة العامة لشرطة الشارقة بعدم تداول صورها ومقاطعها والتي تم الإعلان عن تفاصيلها قبل أيام، مؤكدة أنها ستتخذ الإجراءات القانونية حيال التصرف، غير المسؤول الذي لا يكترث بالحالة النفسية لعائلة المغدورة، ويتنافى مع القيم الإنسانية في المجتمع .
بيت القصيد هو احترام خصوصية الناس ومشاعرهم خاصة في ظروف دقيقة كالجرائم والحوادث التي تعرضهم لأذى نفسي كبير بينما لا يكترث كثيرون لذلك ويعتبرون ما يقومون به عادياً قام به كثيرون غيرهم، لكن يبدو أن كثيراً منهم تناسى القيم الدينية والإنسانية من فرط هذا الهوس.
دعوة إلى الجميع بتجنب تلك المواقف والسلوكيات ونبذ كل ما من شأنه إلحاق الأذى بالغير ومراعاة التصوير في الأماكن العامة والاستئذان وتقدير المواقف والتفكير ملياً في فائدة المحتوى المرسل والمتناقل.
عن الكاتب
المزيد من الآراء
مقالات أخرى للكاتب
قد يعجبك ايضا
