عادي

يان نيرودا.. مؤرخ الأحياء الفقيرة في براغ

22:32 مساء
قراءة دقيقتين
3

أسست مجموعة يان نيرودا «حكايات من براغ»، لتيار الواقعية في الأدب التشيكي، وتدور أحداثها في حي صغير بمدينة براغ، ونتعرف من خلالها إلى المؤثرات الاجتماعية وذكريات الطفولة، التي تركت أثرها في الروائي والشاعر التشيكي الذي تأثر به واحد من أهم شعراء القرن العشرين وهو بابلو نيرودا.عاش نيرودا مع والديه في ذلك الحي، حيث قضى طفولته وشبابه، وبلغت قدراته الإبداعية ذروتها، فكان يعرف الحي بحاراته وأزقته وبيوته، ويعرف بالتفصيل حياة مواطني هذا الحي، وكتب عنهم ثلاث عشرة حكاية، صدرت في البداية منفصلة في مختلف المجلات الأدبية، ثم جمعها في عام 1878 في كتاب صدر بعنوان «حكايات مالاسترانا».

لم يكن هذا الحي في القرن التاسع عشر هدفاً للبرجوازية، بسبب موقعه الجغرافي المغلق، وعلى الرغم من ذلك لم ينج من أحداث عاصفة، فقد ظهرت من حوله مناطق صناعية، ومعها ظهرت طبقة عمالية، فاندلعت في براغ أول احتجاجات شعبية عام 1844 عندما كان نيرودا في العاشرة، وبعدها بأربعة أعوام أصبح شاهداً على أحداث، دفعت بالشعب التشيكي إلى الدفاع عن هويته وحقه في اختيار من يمثله.

خلّفت تجربة الطفولة الفقيرة الصعبة آثاراً كبيرة في نفس نيرودا، ورسمت له صورة ظهر فيها أن رخاء البعض، يتم على حساب إفقار آخرين، فقد رأى وعايش ذلك الصبي الصغير ذو الملابس الرثة، إذلال الأثرياء وتحقيرهم له، وكتب أول قصة بعنوان «كان وغداً».

عاش نيرودا فترات عاصفة في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، ما ألقى بظلاله على أعماله التي تحولت إلى منصة لدعم حق الشعب التشيكي في الحرية، بدءاً من أول مجموعة شعرية له «زهرة المقابر» وصدرت عام 1857 إلى مجموعة «أناشيد الجمعة» التي صدرت عام 1896 بعد موته، فقد أيقظ ارتباط نيرودا بالطبقة المتوسطة في نفسه التعاطف مع المهمشين.

غاص نيرودا في أعماق المجتمع التشيكي، فلديه كتاب «دراسات مختصرة ومختصرة جداً» يسلط فيه الضوء على حالة الفقر والمهانة، التي يتعرض لها المواطن التشيكي، ويكشف عن أسبابها، ولديه قصة «الصعاليك» التي كتبها عن عمال السكك الحديدية، ويصف فيها حياة العمال الذين يمهدون الطرق.

كتب نيرودا معلقاً على مجموعته «حكايات من براغ»: «نيرودا لا يكتب إلا عن الطبقات الدنيا في المجتمع، الفئات الاجتماعية مرهفة الحس، الطبقات التي تُعلي من الحقيقة، وتفضلها على أي كذب براق».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"