«كورونا» والجوع يفتكان بالمجتمعات

00:06 صباحا
قراءة دقيقتين

سلطان حميد الجسمي

لم يكن العالم مستعداً لكارثة جائحة كورونا، فقد انتقل الوباء في غضون أيام من الصين إلى العالم، وقد خلّف هذا الفيروس الملايين من الضحايا حول العالم، سواء من الوفيات أو المصابين كما أنهك العالم اجتماعياً واقتصادياً، وتركت تداعياته أزمات أخرى مثل الجوع والفقر بدأت تطرق أبواب كثير من الدول، على الرغم من تلقي هذه الدول الإعانات والمساعدات من المجتمع الدولي. فأزمة الغذاء والجوع أصبحت اليوم من الأزمات الأكثر فتكاً وسرعة في الانتشار مع الجائحة. فتداعيات الجائحة أخضعت كثيراً من الدول، وأجبرتها على الوقوع في براثن الفقر والجوع، وخلقت كارثة في الأمن الغذائي كما هو الحال في سيريلانكا، والتي أعلنت حكومتها إفلاس الدولة، وأصبح الملايين من سكانها محاصرين ما بين أزمة الجائحة وأزمة الجوع، وأصبحت الدولة خارجة عن السيطرة.

  تطورت الأزمة السيريلانكية بشكل كبير وسريعاً بعدما أعلنت الحكومة حالة طوارئ اقتصادية بسبب إفلاس الدولة، وقد منحت الجيش السلطة لضمان بيع المواد الأساسية للشعب مثل الأرز والسكر وغيرهما، وذلك في محاولة للتخفيف من أعباء الحياة السيئة التي يمر بها الشعب السيريلانكي بسبب النقص الحاد في المواد الأولية الأساسية الغذائية وارتفاع الأسعار، لكن من دون جدوى. فقد خرجت الأمور عن السيطرة، على الرغم من أن المؤشرات  لحدوث هذه الكارثة موجودة منذ سنوات عدة، لكن لم تكن الدولة أو المجتمع الدولي جادين في إيجاد حلول تنموية لإنقاذ هذا البلد من هذه الكوارث التي سوف تنهش الشعب السيريلانكي لسنوات عدة، ولن تكون العواقب سهلة أبداً، ولن يتم تجاوزها إلا بمساعدة جدية من المجتمع الدولي لإنقاذ سيريلانكا من هذه الأزمة قبل أن تنتشر وتستفحل وتطال الدول المجاورة وكل الدول الفقيرة في آسيا وإفريقيا وأمريكا الجنوبية. 

  وللأسف يواجه المجتمع الدولي غير وباء كورونا، الحرب الروسية الأوكرانية وتداعياتها؛ حيث يواجه العالم أزمة غذاء جراء الخلل في سلاسل توريد القمح من البلدين، وأيضاً جراء العقوبات الغربية المفروضة على روسيا.. وهذا يطل علينا الجوع كمارد ينبثق من قمقمه، ليهدد العالم أجمع.

   تصرخ المنظمات الدولية سواء التابعة للأمم المتحدة أو منظمات الهلال الأحمر والصليب الأحمر وغيرها بأن الجوع والفقر أصبحا أكثر فتكاً اليوم بالمجتمعات، وحان الوقت لتكاتف الجهود لمحاربة هاتين الآفتين اللتين تهددان بالانتشار على مساحة العالم. وقد أظهرت نتائج بيانات المنظمات الإنسانية للأمم المتحدة بأنه كان هناك حوالي 276 مليون شخص ما قبل الحرب الروسية الأوكرانية يعانون بالفعل الجوع الحاد على مستوى العالم. أما الآن، فيتوقع البرنامج أن يرتفع هذا العدد إلى 323 مليون شخص خلال عام 2022، وهذه الإحصاءات والبيانات مقلقة جداً للمجتمع الدولي، وهي تشير إلى أن العالم على حافة كارثة فعلية إذا لم يتخذ المجتمع الدولي أية مبادرات جدية وحقيقية لإنقاذ الدول الأكثر تعرضاً للفقر والجوع، وصياغة استراتيجية عالمية لمعالجة هذه الأزمة من جذورها، في محاولة لإنقاذ الكوكب من كوارث حقيقية.

ولذلك أصبح التعاون والاستثمار في محاربة الجوع أكثر إلحاحاً وضرورة لكي يعيش العالم بأمن وسلام واستقرار.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي وكاتب في المجال السياسي

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"