عادي

الفن.. حلم بلا قيود

23:27 مساء
قراءة دقيقة واحدة
2304

لم يغفل الفلاسفة الكلام عن مكانة الفن في الحضارة والحياة، فاكتفى هيجل بثلاثة مظاهر للحضارة هي الفن والدين والفلسفة، ورأى كروتشي أن هذه المظاهر أربعة: الفن والعلم والاقتصاد والأخلاق، ويلاحظ أن معظم ما وصلنا من تصنيفات قد بدأ بالفن باعتباره أول ما عرف الإنسان من مظاهر الحضارة، فقد رسم الإنسان قبل أن يكتب، وترنم بالنغم قبل أن يتكلم، ورقص قبل أن يمشي، هذا من ناحية طفولة البشرية، والفرد بالمثل عرف الفن قبل أن يعرف العلم.

في هذا الكتاب وعنوانه «ما وراء الفن» يؤكد د. أحمد حمدي محمود أنه في مرحلة الفن هذه ينطلق الخيال كأنه حلم بلا قيود تظهر في المراحل الأعلى، أي أنه لا يبالي هل تتوافق التجربة الفنية مع الواقع أو الحقيقة؟ فإذا رسم الفنان صورة لشخص، لا يهمه التشابه بين الصورة والأصل، فالتفرقة بين الحقيقي وغير الحقيقي، أو بين الواقعي وغير الواقعي تجيء متأخرة في تجارب مراحل أخرى، وحتى إذا استلهم الفنان الأحداث التاريخية، فإنه لا يتعمد ذكر وقائع مطابقة للوقائع الأصلية، وإذا حدث تماثل فإنه لا يجيء عرضاً.

من هذا يتضح أن الفن خيال صرف، والفنان غير مطالب بإصدار أحكام منطقية أو ينقل الواقع كما هو، وحتى في أبعد المذاهب الواقعية تطرفاً، فإن الفنان إذا دقق في نقل منظر من مناظر الطبيعة أو حاول استنساخه فإن ما يرسمه لا يزيد على رؤية من صنع خياله.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"