اجتماع بيروت وقمة الجزائر

00:14 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

الاجتماع التشاوري لوزراء الخارجية العرب الذي انعقد في بيروت، جاء في وقته من جهة الأوضاع الإقليمية والدولية، وحتى في ما يخص الشأن اللبناني، فالتحديات كبيرة أمام الإجماع العربي، وهناك قضايا كثيرة تتطلب تنسيقاً وتوافقاً، للتوصل إلى حلول وقواعد تحفظ الأمن القومي العربي في شتى الميادين.
أهم الأولويات التي تتصدر الاهتمام في هذه الفترة، تتصل بالأمن الغذائي العربي المتأثر بالأوضاع العالمية وتداعياتها السلبية التي تهدّد بنقص كبير في موارد الغذاء قد يصل إلى حافة المجاعة، كما هو الحال في الصومال، وهو تحدٍ يستوجب تكثيف العمل المشترك لتفادي الأسوأ. وربما يأتي توجّه الجامعة العربية إلى إعداد خطة حول الأمن الغذائي سيتم عرضها على الدول الأعضاء في سبتمبر المقبل، مؤشراً على اتخاذ قرارات مهمة في قمة الجزائر المرتقبة في نوفمبر المقبل.
هذه القرارات يجب أن تواكب التطورات العالمية والمستجدات الطارئة. ففضلاً عن أزمة الغذاء، هناك مشكلة المناخ التي تفرض نفسها، وتستوجب إجراءات فعالة على مستوى العمل العربي المشترك، كما أن هناك تحدي ارتفاع الأسعار والتضخم، الذي يتطلب أيضاً استراتيجيات جماعية تمكّن الأمة العربية من تجاوز هذه الضائقة الاقتصادية العالمية التي بدأت منذ ظهور جائحة «كورونا»، وزادتها حدة الأزمة الروسية الأوكرانية.
هذه المستجدات لم تكن مطروحة بحدة، قبل سنوات قليلة، ولكنها اليوم تتصدر الاهتمام وتمثّل عبئاً إضافياً على الجامعة العربية، فضلاً عن القضايا الرئيسية المزمنة التي يجب ألا تُسحب من دائرة الضوء، وأهمها القضية الفلسطينية التي تتطلب الآن، ربما أكثر من أي وقت مضى، دفعاً من جميع الأطراف من أجل التوصل إلى حل عادل يسمح بإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية، وفق «حل الدولتين»، كما يجب الضغط على الجانب الإسرائيلي لوقف التوسع الاستيطاني والتراجع عن انتهاك القانون الدولي في الأراضي المحتلة. 
وإلى جانب فلسطين، مازالت مسألة عودة سوريا إلى الجامعة العربية محل تجاذب، على الرغم من أن لمّ الشمل العربي يقتضي أن تعيد الجامعة العربية ترتيب بيتها، بمشاركة كل الدول الأعضاء، حتى يتسنى طي الصفحة السوداء التي خيّمت على الأمة في العقد الماضي، بفعل أوهام ما يسمى «الربيع العربي»، ونزعات التفتيت والتقسيم. وإذا كان هناك إيمان فعلي بالتضامن العربي، فيجب أن تكون قمة الجزائر المقبلة محطة تاريخية تسمح بالتأسيس لانطلاقة عربية جديدة، تعتبر بأخطاء الماضي، وتنخرط في مسارات المستقبل.
الاجتماع الوزاري في بيروت، كان أيضاً رسالة دعم للبنان بعد الصعاب الكبيرة التي واجهته في الفترة الماضية، وهو يتطلع الآن إلى تضامن أشقائه لتجاوز تحدياته السياسية والاقتصادية. ومما لا شك فيه أن الاجتماع سيكون له الأثر الطيب على الوضع اللبناني الداخلي الذي يجب أن يصفّي أزماته، ويرسم  بمشاركة جميع أبنائه  طريقه إلى الخلاص من إرث مشاكله المزمنة ليحقق الاستقرار والازدهار. ولأن لبنان يجب أن يخرج من النفق، فإن الاجتماع الوزاري العربي الذي استضافته بيروت، هو بداية الضوء؛ ويجب أن يكون كذلك.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"