عادي
ربطها بأهداف التعليم واتجاهاته ضرورة ملحة

البرامج الصيفية.. أداة لمعالجة الفاقد التعليمي للطلبة

23:38 مساء
قراءة 6 دقائق

تحقيق: محمد إبراهيم
مع انتهاء العام الدراسي، وقدوم الإجازة الصيفية، تبدأ الأسر في إعادة ترتيب أفكارها والتخطيط لقضاء العطلة، فالبعض يفضل السفر لوطنه، وهناك من يختار وجهات متعددة للاستمتاع بالإجازة، ويفضل البعض الآخر البقاء داخل الدولة. وفي وقت ما زالت آثار كورونا تجوب العالم وعلى الرغم من عودة الطلبة لمقاعد الدراسة خلال العام الأكاديمي المنصرف إذ إن معظم المتعلمين في مختلف المجتمعات، يعانون نقصاً في المهارات والمعارف والعلوم بسبب تداعيات الأزمة.

أكد خبراء أن البرامج الصيفية أداة فاعلة لمعالجة الفاقد التعليمي لدى الطلبة خلال الإجازة، إذ تسهم في تأهيلهم لعام دراسي جديد، بمعارف وعلوم ومهارات تعلموها خلال العطلة الصيفية، وهنا تكمن أهمية ربط أهداف البرامج الصيفية بأهداف التعليم.

إدارات مدرسية قليلة، أوجدت خططاً ومعسكرات صيفية تعليمية، للارتقاء بمستويات الطلبة، وعلاج الفاقد التعليمي الذي يعانيه البعض، على الرغم من عدم انقطاعهم عن التعليم، لاسيما أبناء المرحلة الابتدائية، الذين يحتاجون دائماً إلى اكتساب المزيد من العلوم والمعارف والمهارات الجديدة. ويرى عدد من المعلمين أن البرامج الصيفية العلمية، بحاجة إلى تطوير مستمر، لتواكب المتغيرات التي يشهدها التعليم من عام إلى أخر، مؤكدين أن هناك شريحة طلابية كبيرة، تعاني تدني المستوى في بعض المواد الدراسية والمهارات، وهنا تكمن ضرورة تلك البرامج للارتقاء بالمتعلمين معرفيا ومهارياً.

أولياء أمور طالبوا باستمرارية البرامج الصيفية خلال الإجازة، وفق خطة ممنهجة ترتبط بشكل مباشر بعملية التعليم والتعلم، على أن تكون اختيارية بين الطلبة، لاسيما التي تعالج مهارات الطلبة والثغرات المعرفية التي قد تأتي نتيجة الفاقد التعليمي بمختلف مسبباته.

«الخليج» تناقش مع الميدان التربوي بمختلف فئاته، أهمية البرامج الصيفية الإثرائية ودورها في معالجة الفاقد التعليمي للطلبة، والارتقاء بمستوياتهم المعرفية والمهارية.

البداية كانت مع الخبيرة التربوية نور أبوسنينة التي شرحت ل«الخليج» مفهوم الفاقد التعليمي وأسبابه، إذ ترى أن أي خسارة معرفية أو مهارية للمتعلمين، أعاقت تقدم مهاراتهم تعد فاقداً تعليمياً، وينبغي التعاطي معها بجدية وفق خطط علاجية وبرامج متخصصة سواء خلال الدراسة أو في الإجازات الفصلية والصيفية.

وأفادت بأن جائحة كورونا أفرزت فجوات معرفية كبيرة بين المتعلمين، وأوجدت خسائر مهارية تعانيها المدارس في الوقت الراهن، مشيرة إلى أن الفاقد التعلمي يتراكم ويتفاقم بسرعة، ويختلف من متعلم لآخر، ومن مرحلة دراسية لأخرى، فضلاً عن أن مسبباته مختلف لا تعني التوقف عن التعلم فحسب، بل تشمل التسرب المدرسي والفجوة الرقمية بين المتعلمين.

مظاهر الفاقد

وفيما يخص مظاهر الفاقد التعلمي لدى الطلبة، قالت نور أبوسنينة إن هناك عدة مؤشرات نتعرف من خلالها أن الطالب لديه فاقد تعلمي، أبرزها تدني معدل التحصيل، لاسيما إتقان المعارف والمهارات الأساسية، وتراجع الدافع للتعلم، والتعثر في التعليم، والتأخير الدراسي، والرسوب المتكرر، وعدم الرغبة في العودة للمدرسة.

وأكدت أهمية إعادة بناء المعارف والمهارات الأساسية التي افتقدها الطالب، وتقييمها بشكل دقيق، وتوظيف أدوات قياس تربوية فعالة، وتخطيط تربوي ممنهج، وتزويد الفاقدين تعليمياً، ببرامج إضافية، يتم توظيفها خلال الدراسة أو في الإجازات، على أن تكون جذَّابة وفعالة، وتقدم من خلال معلمين متدربين ومؤهلين جيداً لهذه الفئة الطلابية، وقادرة على التعاطي معها بمهارة وحرفية.

9 مسارات

أفادت بأن هناك 9 مسارات لتقليص الفاقد التعلمي، إذ ينبغي على المدارس التركيز على تنمية وعي الطلبة وأولياء الأمور بأهمية التعليم، على اعتبار أن الهدف منه لا يكمن في نجاح الطلبة والحصول على شهادات تعليمية، وإنما إثراء عقولهم وخبراتهم بالمعرفة والمهارات وتمكينهم من توظيفها للنهوض بأوطانهم، فضلاً عن معالجة عوامل التسرب والرسوب، ووضع برامج تعويضية أو علاجية لمساعدة الطلبة الذين يحتاجون إلى دعم تعليمي إضافي، وتوفير بيئات تعليمية مناسبة، وتقليل تكدس الطلبة، وحل صعوبات التعليم، وتوفير فريق تعليمي قادر على التعامل مع عوامل الفاقد التعليمي، وتحفيز المتعلمين وتعزيز دافعيتهم للتعلم.

معالجة الفاقد

سماء عبد الغني.. باحثة دكتوراه، معلم ومدرب لغة إنجليزية للناطقين بغيرها بمدرسة المنار النموذجية للتعليم الأساسي ح 2 بنات - الشارقة، أكدت أن البرامج الصيفية تسهم بشكل كبير في معالجة الفاقد التعليمي للطلبة، ولكن عوامل نجاحها تتوقف على عاملين، الأول يحاكي مدى ملاءمة البرنامج لمستوى الطالب، والثاني يركز على دافعية الطالب ورغبته الفعلية في التعلم، فليس من السهل أبداً أن يطلب من أي طفل أن يقوم بالدراسة وقت العطلات المدرسية وخاصة أنه يرى أفراد الأسرة من الإخوة والأخوات يقضون الأوقات في الترفيه أو اللعب.

وهنا يأتي دور التربوي الخبير في إعداد مثل تلك البرامج بصورة مختلفة عن الطرق التقليدية لتجذب الطالب في صورة ألعاب تعليمية مصممة بشكل متقن وهادف لتحقيق نواتج التعلم المطلوبة، فضلاً عن الحافز الداخلي الذي يجب أن ينبع من وعي الطالب وبنوع المهارات المفقودة لديه ورغبته في التحسين والتطوير، بحيث تكون البرامج في قالب ترفيهي تعليمي يزيد من شغف الطالب لنبني معا ثقافة التعلم مدى الحياة واستدامة التعليم، مما يؤسس لاقتصاد معرفي قوي لأجيال المستقبل وتطلعات القيادة الرشيدة.

معارف ومهارات

وشددت على ضرورة الاهتمام بالعامل النفسي للطالب وطريقة إقناع ولي الأمر للأبناء بالالتحاق بهذه البرامج وتفادي مقارنته بغيره من أقرانه أو أحد أفراد أسرته والأفضل التركيز على جوانب التميز لدى الطالب وإكسابه ثقة في نفسه تؤهله لمتابعة البرنامج الصيفي بكل حماس وشغف للتعلم.

وأكدت أهمية التركيز على المعارف والمهارات الأساسية للتعلم الجديد من خلال الأنشطة التعلمية داخل الصف وخارجه، وربط المفاهيم العلمية بالحياة العملية، والتركيز على طلبة الصفوف الأساسية الأولى، واستثمار جزء من العطلة الصيفية وتفعيل «المدرسة الصيفية» لترسيخ المعارف والمهارات الأساسية بتوظيف التكنولوجيا بشكل فاعل وممنهج.

أهم البرامج

وحول فوائد البرنامج الصيفية، أفادت بأن الطالب قادر من خلالها على اكتساب مهارات إدارة الوقت بشكل تلقائي، نظراً للإطار الزمني الممنهج الذي يتبعه عند الخضوع للبرنامج، مما يمكن الطالب من وضع أهداف طويلة المدى، وفق خطة مدروسة موزعة بشكل مناسب على فترات العطلات، بمشاركة ولي الأمر أو المعلم الذي لديه دراية كافية بقدرات الطالب وقدراته المعرفية.

وقالت إن أهم البرامج التي يمكن أن يتم توافرها خلال الصيف برامج المهارات الأساسية في القراءة والرياضيات والبرمجة باعتبارها ضمن المهارات الأساسيات لجيل الألفية، أتذكر منذ عامين أطلقنا تحدي اللغات العالمي ضمن أنشطة مخيم المنار التقني المبادرة التي أسستها بمدرستي تحت إشراف عائشة الجسمي مديرة المدرسة، إذ ركزت على استغلال وقت العطلة الصيفية في تعلم لغات جديدة، فكان الإقبال الطلابي كبير جداً، حيث سجل أكثر من ألف مشارك لدينا ليس فقط لتعلم لغة واحدة؛ بل البعض سجل في أكثر من لغة جديدة، حيث إن البرنامج ركز على تقنيات الذكاء الاصطناعي، وأظهرت نتائج البرنامج نجاحات باهرة.

عوامل متنوعة

قال المعلمون «إبراهيم القباني، وريبال غسان العطا، شيماء محمد، عمرو علي، رشا المليجي، رشا جمعة»، إن هناك عوامل متنوعة تؤدي إلى الفاقد التعليمي، تتبلور في تدني وعي المتعلم وعدم قناعته بقيمة التعليم وأهميته، وتدني الثقافة في الأسرة وعدم الاهتمام بالمتعلمين، وكذلك قد يكون النظام التعليمي والمدرسة أحد مسببات الفاقد التعلمي، لتدني جودة العملية التعليمية، وضعف فاعلية أساليب التعليم، فضلاً عن العوامل الطارئة وتشمل الاضطرابات، وانتشار الأمراض، وحدوث الكوارث والأزمات بأنواعها، لاسيما التي يرافقها توقف المدارس والعملية التعليمية لفترات طويلة، كما كان الحال خلال جائحة كورونا.

وأكدوا أهمية ربط البرامج الصيفية العلمية، بالعملية التعليمية، لتحقيق الاستدامة المعرفية ومعالجة الإشكاليات المهارية والتعليمية لدى المتعلمين، سواء كانت فاقداً تعليمياً أو افتقاراً في المعارف والعلوم والمهارات، فضلاً عن تخصيص معلمين ومعلمات مؤهلين لتطبيق هذه البرامج باحترافية ومهارة تحاكي احتياجات الطلبة الفعلية.

ضعف معرفي

وفي وقفة معهم أكد عدد من أولياء الأمور «إيهاب زيادة، مني عبد الله، وهيا غالي، وسامي الكومي»، حاجة الطلبة إلى برامج صيفية تعليمية متنوعة، تركز على معالجة الضعف المعرفي لدى الأبناء، وتحاكي ميول واحتياجات الفعلية الطلبة في المرحلة الابتدائية بشكل خاص، وتبحث في مهارات المتعلمين واتجاهاته التعليمية، إذ إن البرامج الصيفية تمكّن الطالب من الارتقاء المعرفي وتنمية مهاراته ومعالجة ما فقده من علوم ومعارف خلال العام الدراسي.

وأشاروا إلى أهمية تنوع تلك البرامج بين التربوية والثقافية والاجتماعية والتكنولوجية، لتمكين الطلبة من الاستفادة خلال الإجازة الصيفية والاستثمار في أوقات فراغ الأبناء وتلبية احتياجاتهم ورعايتهم، فعلى المدارس وضع خطة مناسبة لتطبيق تلك البرامج وتقسمها بشكل احترافي ومهني، لتكون هادفة تعالج إشكاليات الأبناء المعرفية والمهارية.

وأفادوا بأن أهم مميزات البرامج الصيفية تكمن في قدرتها على اكتشاف مهارات الأبناء المختلفة وملء وقت فراغهم وتنمية روح التعاون والمشاركة والنظام، مما يسهم في تحفيز الطلبة وتعزيز دوافعهم نحو التعليم وحب المدرسة والتعليم.

  • أولياء أمور: تعالج فجوة المهارات وتسد ثغرات معرفية للأبناء
  • معلمون: تحتاج لتطوير مستمر واستدامة لمواكبة المتغيرات
  • تربويون: أبناء «الابتدائية» الأكثر احتياجاً لاكتساب المهارات

أندية رياضية
بادرت بعض الأندية الرياضية داخل الدولة، بتفعيل البرامج الصيفية التي تستهدف الطلبة رياضياً وثقافياً وتعليمياً ومعرفياً ومهارياً، إذ ينظم نادي مليحة الثقافي الرياضي مجموعة من البرامج الصيفية المتميزة لاستقبال الطلبة خلال شهر يوليو، حيث تقام تحت مظلة مجلس الشارقة الرياضي، لتكون منصة فاعلة لاستثمار أوقات النشء والشباب.

استعادة التعليم

أطلقت اليونسكو واليونيسف والبنك الدولي مهمة مشتركة بعنوان «استعادة التعليم» وتستهدف الحد من الفاقد التعلمي في ظل جائحة كورونا، إذ ركزت على ثلاث أولويات، تتمثل في عودة الطلبة إلى مدرسة آمنة وداعمة، واستعادة فقدان التعلم، إعداد المعلمين وتمكينهم.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"