عادي

العمولة.. حلال أم حرام؟

23:44 مساء
قراءة 3 دقائق
1
عارف الشيخ

د. عارف الشيخ

ليس كل إنسان باستطاعته أن ينجز ما يريد، أو أن يهتدي إلى ما يريد، ما لم يستعن بغيره من أهل السوق أو من أهل الصنعة أو من أهل البلد.

وليس كل الناس يخدمون من أجل الأجر والمثوبة عند الله تعالى، فمن الناس من يريد أن ينال أجرته في الدنيا قبل الآخرة، وربما كان هو في حاجة ضرورية، وعندئذ إذا دلّ أحداً إلى مبتغاه، أو قام بإرشاده إلى حيث يريد، انتظر منه أن يكرمه.

هذا المبلغ الذي يطلبه هذا الشخص، هو ما يسمى بعرف اليوم «العمولة» يأخذها من الشخص مقابل خدمته له.

وفي الشريعة الإسلامية يمكن أن تُسمى مثل هذه العمولة بالجعالة التي عرّفها الفقهاء بقولهم هي: عقد على منفعة يُظن حصولها، كمن يلتزم بجُعل معين لمن يرد عليه متاعه الضائع، أو دابته الشاردة، أو يبني له هذا الحائط، أو يحفر له هذه البئر حتى يصل إلى الماء، أو يُحِّفظ ابنه القرآن الكريم، أو يعالج المريض حتى يبرأ، أو يفوز في مسابقة كذا وهكذا.

والأصل في مشروعية العمولة أو الجعالة قول الله تعالى: «ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم»، الآية رقم 72 من سورة يوسف.

ولم يُجز بعض الفقهاء كابن حزم الجُعالة لما فيها من الجهالة؛ إذ قد يكون العمل مجهولاً، لكن الجمهور أجازوها للضرورة.

أما ابن حزم فقال: لا يجوز الحكم بالجعل على أحد، فمن قال لآخر: إن جئتني بعبدي الآبق فلك عليَّ دينار، أو قال: إن فعلت كذا وكذا فلك درهم، أو ما أشبه ذلك، فجاءه بذلك أو هتف وأشهد على نفسه: من جاءني بكذا فله كذا فجاء به، لم يقض عليه بشيء، ويُستحب لو وفّى بوعده، وكذلك من جاء بآبق فلا يقضى له بشيء.

إلا أن يستأجره على طلبه مرة معروفة، أو ليأتيه به من مكان كذا معروف، فيجب له عندئذ ما استأجره به.

أقول وللجمهور حجتهم؛ حيث إن الجعالة عقد من العقود الجائزة، إلا أنه لا يُشترط فيه حضور المتعاقدين كغيره من العقود، والله تعالى يقول: «يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود».. الآية رقم 1 من سورة المائدة.

واستشهدوا أيضاً بحديث اللديغ الذي رقي على قطيع من الغنم، والحديث هو: عن أبي سعيد الخدري، رضي الله تعالى عنه، أن ناساً من أصحاب النبي، صلى الله عليه وسلم، أتوا على حي من أحياء العرب فلم يقروهم (يضيفوهم)، فبينما هم كذلك إذ لُدِغَ سَيِّدُ أولئك، فقالوا هل معكم من دواء أو راق؟ فقالوا: إنكم لم تقرونا (تضيفونا)، ولا نفعل حتى تجعلوا لنا جُعلاً فجعلوا لهم قطيعاً من الشاء، فجعل يقرأ بأم القرآن ويجمع بزاقه ويتفل، فبرأ فأتوا بالشاء، فقالوا: لا نأخذه حتى نسأل النبي، صلى الله عليه وسلم، فسألوه فضحك وقال: وما أدراك أنها رقية، خذوها واضربوا لي بسهم. رواه البخاري ومسلم.

إذن، هذا الحديث دال أيضاً على جواز أخذ العجالة التي تعرف اليوم باسم العمولة، مع الأخذ في الاعتبار أنه لو يقدم خدمته لوجه الله تعالى من غير أن يأخذ شيئاً، لا شك أنه أبرك وأحوط، لأن العمل إذا تحول كله إلى الماديات، دخلته الشبهات وربما الحرام أيضاً.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"