تحديث الأنظمة الصحية

22:30 مساء
قراءة دقيقتين

د. لويس حبيقة*

تعرف منظمة الصحة العالمية، الصحة بمجموعة العوامل المترابطة الجسدية والذهنية والنفسية المؤثرة في حياة الإنسان. الصحة هي حق من حقوق الإنسان البدهية، وتتأثر بعوامل المناخ وتوافر وكُلفة الغذاء، كما بوجود القدرات الصحية الأولية. الصحة لا تفترض فقط غياب الأمراض والعاهات؛ بل هي أكثر بكثير. تحقيق المجتمع الصحي يتطلب مواجهة كل ما يؤثر سلباً في حياة الإنسان؛ بل يفترض أيضاً بناء مجتمع منتج حضاري روحي عاطفي وثقافي.

كشفت «الكورونا المتجددة» أموراً عدة كانت موجودة، لكن غير ظاهرة. تبين للرأي العام أن الأنظمة الصحية لم تكن فاعلة كما اعتقد المواطن حتى في الدول المتطورة. الضياع الظاهر في مواجهة «كورونا» كان عالمياً حتى في أمريكا وأوروبا. الأنظمة الصحية كانت ضائعة وغير مستعدة، مما سبب الكثير من الفوضى وضياع الوقت الثمين. أظهرت «كورونا» غياب وسائل الدفاع الفاعلة عن صحة الإنسان، فكان العالم ضعيفاً في المواجهة على الرغم من الاستثمارات الهائلة في القطاع الصحي. أظهرت «كورونا» أيضاً قوة شركات الأدوية وسيطرتها عملياً على القطاع الصحي العالمي من استشفاء وصيدلة وطب وغيرها، وأصبح العالم على ارتباط وثيق بما تقرره شركات «فايزر» أو «مودرنا» أو «استرا زينيكا» أو غيرها. كل ما بناه الاقتصاد العالمي على مدى عقود، تبين أنه ضعيف، فانهار كل شيء خلال سنتين. حلمنا اليوم هو تلقي اللقاح؛ بحيث نقوي شبكات الدفاع لدينا في مواجهة «كوفيد 19» الشرير.

هنالك نوعان من الأمراض؛ وهي المعدية وغير المعدية. نواجه اليوم الفيروس المعدي المتنقل بسرعة وسهولة في المنازل وما بينها، في المجتمعات والدول وما بينها. نواجه المرض المعدي الذي لا نملك حتى الآن السلاح الفاعل للقضاء عليه. يتعثر الاقتصاد العالمي ليس فقط بسبب الحرب الأوكرانية والتضخم التابع لها؛ بل أيضاً بسبب غياب الرؤية الصحية وعجز القطاع العام والمؤسسات الدولية عن معرفة الموضوع بكل جوانبه ومواجهته. مشكلة الأمراض المعدية أن مواجهتها لا يمكن إلا أن تكون عالمية، وهنا قلب المشكلة؛ حيث التعاون العالمي ما يزال ضعيفاً، لغياب السياسات المشتركة المناسبة والقدرات القوية والرغبة الواضحة والظاهرة.

هنالك تعثر في توحيد الجهود الدولية، بسبب الأنانيات الوطنية التي تضر في مواجهة مشكلة مشتركة معدية متنقلة كالكورونا. هنالك تحديات واضحة في توزيع المهمات ضمن القدرات المالية والتقنية والإنسانية. مشكلة توزيع النتائج من عناية ولقاحات تطرح نفسها، خاصة تجاه الفقراء والدول الفقيرة كذلك توزيع الكُلفة الباهظة على الحكومات. من ينسق؟ منظمة الصحة العالمية يظهر أنها غير قادرة على تحمل هذه المسؤولية، لأنها لم تبن أصلاً مع القدرات الكافية لمواجهة الكورونا وما يشبهها. هنالك ضرورة لتنسيق المعلومات التي تظهر أحياناً أنها متضاربة حتى لا نقول غير واضحة أو حتى غير صحيحة. أما من يرفض اللقاح حتى اليوم وهي نسب مرتفعة في دولنا الناشئة فهنالك دور تثقيفي يجب أن تقوم به منظمة الصحة، منعاً لتفشي الوباء بصورة أكبر.

*كاتب لبناني

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

​خبير اقتصادي (لبنان)

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"