أسئلة المليار العاشر

00:02 صباحا
قراءة دقيقتين

يحيى زكي

من المتوقع أن يصل عدد البشر في عام 2050 إلى 9.7 مليار نسمة، وهو رقم يثير الكثير من الأسئلة المرتبطة  في جزء منها  بعلم الاجتماع، وفي جزء آخر بقدرة موارد الأرض على الوفاء بمطالب هذا العدد الضخم من السكان، إضافة إلى قضايا مثل التلوث والاحتباس الحراري، فضلاً عن سؤال يطرحه الكثير من المفكرين: هل يسير التاريخ البشري نحو الأفضل مع هذه الطفرة؟.

خلال قرنين ونصف القرن من الزمان تضاعف عدد البشر نحو عشر مرات، فالإنسانية وصلت إلى المليار الأول في بدايات القرن التاسع عشر، ومع التقدم العلمي ومحاربة الأوبئة وثورات الغذاء نتيجة للهندسة الوراثية، ظل عدد سكان الكوكب يتضاعف، مع تحسن مختلف مناحي الحياة في التعليم والصحة، وتشكل قاعدة واسعة من الطبقات الوسطى في منتصف القرن الماضي، باستثناء المناطق الأفقر التي فشلت برامجها ومشاريعها التنموية لهذه الأسباب أو تلك.

لنعد إلى السؤال السابق: هل يسير التاريخ البشري نحو الأفضل مع هذه الطفرة؟ يبدو ظاهرياً أننا ابتعدنا عن أشباح نظرية المتشائم توماس مالتوس، الذي كان يتوقع أن الطفرات السكانية المتلاحقة ستصاحبها كوارث تتمثل في المجاعات، فموارد الأرض لن تستطيع أن تلبي تلك الطفرات، ولكن يبدو أن العلم تجاوز مالتوس، وتراجع رعب المجاعات إلى حد كبير.

إن سؤال: هل نتقدم نحو الأفضل أم لا؟ هو في الحقيقة سؤال ملتبس، فما هو المقصود بالأفضل؟ والذي ربما يختلف من مكان إلى آخر، فالبعض قد يرى الأفضل في تقدم علمي مبهر لا مثيل له، والبعض ربما يتمنّى مكاسب سياسية للبشر عامة، بينما سيكتفي بعض علماء الديموغرافيا في تعاطيهم مع الأفضل بتوافر الحد الأدنى من المقومات المادية التي تحقق الحياة الكريمة للإنسان.

تخبرنا معظم الإحصائيات  مثلاً  بأن معدلات التعليم ومؤشرات الصحة في معظم العالم، الآن، أفضل مقارنة بعقدين مضيا، وأن معدلات الفقر تتراجع، وإذا تورطنا في قراءة إحصائيات مستخدمي الشبكة ورواد «فيسبوك» و«تويتر»، سنجد أنفسنا أمام أرقام مليارية. البعض يوظف مثل هذه المعلومات لرسم صورة شبه وردية للعالم، مع تجاهل أي قراءة أخرى لهذه الطفرات، فارتفاع معدلات التعليم تخفي في داخلها مستويات مرتفعة من تعليم رديء، وتراجع معدلات الفقر ربما يعني في الحقيقة تراجع «الإحساس بالفقر»، لا الفقر نفسه، نتيجة لعدة عوامل، منها اختلاف نمط الحياة وفقاً لتغير التطلعات، أو انخراط الفرد في أكثر من عمل؛ الأمر الذي يعني أنه يحقق دخلاً جيداً ولكنه يعاني العمل الشاق، أو زيادة الإنفاق الاستهلاكي الذي يقتصر على السلع قصيرة الأمد، أو تقلبات المجتمع وعدم القدرة على تحديده في شرائح واضحة.

أما مسألة التلوث والاحتباس الحراري فتعيدنا  من باب آخر  إلى أشباح مالتوس، فهي ترتبط بالدرجة الأولى بالنشاط الصناعي الذي يتزايد طردياً مع الطفرة السكانية، ولا يمكن حسم السؤال الخاص بالتقدم، حتى من وجهة نظر المتفائلين، إلا بإجراءات ناجعة تتخذها مختلف الحكومات تجاه هذه المسألة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"