عادي

عذب الكلام

23:22 مساء
قراءة 3 دقائق
2301

إعداد: فوّاز الشعّار

لُغتنا العربيةُ، يُسر لا عُسرَ فيها، تتميّز بجمالياتٍ لا حدودَ لها ومفرداتٍ عَذْبةٍ تُخاطب العقلَ والوجدانَ، لتُمتعَ القارئ والمستمعَ، تُحرّك الخيالَ لتحلّقَ بهِ في سَماءِ الفكر المفتوحة على فضاءات مُرصّعةٍ بِدُرَرِ الفِكر والمعرفة. وإيماناً من «الخليج» بدور اللغة العربية الرئيس، في بناء ذائقةٍ ثقافيةٍ رفيعةٍ، نَنْشرُ زاوية أسبوعية تضيءُ على بعضِ أسرارِ لغةِ الضّادِ السّاحِرةِ.

التشبيه البليغُ ما حُذِفت منهُ الأَداةُ ووَجهُ الشبه، كقول أبي الطيّب:

إِذا الدَولَةُ استَكفَت بِهِ في مُلِمَّةٍ

كَفاها فَكانَ السَيفَ وَالكَفَّ وَالقَلبا

تُهابُ سُيوفُ الهِندِ وَهيَ حَدائِدٌ

فَكَيفَ إِذا كانَت نِزارِيَّةً عُربا

وقول البُحْتُرِيُّ في المديح:

ذَهَبَتْ جِدّةُ الشّتَاءِ وَوَافا

نا شَبيهاً بكَ الرّبيعُ الجَديدُ

ودَنَا العِيدُ، وَهوَ للنّاسِ، حَتّى

يَتَقَضّى، وأنتَ للعيدِ عِيدُ

دُرر النّظم والنّثر

سَل عن قديم هواي

بشارة الخوري (بحر الكامل)

سَلْ عَنْ قَدِيمِ هَوَايَ هَذَا الْوَادِي

هَلْ كَانَ يَخْفِقُ فِيهِ غَيْرُ فُؤَادِي

عَهْدُ اَلطُّفُولَةِ فِي الهَوَى كَمْ لَيْلَةٍ

مَرَّتْ لَنَا ذَهَبِيَّةَ اَلْأَبْرَادِ

إِذْ نَحْنُ أَهْوَنُ أَنْ نُحَرِّكَ سَاكِناً

فِي حَاسِدٍ أَوْ غَلَّةً فِي صَادِ

تَتَضَاحَكُ الزُّهْرُ النُّجُومُ لأدْمُعي

فِي جِيدِها فأخالها حُسَّادِي

أَنا مُذْ أَتَيْتُ اَلنَّهْرَ آخِرَ لَيْلَةٍ

كَانَتْ لَنَا ذَكَّرْتْهُ إِنْشَادِي

وسَأَلْتُهُ عَنْ ضِفَّتَيْهِ: أَلَمْ يَزَلْ

لِي فِيهِمَا أُرْجُوحَتِي ووِسَادِي

فَبَكَى لِي النَّهْرُ الْحَنُونُ تَوَجُّعاً

لَمَّا رَأَى هَذَا الشُّحوبَ الْبَادِي

ورَأَى مَكَانَ الْفَاحِمَاتِ بِمَفْرِقِي

تِلْكَ اَلْبَقِيَّةَ مِنْ جَذَىً وَرَمَادِ

بَرَدَى هَلِ اَلْخُلْدُ الَّذي وَعَدُوا بِهِ

إِلَّاكَ بَيْنَ شَوَادِنٍ وشَوَادِي؟

قَالُوا: تُحِبُّ اَلشَّامَ ؟ قُلْتُ: جَوَانِحِي

مَقْصُوصَةٌ فِيهَا وقُلْتُ فُؤَادِي

من أسرار العربية

في تَفْصِيلِ القَلِيلِ مِنَ الأشْيَاء: الثَّمَدُ والوَشَلُ: الماءُ القَلِيلُ. الغَبْيَةُ والبَغْشَة: المَطَرُ القَلِيلُ. الضَّهْلُ: المَاءُ القَلِيلُ. الحَتْرُ: العَطَاءُ القَلِيلُ. الجُهْدُ: الشَّيءُ القَلِيلُ يَعِيشُ بِهِ المُقِلُّ. اللُّمْظَة والعُلْقَةُ: القَلِيلُ الَّذِي يُتَبَلَّغُ بِهِ، وَكَذَلِكَ الغُفَّةُ والمُسكَةُ؛ قال الشاعر:

لا خَيْرَ في طَمَعٍ يُدْني إلى طَبَعٍ

وغُفَّةٌ مِنْ قَوامِ العَيشِ تَكْفِيني

الصُّوارُ والصِّوار:: القَلِيلُ مِنَ المِسْكِ؛ قال قيس:

إِذا لاح الصُّوار ذكرتُ ليلَى

وأذكرُها إِذا نَفَحَ الصُّوارُ

وفي تَقْسِيمِ القِّلَّةِ عَلَى أَشْيَاءَ تُوْصَفُ بِها:

مَاءٌ وَشَلٌ. عَطَاءٌ وَتِحٌ. مَالٌ زَهِيدٌ. شُرْبٌ غِشَاشٌ. نَوْمٌ غِرَارٌ.

وفي أوصاف الكثرة: ثَرْثَار: كَثِيرُ الكَلاَم. جُرَاضِمٌ: كَثِيرُ الأكْلِ. خِضْرَم: كثِيرُ العَطِيَّةِ. لَجُوج ولَجُوجَةٌ: كَثِيرا اللَّجَاجِ. امْرَأَةٌ نَثُورٌ: كَثِيرَةُ الأوْلادِ. فَرَس غَمْر وجمُوم: كَثِيرُ الجَرْي. عَيْنٌ ثَرَّةُ: وبَحْرٌ هَمُوم: كَثِيرا المَاءِ. سَحَابَةٌ صَبِيرٌ: كَثِيرَةُ المَاءِ.

هفوة وتصويب

تُستخدم كثيراً كلمة «أُستاذ» بمعنى المُعلّم والمُدرّس، وهي غيْرُ عربيةٍ، بلْ فارسيةٌ، وتعني الماهرَ في عَملٍ ما، أو العالمَ به، ولا علاقةَ لها بالتعليم؛ بل كان العربُ يستخدمون كلمة «المؤدِّب» أو «المربّي»، صفةً للمعلّم. ولم تردْ في الشعرِ أو الأدبِ القديم. وشاعَ استعمالُها بهذا المعنى في العهدِ العُثمانيّ.

وتردُ كثيراً عبارة «وقدْ لَعبَ دوراً مُهماً في شأن كذا..»، بمعنى فعله لأمر ما، وهي خطأ، والصّوابُ «أدّى دوراً». أمّا في التمثيل، فيُقال «مثّلَ دوراً جيداً..». لأنّ اللّعبَ، ضدُّ الجِدّ، ويُقال لكلّ مَنْ عَمِلَ عملاً لا يُجْدي: إِنما أَنتَ لاعِبٌ. واللُّعْبَةُ: التِّمْثالُ، وما يُلْعَبُ به. قال امرؤ القيس: تَلَعَّبَ باعِثٌ بذِمَّةِ خالدٍ وأَوْدى عِصامٌ في الخُطوبِ الأَوائل

من حكم العرب

الْعِلْمُ يُحْيي قُلوبَ المَيّتينَ كَما

تَحْيا البلادُ إِذا ما مَسّها المَطَرُ

والْعِلْمُ يَجْلُو العَمَى عَنْ قَلْبِ صَاحِبِهِ

كما يُجَلِّي سَوادَ الظلمةِ القمرُ

البيتان لابن عبد ربّه، يؤكّد فيهما أن العِلم حياة القَلْب من الجهل، ومِصْباح الأبصار من الظَّلمةِ، وقوَّة الأبدان من الضّعف؛ فهو كالمطر الذي يحيي الأرض اليابسة. والأنيسُ في الوَحْشة، والصاحب في الغُربة، والدّليلُ على السَّرَّاء والضَّرَّاء. 

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"