ونوّس.. وثلاثيــة رضوى

00:04 صباحا
قراءة دقيقتين

د. حسن مدن

قبل أيام تحدثنا عما يجمع بين تجربتي الراحلين سعدالله ونوس ورضوى عاشور، وتوقفنا خصوصاً عند تجربتيهما المتشابهتين مع المرض، وكيف واجهه كل منهما بالكتابة، ونعود اليوم لمقاربة المشتركات بين الاثنين من زاوية أخرى توقف عندها الناقد والمفكر محمود أمين العالم في دراستين نقديتيّن تناول فيهما مسرحية ونوّس «منمنات تاريخية» والثلاثية الروائية لرضوى: «غرناطة، مريمة، الرحيل».
في مطلع قراءته لثلاثية رضوى رأى العالم أنه لم يكن اعتباطاً أن «دار الهلال» أصدرت في شهرين متتاليين، مارس، إبريل 1994 مسرحية «منمنات تاريخية» و«غرناطة»، الجزء الأول من ثلاثية رضوى، ففي ذلك ما يشبه «متتالية أدبية واحدة»، فالمسرحية والرواية على السواء تُعبران وبوعي تاريخي كبير وابداع فني عن «لحظة مأساوية في تاريخنا العربي المعاصر نعيشها ونعانيها».
وأذكر أن رضوى عاشور قدّمت محاضرة في معرض الشارقة الدولي للكتاب بعد صدور روايتها، كان عنوانها «لكلٍ غرناطته»، وقفت فيها عند المعنى الذي قصده العالم في مطلع قراءته للرواية، فلم تكن غايتها من تناول موضوع الأندلس العودة إلى التاريخ بحد ذاته، وإنما قراءة الحاضر من عدسة التاريخ.
من قرأوا العملين، منمنات سعد الله ونوس وثلاثية رضوى، يعرفون أن ونوس تناول غزو تيمورلنك بلاد الشام على أنقاض مدن وقرى وأهرامات من الجثث والجماجم العربية، أما رضوى فتتناول في الرواية تفكك الحضارة العربية الإسلامية في الأندلس وتتساقط منائرها ومنابرها تحت أقدام القشتاليين، وإذ لاحظ العالِم أنه يغلب على حواريات المسرحية الطابع التأملي الفكري دون أن ينال هذا من قيمتها الجمالية الرفيعة، فإنه يغلب على سرد الرواية «الطابع الواقعي الذي ينبض في كثير من الأحيان برفيف شعري جميل رغم مأساويته»، حتى أن هذا الرفيف ذكّر العالِم ببقايا قراءة قديمة لديوان «مجنون إلسا» الذي كرّسه الشاعر الفرنسي لويس أراجون لمجد الحضارة العربية في الأندلس ومحنتها.
ما أحوج دراساتنا النقدية اليوم لهذا النوع من المطالعات التي تمسك بما هو مشترك في الأعمال الإبداعية، وقراءته لا في السياق التاريخي وحده، وإنما في صلته بما حولنا من تحوّلات.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتب من البحرين من مواليد 1956 عمل في دائرة الثقافية بالشارقة، وهيئة البحرين للثقافة والتراث الوطني. وشغل منصب مدير تحرير عدد من الدوريات الثقافية بينها "الرافد" و"البحرين الثقافية". وأصدر عدة مؤلفات منها: "ترميم الذاكرة" و"خارج السرب" و"الكتابة بحبر أسود".

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"