عادي

بعد هروب رجاباكسا.. أصوات الضحك والموسيقى تصدح في مقر الحكم السريلانكي

19:53 مساء
قراءة 3 دقائق

كولومبو: (أ ف ب)

تحوّل القصر الرئاسي السريلانكي الذي بُني في الحقبة الاستعمارية، وشكّل على مدى أكثر من مئتي عام رمزاً للسلطة، الأحد، إلى مقر يجسد «سلطة الشعب» بعد فرار الرئيس جوتابايا رجاباكسا.

ويتدفّق آلاف الرجال والنساء والأطفال إلى المجمع الرئاسي، ويتنظرون دورهم للجلوس على كرسي الرئيس، في الطابق العلوي، في حين يلهو الأطفال وذووهم بالبيانو الكبير في الطابق السفلي. وفي حديقة القصر التي تحمل تسمية «جوردن جاردن»، تناولت عائلات الغداء، في حين تأمل رهبان الأرضية الرخامية ونظام التكييف المركزي.

وقال الراهب سري سوميدا الذي قطع مسافة 50 كيلومتراً لزيارة القصر للمرة الأولى في حياته: «عندما يعيش القادة في مثل هذا الترف، لا تكون لديهم أدنى فكرة عن معيشة عامة الناس». وتابع: «هذا الأمر يظهر ما يمكن أن يحصل حين يقرّر الناس أن يمارسوا سلطتهم».

تحركات احتجاجية

وسريلانكا التي كانت في الماضي قوة اقتصادية كبيرة، تواجه أزمة غير مسبوقة، مع تضخم مفرط ونقص حاد في المواد الأساسية على غرار الأغذية والوقود والأدوية. ومنذ أشهر تنظّم تحركات احتجاجية للمطالبة بتنحي راجاباكسا الذي يعد جزءاً من منظومة قوية تهيمن على الحياة السياسية في البلاد.

وفرّ راجابكسا البالغ 73 عاماً من القصر الرئاسي، السبت، عبر المدخل الخلفي بحماية عسكرية. وحصل ذلك قبيل اقتحام عشرات آلاف المحتجين البوابات الحديدية للقصر على الرغم من انتشار عناصر الأمن المسلحين، متسلحين بقنابل الغاز المسيل الدموع وخراطيم المياه.

والأحد، كان الرئيس موجوداً على متن سفينة حربية، وقال إنه يعتزم التنحي، الأربعاء، في وقت كان فيه حراس القصر المدجّجون بالأسلحة موجودين في باحاته وأروقته يخالطون الزوار الجدد، ويسمحون بصور «سيلفي» معهم.

لوحات فنية

وسادت أجواء مرحة وسط مسارعة العائلات لالتقاط الصور أمام لوحات باهظة الثمن، أو أعمال فنية لا تزال معروضة. وعلى لافتة مكتوبة بخط اليد علّقها نشطاء جامعيون عند مدخل أحد ممرات القصر يمكن قراءة: «لا تلحقوا الضرر باللوحات الفنية، ليس غوتابايا من رسمها».

وبعيد اقتحام المحتجين القصر الرئاسي، غطس كثر منهم في حوض السباحة، لكن الأحد، أصبحت المياه متّسخة.

وقاد بوديكا جوناتيلاكا البالغ 46 عاماً، دراجته النارية انطلاقاً من إحدى ضواحي كولومبو، لزيارة المقر الضخم الذي بقي طويلاً خارج متناول عامة الشعب. وقال جوناتيلاكا: «استخدمت الوقود الذي كنت وفّرته للمجيء مع زوجتي؛ لأن فرصة زيارة أهم مقر إقامة في سريلانكا لن تتكرر».

لكن آثار الاشتباكات لا تزال بادية. ففي الممر القصير المؤدي إلى القصر، يمكن رؤية خرطومي مياه ملقيين على الأرض، كما يمكن مشاهدة آثار الرصاص على الجدران بعدما كان جنود أطلقوا النار، السبت، في محاولة لردع المحتجين.

وفي مكاتب الرئاسة المجاورة التي تضم مكتب راجابكسا، حطم محتجون السياج الحديدي، واحتلوا الباحة الرئيسية.

لن نغادر

وقالت تشاماري ويكريماسينغ وهي أم لابنتين: «أزور المخيم الاحتجاجي كل يوم، ولن أقلع عن ذلك إلى أن يغادر جوتبايا المنصب فعلياً». وقالت في باحة مكاتب الرئاسة: «لن نغادر هذا المكان» الذي بقي حتى عام 1982 مقر البرلمان الوطني، مضيفة أن «التعهّد بالتنحي في 13 من يوليو/تموز لا يكفي. عليه أن يتنحى الآن».

وقال أمين المكتبة سوبون جاياويرا البالغ 33 عاماً، إن المحتجين يعرضون نحو ثمانية آلاف كتاب للمطالعة باللغات السنهالية والتاميل والإنجليزية، معرباً عن أمله أن يقرأها الزوار. وأوضح أن هذه الكتب هي عبارة عن تبرعات من سكان يدعمون النضال.

وعلى السلالم المؤدية إلى المقر السابق للبرلمان المطل على المحيط الهندي، كانت عائلات تستمتع بتمضية النهار. وعمد متطوّعون إلى تقديم الطعام للمحتجين، ولعناصر القوى الأمنية.

وكان أحد الطلاب يستقبل الزوار بأناشيد مناهضة لراجابكسا، مع تدفّق الحشود إلى المقر، على الرغم من النقص في الوقود الذي أجبر خدمات النقل المشترك على التوقف عن العمل.

وقال جوناتيلاكا: «آمل أن يشكل ما حصل، السبت، تذكيراً لسياسيي المستقبل بأن قمع الشعب لا يمكن أن يستمر إلى الأبد».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"